الصيام في اللغة هو الإمساك والكفّ عن الشيء، ويُستعمل هذا اللفظ في كل إمساكٍ، كالصمت والكفّ عن الكلام، أمّا الصيام اصطلاحاً: فهو إمساك المسلم وكفّه عن المفطرات تعبداً لله -تعالى- واستجابة له، ويكون ذلك من طلوع الفجر إلى غروب الشمس،[١] وممّا تجدر الإشارة إليه أنّ الإسلام ما شرع حكماً من الأحكام إلّا وفيه حِكمٌ عظيمةٌ قد تستطيع العقول إدراكها وقد تخفى عليها، أمّا الصيام فقد شرعه الله -تعالى- لحِكمٍ كثيرة، وأعظم هذه الحِكم هي تحقيق التقوى.


ما هي الحكمة من مشروعية الصيام؟

قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)،[٢] فيظهر من خلال الآية السابقة أنّ الله -تعالى- قد شرع الصيام بغية تحقيق التقوى والتي تُعرّف بفعل المسلم ما أمر به الله -تعالى- وطاعته وترك واجتناب ما نهى عنه -سبحانه-،[٣] ويكون الصيام وسيلة لتحقيق التقوى من خلال ما يترتب عليه من أمور هي في ذاتها من خصال التقوى وفيما يأتي بيان لبعض هذه الأمور بشيء من التفصيل.[٤]


الصيام وسيلة لشكر الله -تعالى- على نعمه

حيث إنّ المسلم يمتنع في صيامه عن الأكل والشرب والجماع، وممّا لا شكّ فيه أنّ هذه الأمور من أجلّ النعم وأعظمها، والامتناع عنها وقتاً معيناً من شأنه أن يُسهم في معرفة قدرها، فيكون ذلك سبباً في أداء حقّها وهو شكر الله -تعالى- عليها.


الصيام وسيلة للكفّ عن المحرمات

حيث إنّ المسلم يمتنع في صيامه عمّا هو مباحاً في الأصل كالأكل والشرب بغية نيل مرضاة الله -تعالى- والنجاة من عذابه وعقابه، فيكون امتناعه عمّا حرمه الله -تعالى- أدعى وأولى.


الصيام وسيلة للتغلب على الشهوة

حيث إنّ النفس تميل بطبيعتها للتفكير بالشهوة إذا ما شبعت، فإذا جاعت وامتنعت عن الأكل والشرب كفّت عن التفكير بذلك، لذا دعا رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- مَن أراد الزواج ولم يتمكّن منه اللجوء للصيام وذلك من خلال قوله: (وَمَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَعليه بالصَّوْمِ، فإنَّه له وِجَاءٌ)،[٥] أي وقايةٌ وحفظٌ له من الوقوع في الشهوات والمحرمات.


الصيام وسيلة لقهر الشيطان

حيث إنّ الأكل والشرب سبب في توليد الدم فتتسع مجاريه، فإذا ما صام المسلم وامتنع عن الأكل والشرب ضاقت مجاري الدم، وقد أشار رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إلى أنّ الشيطان يجري من الإنسان مجرى دمه وذلك بقوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ)،[٦] وبناء على ذلك فإنّ وساوس الشيطان تقل وتضعف بالصيام لضيق مجاري الدم.


الصيام وسيلة للاتّصاف بالرحمة والعطف على المساكين

حيث إنّ المسلم بصيامه يشعر بألم الجوع والعطش لفترة معينة، فيكون ذلك سبباً في تذكّر غيره ممّن يشعر بذلك الألم في جميع الأوقات، فما يكون منه إلّا أن يرقّ قلبه لحالهم، فيُسارع بالإحسان إليهم والعطف عليهم.


المراجع

  1. كمال سالم، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، صفحة 87. بتصرّف.
  2. سورة البقرة، آية:183
  3. عبد الرحمن الدوسري (11-7-2013)، "الحِكمة من مشروعية الصيام"، الألوكة الشرعية، اطّلع عليه بتاريخ 2-10-2021. بتصرّف.
  4. "الحكمة من مشروعية الصيام"، الاسلام سؤال وجواب، 3-11-2002، اطّلع عليه بتاريخ 2-10-2021. بتصرّف.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:1400، صحيح.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن علي بن الحسين بن علي، الصفحة أو الرقم:7171، صحيح.