اختُلف في أول من صام من الأنبياء، فقيل هو آدم -عليه السلام-،[١]وقيل هو نوح -عليه السلام-،[٢] وقد فرض الله -تعالى- الصيام على الأمم السابقة لأمة الإسلام، كما جاء في القرآن الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}،[٣] والصيام هو الامتناع عن جميع المفطرات من طعام وشراب وجماع وغيرها، من طلوع الفجر حتى غروب الشمس،[٤] وهو عبادة عظيمة لها منزلة شريفة وأجر كبير عند الله -تعالى-، جاء في الحديث: (يقولُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: الصَّوْمُ لي وأنا أجْزِي به، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وأَكْلَهُ وشُرْبَهُ مِن أجْلِي، والصَّوْمُ جُنَّةٌ، ولِلصَّائِمِ فَرْحَتانِ: فَرْحَةٌ حِينَ يُفْطِرُ، وفَرْحَةٌ حِينَ يَلْقَى رَبَّهُ، ولَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ)،[٥] وقد اختُلف أيضاً في عدد أيام الصيام وزمنها عند الأمم السابقة، فقيل أنها كانت ثلاثة أيام من كل شهر، وقيل أنهم كانوا يصومون شهر رمضان كما فرضه الله -تعالى- على المسلمين.[٦]


صيام الأنبياء

  • تعددت صور الصوم عند الأنبياء، واختلفت من نبي إلى آخر، فداوود -عليه السلام- كان يصوم يوماً ويفطر يوماً، وهذا هو أحب الصيام إلى الله -تعالى-، كما جاء في الحديث الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ أَحَبَّ الصِّيَامِ إلى اللهِ، صِيَامُ دَاوُدَ، وَأَحَبَّ الصَّلَاةِ إلى اللهِ، صَلَاةُ دَاوُدَ عليه السَّلَام، كانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ، ويقومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ، وَكانَ يَصُومُ يَوْمًا، وَيُفْطِرُ يَوْمًا)،[٧] وكان موسى -عليه السلام- يصوم يوم عاشوراء شكراً لله -تعالى- على أن نجّاه من فرعون في ذلك اليوم، كما صام أيام المواعدة التي كان يستعدّ فيها للقاء الله -تعالى- ومناجاته، والتي ذكرت في قوله -تعالى-: {وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً}.[٨][٩]
  • كما ورد أن نوح -عليه السلام- كان يصوم أيام السنة كلّها إلا يومي عيد الفطر والأضحى، وصام إبراهيم -عليه السلام- ثلاثة أيام من كل شهر، جاء في الحديث: (صامَ نوحٌ الدهرَ إلا يومَ الفطرِ والأضحى، وصامَ داودُ نصفَ الدهرِ، وصامَ إبراهيمُ ثلاثةَ أيامٍ منْ كلِّ شهرٍ، صامَ الدهرَ، وأفطرَ الدهرَ).[١٠][١]


الصيام في الإسلام

مرّ تشريع الصيام في الإسلام بمراحل متدرجة، فقد ابتدأ بتشريع صيام ثلاثة أيام من كل شهر وصيام يوم عاشوراء، جاء في الحديث: (كانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَصُومُهُ قُرَيْشٌ في الجَاهِلِيَّةِ، وكانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَصُومُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ صَامَهُ، وأَمَرَ بصِيَامِهِ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ تَرَكَ يَومَ عَاشُورَاءَ، فمَن شَاءَ صَامَهُ، ومَن شَاءَ تَرَكَهُ)،[١١] وقد فُرض صيام شهر رمضان على المسلمين في السنة الثانية للهجرة النبوية، قبيل غزوة بدر الكبرى،[١٢] وكان صيام رمضان في البداية على التخيير، ثم أصبح فرضاً واجباً، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يكثر من صيام النوافل، فكان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، والاثنين والخميس، والأيام البيض، وستاً من شوال، ويوم عرفة وعاشوراء وغيرها من الأيام.[١٣]


المراجع

  1. ^ أ ب نجم الدين الغزي، حسن التنبه لما ورد في التشبه، صفحة 544. بتصرّف.
  2. شمس الدين القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، صفحة 290. بتصرّف.
  3. سورة البقرة، آية:183
  4. عبد الرحمن الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، صفحة 492. بتصرّف.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:7492 ، حديث صحيح.
  6. عبد العزيز الطريفي، التفسير والبيان لأحكام القرآن، صفحة 204. بتصرّف.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمرو ، الصفحة أو الرقم:1159، حديث صحيح.
  8. سورة البقرة، آية:51
  9. عطية سالم، استقبال المسلمين لرمضان، صفحة 28. بتصرّف.
  10. رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن عبدالله بن عمرو ، الصفحة أو الرقم:4969، حديث حسن.
  11. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:2002، حديث صحيح.
  12. عبد العزيز الطريفي، التفسير والبيان لأحكام القرآن، صفحة 206. بتصرّف.
  13. عطية سالم، استقبال المسلمين لرمضان، صفحة 29-30. بتصرّف.