مكروهات الصلاة

معلومٌ أنّ أداء الصلاة في وقتها مع الحرص على أركانها وسننها والخشوع فيها من أحبّ الأعمال إلى الله -تعالى-، وعلى المسلم أنْ يحرص على تجنّب فعل أيٍّ من مكروهات الصلاة حتى لا ينقص أجره ويقلّ ثوابه فيها، وفيما يأتي استعراضٌ لأبرز ما ذكره أهل العلم فيما يتعلّق بمكروهات الصلاة:


مكروهات تتعلّق بالنّظر

من الأمور التي يُكره فعلها في الصلاة، والتي تتعلّق بالبصر والنظر ما يأتي:[١]

  • رفع البصر للسماء

يُكره رفع البصر للسماء أثناء الصلاة، فالسنّة أن ينظر المصلّي بخشوعٍ إلى موضع السجود، وممّا يدلّ على كراهية النظر للأعلى في الصلاة قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَيَنْتَهينَّ أقْوامٌ يَرْفَعُونَ أبْصارَهُمْ إلى السَّماءِ في الصَّلاةِ، أوْ لا تَرْجِعُ إليهِم).[٢]


  • النظر لِما يُلهي

يُكره للمرء في صلاته أن ينظر إلى ما يُلهيه، فقد صلّى النبيّ الكريم ذات مرّةٍ وشغله النّظر إلى كِساءٍ معلَّمٍ بالخطوط أو الحركات، فقال -عليه الصلاة والسلام-: (شَغَلَتْنِي أَعْلَامُ هذِه، اذْهَبُوا بهَا إلى أَبِي جَهْمٍ وأْتُونِي بأَنْبِجَانِيَّةٍ)،[٣] والأنبجانية هي الكساء الخالي من العلامات.


  • تغميض العينين

تعدّدت آراء أهل العلم في حكم تغميض العينين في الصلاة، فمنهم مَن كرهه، ومنهم مَن أباحه، وقد أحسن ابن القيم -رحمه الله- إذ جمع بين الآراء؛ فقال: إنْ كان تفتيح العينين لا يضرّ بالخشوع ولا يُلهي صاحبه بالنّظر إلى الزخارف ونحوها فهو الأفضل، أمّا إذا كان المصلّي يتشوّش بذلك فلا يُكره تغميض العينين حينها، بل لعلّ القول باستحباب ذلك أقرب.


مكروهات تتعلّق بالعبث باليد

من المكروهات التي ينبغي تجنّبها في الصلاة، والتي تتعلّق بالعبث باليد ونحو ذلك ما يأتي:[٤]

  • اللّهو باليد

يُكره العبث واللّهو باليد في الصلاة، ومن ذلك إدخالها في الثوب أو الجيب أو تخليل اللحية بها أو تحريكها بدون حاجة، أما إذا كان ذلك لحاجةٍ فلا يُكره؛ كإزالة الأذى والغبار عن الوجه مثلاً.


  • فرقعة الأصابع وتشبيكها

كره العلماء تشبيك الأصابع وفرقعتها في الصلاة، ويدلّ على كراهة تشبيكها في الصلاة قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إذا تَوضَّأَ أحدُكُم فأحسنَ وُضوءَه، ثمَّ خرج عامِدًا إلى المسجدِ فلا يُشبِّكَنَّ بين أصابعِه، فإنَّهُ في صلاةٍ)،[٥] أمّا فرقعة الأصابع فالحديث الوارد فيها ضعيف، ولكن كرهها العلماء في الصلاة أيضاً؛ لأنّها من العبث.[٦]


  • افتراش الذراعين وتشمير الكُمّ عنهما

كره العلماء افتراش الذراعين -أي مدّهما- في السجود على الأرض كما يفعل السّبع، ويُكره أيضاً تشمير الكمّ عنهما باتّفاق الفقهاء.


