ما هي شروط صيام شهرين متتابعين؟

أجمع أهل العلم على اشتراط التتابع في صيام الشهرين ولزومه؛ أي أن يوالي في صيام أيام الشهرين، فلا يفطر فيها بغير عذر؛ فإن أفطر في أحد أيام الشهرين بغير عذر، ولو كان قبل تمامهما بيوم واحد، وجب عليه أن يعيد صيام الشهرين مرة أخرى، وذهب جمهور الفقهاء خلافاً للمالكية أنّ تتابع صيام الشهرين لا يحتاج إلى نية؛ لأنه شرط، وشروط العبادات لا تحتاج إلى نية، بينما ذهب المالكية إلى لزوم النية للتتابع.[١][٢]


تحقق التتابع عند الفقهاء

قال الحنفية إن التتابع في الصيام يتحقق باختيار شهرين متتابعين ليس فيهما شهر رمضان، ولا يوم عيد الفطر، ولا يوم عيد الأضحى، ولا أيام التشريق، وقالوا إن أفطر بعذرٍ؛ كالسفر، والمرض، والنفاس، إلا الحيض، لأنه عذر يتعذر الخلو عنه، أو أفطر بغير عذر، انقطع التتابع، وبدأ صوم الشهرين من جديد، لأنه كان قادراً على ذلك.[١]


وقال المالكية كالحنفية وأضافوا أنه إن جهل موعد إتيان العيد أثناء صومه فلا ينقطع التتابع ويكمل صومه بعد العيد بيومين، وكذا إن جهل موعد مجيء رمضان، ولا ينقطع التتابع عندهم إن أفطر في السفر للضرورة، أو مَرض، أو أفطر سهواً، أو أُكره على الفطر، أو ظنّ غروب الشمس أو استمرار الليل فأكل وشرب، وكذا لا ينقطع التتابع بحيض أو نفاس.[١]


وقال الشافعية أن التتابع ينقطع بالإفطار بلا عذر، أو بعذر كالسفر، وذهبوا إلى أن الحيض والنفاس والجنون لا يقطع التتابع، وقال الحنابلة أن التتابع ينقطع بالفطر بلا عذر، وعليه أن يبدأ الصيام من جديد، وأما الفطر بعذر فلا يقطع التتابع ويكمل ما بقي من صومه، وعليهِ فلا ينقطع التتابع بصيام رمضان، أو إفطار يومي العيد، أو بسبب الحيض والنفاس، والجنون، والمرض، ونحوه من الأعذار .[١]


صورتا صيام الشهرين المتتابعين

يكون صيام الشهرين المتتابعين وفقاً للأشهر الهجرية، وله صورتان، وهما:[٣][٤]

  • أن يبدأ الصيام من أول الشهر؛ كأن يبدأ من أول شهر محرم، أو أول صفر، ونحو ذلك، فيتم صيام الشهرين متتابعيين، سواء كانا تامّين؛ بأن يكونا ثلاثين يوماً، أو ناقصيْن، كأن يكونا تسعاً وعشرين يوماً، أويكون أحدهما ثلاثين يوماً والآخر تسعاً وعشرين يوماً.
  • أن يبدأ الصيام من أثناء الشهر؛ كأن يبدأ من التاسع من شهر محرم، فيصوم الأيام التي بقيت من الشهر، ويصوم الشهر الذي بعده اعتماداً على رؤية الهلال؛ سواء كان الشهر تاماً أو ناقصاً، ثلاثين يوماً أو تسع وعشرين يوماً، ثم يصوم الأيام التي لم يصمها من الشهر الأول ويتمّها إلى الثلاثين.


الحالات التي يجب فيها صيام شهرين متتابعين

إن صيام شهرين متتابعين هو كفارةٌ لثلاث أمور، عند عدم إيجاد رقبة ليعتقها وهي:[٥]

  • قتل الخطأ؛ لقوله -تعالى-: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً).[٦]
  • الظهار؛ لقوله -تعالى-: (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ۚ ذَٰلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ* فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا).[٧]
  • الجماع في نهار رمضان؛ للحديث الصحيح: (بيْنَما نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، إذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يا رَسولَ اللَّهِ هَلَكْتُ. قَالَ: ما لَكَ؟ قَالَ: وقَعْتُ علَى امْرَأَتي وأَنَا صَائِمٌ، فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَهلْ تَسْتَطِيعُ أنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، قَالَ: لَا..).[٨]


المراجع

  1. ^ أ ب ت ث وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 7151-7154. بتصرّف.
  2. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 127. بتصرّف.
  3. محمد المختار الشنقيطي، شرح زاد المستقنع، صفحة 14. بتصرّف.
  4. النووي، المجموع شرح المهذب، صفحة 373-374. بتصرّف.
  5. "الحالات التي يجب فيها صيام الشهرين المتتابعين ...وهل يقطع العذر الشرعي التتابع"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 6/9/2022. بتصرّف.
  6. سورة النساء، آية:92
  7. سورة المجادلة، آية:3-4
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1936، صحيح.