هل الفحص الداخلي للمرأة يبطل الصيام؟

أفتى مجمع الفقه الإسلامي في دورة مؤتمره العاشر، بأنّ الفحص الداخلي للمرأة لا يُبطل صيامها، وكذلك لم يعدّوا ما يدخل مهبل المرأة -فرجها- من تحاميل، أو غسول أو منظار مهبليّ، أو نحو ذلك، لم يعدّوه من المفطرات التي تُفسد الصيام.[١]


ومن الجدير بالذكر أنّ قرار مجمع الفقه الإسلاميّ موافق لما ذهب إليه بعض المتقدمين من أهل العلم؛ مثل الظاهرية وبعض المالكية والإمام ابن تيمية، علماً أنّ آراء الفقهاء قد تعدّدت في حكم ما يدخل فرج المرأة وأثره على صيامها؛ ويمكن تلخيص آرائهم على النحو الآتي:[٢]

  • ذهب الحنفيّة إلى أنّ إدخال شيء إلى فرج المرأة، بحيث لا يبقى أيّ جزء منه في الخارج يعدّ مفطراً لها، كما ذهبوا إلى أنّ إدخال شيء إلى فرج المرأة وإبقاء جزء منه خارج الفرج، مع كون طرفه مبلولاً يعدّ كذلك من المفطرات.
  • ذهب المالكيّة إلى أنّ إدخال شيء مائع -ليس بصلب- إلى فرج المرأة يعدّ من المفطرات، فإذا كان جامداً لم تُفطر.
  • ذهب الشافعيّة والحنابلة إلى أنّ إدخال شيء إلى فرج المرأة يعدّ مفطراً لها مطلقاً، بغض النظر عن طبيعته، وعن مقدار دخوله.
  • ذهب الظاهرية، وبعض المالكيّة إلى أنّ إدخال شيء إلى فرج المرأة لا يُفطّر، وبهذا أفتى أيضاً الإمام ابن تيميّة.


ويعود السبب في تعدّد آرائهم إلى تحديد معنى الجوف عندهم؛ فمن العلماء من عدّ البطن هو الجوف، ومنهم من جعل كل عضو مجوّف في جسم الإنسان هو الجوف، وما يدخل فيه يعدّ مفسداً للصيام، ومن العلماء من ضيّق معنى الجوف، وحدد المفطرات التي تُفسد الصيام بالطعام والشراب والجماع، إذا دخلت من منافذها الطبيعيّة؛ اعتماداً على ما ثبت في الكتاب والسنة النبوية؛ وهذا ما رجّحه بعض أهل العلم من المتقدمين، واعتمده كثير من المتأخرين.[٣]


هل نزول الدم في الفحص الداخلي يُفسد الصيام؟

ذهب أهل العلم إلى أنّ الدم الذي ينزل من المرأة أثناء الفحص الداخلي لا يعدّ من المفطرات؛ لأنّه ليس حيضاً، وإنّما يبطل الصيام بدم الحيض الصريح، ودم النفاس فقط،[٤] ودليل ذلك ما ثبت في الأدلة الشرعيّة من اعتبار الحيض والنفاس من المفطرات؛ نذكر من ذلك:[٥]

  • ما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في تبرير نقصان دين المرأة: (... أَليسَ إذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ ولَمْ تَصُمْ؟...).[٦]
  • ما ثبت عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها سُئلت عن قضاء الحائض للصوم دون الصلاة: (... كانَ يُصِيبُنَا ذلكَ، فَنُؤْمَرُ بقَضَاءِ الصَّوْمِ، ولَا نُؤْمَرُ بقَضَاءِ الصَّلَاةِ).[٧]


أحكام أخرى تتعلق بالفحص الداخلي

ينبغي التنبيه إلى أنّ إجراء الفحص الداخليّ لا يُوجب الغسل لا للمريضة ولا للطبيبة أو الممرضة،[٨] إلا إذا ترتب على ذلك خروج المنيّ، فإنّه يجب الغسل من الجنابة لا من الفحص الداخليّ،[٩] ولكن قد ينقض الوضوء بهذا الفحص إذا كان من غير حائل -كالقفازات- على رأي الجمهور؛ وذلك استدلالاً بحديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إذا أفضى أحدُكم بيدِه إلى فَرْجِه، وليس بينهما سترٌ ولا حجابٌ فليتوضَّأْ).[١٠][١١]

المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، صفحة 913، جزء 10. بتصرّف.
  2. "الفحص الداخلي للمرأة هل يفسد الصوم"، إسلام ويب، 30/10/2003، اطّلع عليه بتاريخ 3/7/2023. بتصرّف.
  3. حسام الدين عفانة، فتاوى د حسام عفانة، صفحة 10، جزء 9. بتصرّف.
  4. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 21، جزء 9. بتصرّف.
  5. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية، صفحة 387، جزء 1. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:304، صحيح.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:335، صحيح.
  8. الشيخ مشهور حسن سليمان (13/3/2009)، "هل الفحص الداخلي يوجب الغسل؟"، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 3/7/2023. بتصرّف.
  9. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 2046، جزء 11. بتصرّف.
  10. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1118، قال ابن الملقن صحيح أو حسن.
  11. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 85-86، جزء 32. بتصرّف.