مبطلات المسح على الخفين
أجاز الإسلام الحنيف للمسلم أن يمسح على خفّيه تخفيفاً وتيسيراً عليه، ويجوز هذا المسح وفقاً لضوابط وشروط محدّدة يبطل المسح على الخفّين بانتفائها، وسيتمّ فيما يأتي بيان وتوضيح مبطلات المسح على الخفّين:
إذا بطل الوضوء
يَبطل المسح على الخفَّين بكلّ ما ينقض الوضوء، فإذا بطل وضوء المسلم وجب عليه الوضوء مجدَّداً للصلاة، ويمسح على خفّيه في حال بقاء مدّة المسح، وإلا غسل رجليه، ويبطل المسح على الخفّين من باب أولى بوجود موجب الغُسل؛ كالحيض والنفاس والجنابة، فإن وُجِد أحدها بطل المسح على الخفّين، ووجب على المسلم خلعهما والاغتسال، ثمّ بعد ذلك يلبسهما على طهارة ويُجدّد المسح عليهما إن أراد.[١]
إذا انقضت مدة المسح على الخفين
يبطل المسح على الخفّين إذا انتهت مدّة المسح التي حدّدها النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وهي يومٌ وليلة للمقيم، وثلاثة أيَّامٍ بلياليها للمسافر، فعن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: (جَعَلَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- ثَلاثَةَ أيَّامٍ ولَيالِيَهُنَّ لِلْمُسافِرِ، ويَوْمًا ولَيْلَةً لِلْمُقِيمِ)،[٢] فإذا انقضت مدّة المسح وجب خلع الخفّين وغسل الرجلين في الوضوء، ويُمكن للمسلم بعد ذلك لبسهما على طهارة وتجديد مدة المسح عليهما.[٣]
عند ظهور بعض القدم أو حدوث خرق في الخف
إذا خرجت القدم من الخفّين بَطَل المسح عليهما على تفصيلٍ ذكره الحنفية والمالكية؛ إذْ ذهب الحنفية إلى القول ببطلان المسح على الخفّين عند خروج معظم القدم إلى ساق الخفّ، أمّا إذا ظهر بعض القدم وكان قليلاً لم يبطل المسح، وذهب المالكية إلى القول ببطلان المسح على الخفّين بظهور وخروج القدم كلها إلى ساق الخفّ، فإذا سارع المسلم وغسل رجليه بقي وضوءه صحيحاً، وإذا لم يُبادر إلى ذلك غسلهما إن كان ناسياً، وبطل وضوءه أن تعمّد عدم المبادرة لغسل قدميه.
ويبطل المسح على الخفّين بحدوث خرقٍ في الخفّ على تفصيلٍ ذكره الفقهاء، ونوضّح أقوالهم فيما يأتي:[٤]
- الحنفية
قالوا إنّ الخرق المانع لصحّة المسح على الخفّين يُقدّر بنحو ثلاث أصابع من أصغر أصابع القدم، ويُبطِلُ هذا الخرق المسح إذا كان منفرجاً؛ أي يُسبّب ظهور مقدار ثلاث أصابع عند المشي، أمّا إذا كان لا يظهر منه هذا المقدار أثناء المشي فلا يضرّ ولا يُبطِل المسح على الخفّين.
- المالكية
إذا كان مقدار الخرق نحو ثلث القدم فأكثر فإنّه يُبطِل المسح على الخفّين، فإن كان المسلم متوضِّئا وحصل هذا الخرق بطل المسح لا الوضوء، ووجب عليه المبادرة إلى غسل رِجليه إن أراد أن يبقى وضوؤه سليماً، مراعاةً للموالاة الواجبة في الوضوء، وإذا طال الزمن ولم يغسل رِجليه بطل وضوؤه.
- الشافعية
إذا ظهر شيءٌ من محلّ الغسل المفروض في القدم بسبب خرقٍ في الخفّ بطل المسح على الخفّين حتى وإن كان مكانه مستوراً بلفافةٍ، وحينها يبطل المسح لا غسل الرجلين، فلا يُعيد المسلم وضوءه بل يكتفي بغسل رجليه مع النيّة.
- الحنابلة
إنْ ظهر شيءٌ من القدم بسبب خرقٍ في الخفّ بَطل المسح على الخفّين ولو كان ذلك بمقدار خرزة، ويجب على المسلم عندها إعادة الوضوء كاملاً، فلا يكتفي بغسل رجليه فقط، ولكن إذا انضمّ هذا الخرق بالمشي وستر محلّ الغسل المفروض لم يبطل المسح.
حكم طهارة مَن نزع خفيه بعد المسح
سيتمّ فيما يأتي توضيح حكم طهارة مَن خلع خفّيه قبل انقضاء مدّة المسح عليهما:[٥]
ذهب الحنفية والشافعية في القول الجديد عندهم إلى القول بوجوب غسل قدميّ مَن خلع خفّيه، ولا تُشترط الموالاة.
ذهب المالكية إلى وجوب غسل القدمين مباشرةً حتى يبقى الوضوء سليماً، وتُترط الموالاة لذلك، فإن طالت المدّة وجب إعادة الوضوء.
ذهب الحنابلة إلى القول ببطلان وضوء مَن نزع خفّه، ولا يكفي غسل القدمين بل يجب إعادة الوضوء كلّه.
المراجع
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة 1)، مصر:دار الصفوة، صفحة 269-270، جزء 37. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:276 ، صحيح.
- ↑ عبد الله الطيار (2012)، الفقه الميسر (الطبعة 2)، الرياض:مدار الوطن للنشر، صفحة 86، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ عبد الرحمن الجزيري (2003)، الفقه على المذاهب الأربعة (الطبعة 2)، بيروت:دار الكتب العلمية، صفحة 134، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ دبيان الدبيان (2005)، موسوعة أحكام الطهارة (الطبعة 2)، السعودية:مكتبة الرشد، صفحة 471-472، جزء 5. بتصرّف.