مكروهات تتعلّق بانشغال الذّهن لسبب

الأصل أن يدخل المسلم في صلاته وهو خالي الذّهن من الانشغالات الدنيوية، وهناك العديد من الأمور التي يُكره الصلاة مع وجودها؛ لأنّها تُشغل الفِكر والقلب عن الخشوع والتركيز في الصلاة، وأهمّها ما يأتي:[٧]

  • الصلاة في حضرة الطعام

يُكره للمسلم أن يُصلّي في حضرة الطعام، لأنّ ذلك سببٌ لتعلّق فكره وقلبه به، وقد وجّه النبيّ الكريم مَن حضره الطعام في وقت صلاةٍ فقال: (إِذَا كانَ أَحَدُكُمْ علَى الطَّعَامِ، فلا يَعْجَلْ حتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ منه، وإنْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ).[٨] وهذا في حال كانت نفس المسلم تتوق إلى الطعام، أما إذا كان غير جائع فيُقدِّم الصلاة.[٩]


  • الصلاة مع مدافعة الأخبثين

تُكره الصلاة مع مدافعة الأخبثين، وهما البول والغائط، ويدلّ على ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا صَلَاةَ بحَضْرَةِ الطَّعَامِ، ولَا هو يُدَافِعُهُ الأخْبَثَانِ).[١٠]


  • الصلاة عند مغالبة النوم

تُكره الصلاة إذا غلب النومُ المسلمَ وكان لا يدري ما يقول وما يفعل في الصلاة، وقد أرشد النبيّ -صلى الله عليه وسلم- من غلبه النّعاس عند الصلاة فقال: (إذَا نَعَسَ أحَدُكُمْ وهو يُصَلِّي فَلْيَرْقُدْ، حتَّى يَذْهَبَ عنْه النَّوْمُ، فإنَّ أحَدَكُمْ إذَا صَلَّى وهو نَاعِسٌ، لا يَدْرِي لَعَلَّهُ يَسْتَغْفِرُ فَيَسُبُّ نَفْسَهُ).[١١]


مكروهات أخرى تتعلق بالصلاة

المكروهات التي ينبغي للمسلم أنْ يجتنّبها في صلاته كثيرة، وقد بيَّنّا أبرزها، وهناك مكروهات أخرى جمعها العلماء في كتبهم مع ذكرهم للنصوص الشرعية الدالّة على كراهتها، ونذكرها بشيءٍ من الاختصار فيما يأتي:[١]

  • التخصّر في الصلاة، وهو وضع اليدين على الخاصرة.
  • الإشارة باليد عند التسليم من الصلاة.
  • تغطية الفم وإسدال الثوب حتى يُصيب الأرض.
  • تخصيص مكانٍ لا يُصلّي المرء إلا به، باستثناء الإمام.
  • الإقعاء، وهو نصب الركبة في الصلاة مع وضع الإلية على الأرض.[٤]
  • التنكيس في قراءة السور، مثل أن يقرأ المصلّي بعد سورة الفاتحة في الركعة الأولى سورة الفلق، ثم يقرأ في الثانية سورة الإخلاص.[٤]
  • الاقتصار على قراءة سورة الفاتحة في الركعتين الأوليين في صلاة الفريضة.[١٢]
  • الصلاة باستقبال شخصٍ نائمٍ أو يتحدّث، سواء كان رجلاً أم امرأة.[١٢]
  • تكرار سورة الفاتحة في الركعة الواحدة، ولكن إذا كان ذلك لعذرٍ بأن فاته التركيز والخشوع عند قراءتها في البداية فلا بأس، ما لم يجرّه ذلك إلى الوسواس.[١٣]
  • الالتفات لغير حاجة، فإن كان ذلك لحاجةٍ فلا بأس، ولكن إذا التفت الشخص بكُلّيّته، أو اتّجه لغير القبلة بطلت صلاته إذا كان ذلك لغير عذرٍ كالخوف الشديد ونحوه.[١٣]

المراجع

  1. ^ أ ب سيد سابق، فقه السنة، صفحة 268-271، جزء 1. بتصرّف.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن سمرة، الصفحة أو الرقم:428، صحيح.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:752، صحيح.
  4. ^ أ ب ت عبد الرحمن الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، صفحة 248-252، جزء 1. بتصرّف.
  5. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن كعب بن عجرة، الصفحة أو الرقم:386، صححه الألباني.
  6. "فرقعة الأصابع مكروهة في الصلاة"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 21/5/2023. بتصرّف.
  7. سعيد بن وهف القحطاني، أركان الصلاة، صفحة 30-32. بتصرّف.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:674، صحيح.
  9. عمر عبد الكافي، مقتطفات من السيرة، صفحة 13، جزء 21. بتصرّف.
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:560، صحيح.
  11. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:212، صحيح.
  12. ^ أ ب عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 307، جزء 1. بتصرّف.
  13. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 58، جزء 1. بتصرّف.