صلاة الجنازة، حكمها وأركانها
أهل العلم متّفقون على أنّ صلاة الجنازة فرضٌ على الكفاية؛ إذا أدّاها جماعة من المسلمين سقط التّكليف عن غيرهم، وصلاتها جماعة سنّة عند جمهور أهل الفقه باستثناء المالكية الذين ذهبوا إلى أنّ الجماعة فيها شرط لصحّتها كصلاة الجمعة، والرّاجح أنّ الجماعة فيها سنّة،[١]
أمّا أركانها؛ فهي الأقوال والأفعال التي يلزم الإتيان بها؛ وإلا بطُلتْ الصلاة، ولزم إعادتها، وبيانها فيما يأتي:[٢]
- ركن النية
النّية ركنٌ عند المالكية والشافعية، ويكفي عند المالكية أن يقصد الصلاة على هذا الميت، مع عدم اشتراط معرفة إذا كان الميّت ذكراً أم أنثى، وذهب الشافعية إلى أنّه إنْ عيّن نيّة الصلاة على أحدهم وظهر أنّه ليس هو الميّت فإنّ صلاته لا تصحّ، وذهب الحنفية والحنابلة إلى أنها شرطٌ، وليست ركناً، وأيّاً كان الأمر فلا بدّ منها في صلاة الجنازة وغيرها من الصلوات.
- ركن التكبيرات
تكبيرات صلاة الجنازة أربع مع تكبيرة الإحرام، وهي ركنٌ باتفاق أصحاب المذاهب الفقهية الأربعة، وكلّ تكبيرة منها هي بمنزلة ركعة.
- ركن القيام فيها
ويشترط القيام فيها إلى نهايتها؛ بحيث لو صلاها المسلم قاعداً من غير مسوّغ شرعي بطُلت، ولم تصح، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة.
- ركن الدعاء للميت
ذهب الحنفية إلى أنّ الدعاء للميّت يكون بعد التكبيرة الثالثة، ولا يجب الدّعاء بصيغة مخصوصة، بل يكون بأمور الآخرة التي يحتاجها الميّت، والأفضل أنْ يُدعى بالأدعية المأثورة؛ فإنْ كان المصلي لا يحفظ منها شيئاً، أو لا يتقنها دعا للميّت بما شاء من أمور الآخرة، ويرى المالكية في المعتمد عندهم أنّه يجب الدّعاء بعد كلّ تكبيرة حتى التّكبيرة الرابعة، وأقلّ الدّعاء أنْ يقول: اللهم اغفر له، ونحو ذلك.
والشافعية قالوا: يكون الدّعاء بعد التكبيرة الثالثة، ويشترط فيه طلب الخير الأخروي للميّت المُصلّى عليه، ووافق الحنابلةُ الحنفيةَ والشافعيةَ في محلّ الدّعاء بعد التكبيرة الثالثة، وأجازوه بعد الرابعة، وقالوا بأنّه لا يصحّ عقب غيرهما، وأقلّ الواجب للميت للكبير أن يُقال: اللهم اغفر له ونحوه، وللميّت للصغير: اللهم اغفر لوالديه، ونحو ذلك، والسّنة الدعاء بما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
- ركن السلام
التّسليم يكون بعد التكبيرة الرابعة، وهو ركن عند جمهور الفقهاء، باستثناء الحنفية، حيث ذهبوا إلى وجوبه؛ كالسّلام في سائر الصّلوات، يأثم المصلي بتركها، ولكنّ تركه لا تبطل به الصلاة.
- الرّكن السادس: الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-
موضع الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- يكون بعد التكبيرة الثانية، وهو ركن عند الشافعية والحنابلة، في حين ذهب الحنفية أنّ الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد التكبيرة الثانية سنّة وليست ركنا، والمالكية قالوا: تندب الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد كلّ تكبيرة قبل البد في الدعاء.
هل قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة ركن من أركانها؟
تعدّدتْ آراء أهل العلم في حكم قراءة سورة الفاتحة في صلاة الجنازة، وفيما يأتي إجمال ما ذهب إليه المذاهب الفقهية الأربعة:[٢]
- ذهب الحنفية إلى أنّ قراءة سورة الفاتحة في صلاة الجنازة بنيّة التلاوة مكروهة كراهة تحريمية، أمّا إنْ قرأها المُصلّي بنيّة الدّعاء فلا بأس.
- ذهب المالكية إلى أنّ قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة مكروهة كراهة تنزيهية.
- ذهب الشافعية والحنابلة إلى أنّ قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة ركنٌ، وتكون قراءتها بعد التّكبيرة الأولى، وعند الشّافعية إنْ قرأها بعد أيّ تكبيرة جاز، ولكن إنْ بدأ في قراءتها وجب عليه إتمامها.
وختاماً، فإنّ فضل الصلاة على الميّت يشمل المصلّي والمصلّى عليه، ورحمة الله -سبحانه- تسع الحيّ والميّت، لذا يحسن بالمسلم أنْ يحرص على أداء صلاة الجنازة وتشييع صاحبها حتى الفراغ من الدّفن، وهذا هو هدي النبي -صلى الله عليه وسلم-.
المراجع
- ↑ عبد الله الطيار (2012)، الفقه الميسر (الطبعة 2)، الرياض:مدار الوطن، صفحة 479، جزء 1. بتصرّف.
- ^ أ ب عبد الرحمن الجزيري (2003)، الفقه على المذاهب الأربعة (الطبعة 2)، بيروت:دار الكتب العلمية، صفحة 471-474، جزء 1. بتصرّف.