حكم الصلاة بالحذاء
يجوز للمسلم الصلاة بالنّعال والأحذية إذا كانت طاهرة ليست نجسة؛[١] وذلك توسعة على العباد ورفعاً للحرج عنهم،[٢] والصلاة بالنّعال سنّة من سنن الصلاة الواردة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-،[١] وقد دلّ على ذلك مجموعة من الأحاديث والآثار النبويّة التي يمكن إيرادها على النحو الآتي:[٣]
- ما ثبت في الصحيح عن أبي سلمة سعيد بن يزيد -رضي الله عنه- أنّه قال: (سَأَلْتُ أنَسَ بنَ مَالِكٍ: أكانَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يُصَلِّي في نَعْلَيْهِ؟ قالَ: نَعَمْ).[٤]
- ما ثبت في الصحيح عن عبد الله بن الشخير -رضي الله عنه-: أنّه قال: (صَلَّيْتُ مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَرَأَيْتُهُ تَنَخَّعَ -ما يخرج من حلق الإنسان- فَدَلَكَهَا بنَعْلِهِ).[٥]
- ما صحّ عن ابن أبي أوس -رضي الله عنه- أنّه قال: (كانَ جدِّي أوسٌ أحيانًا يصلِّي فيشيرُ إليَّ وَهوَ في الصَّلاةِ، فأعطيهِ نَعلَيهِ، ويقولُ: رأيتُ رسولَ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- يصلِّي في نعلَيهِ).[٦]
- ما صحّ عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ رجلاً جاء إليه يسأله: (... يا أبا هريرةَ أنتَ نَهيتَ النَّاسَ أن يصلُّوا في نعالِهم؟ قال: لا لَعَمرُ اللَّهِ، غيرَ أني وربِّ هذِه الحرمةِ رأيتُ رسولَ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلى آله وسلَّمَ- يصلِّي إلى هذا المقامِ وإنَّ عليهِ نعليهِ...).[٧]
- ما صحّ عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أنّه قال: (بينَما رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- يصلِّي بأصحابِهِ إذ خلعَ نعليهِ فوضعَهُما عن يسارِهِ، فلمَّا رأى ذلِكَ القومُ ألقوا نعالَهُم، فلمَّا قضى رسولُ اللَّهِ صلاتَهُ قالَ: ما حملَكُم علَى إلقاءِ نعالِكُم؟ قالوا: رأيناكَ ألقيتَ نعليكَ فألقينا نعالَنا، فقالَ رسولُ اللَّهِ: إنَّ جبريلَ أتاني، فأخبرَني أنَّ فيهِما قذرًا -أو قالَ أذًى-، وقالَ: إذا جاءَ أحدُكُم إلى المسجدِ؛ فلينظُر فإن رأى في نعليهِ قذرًا أو أذًى، فليمسَحهُ وليصلِّ فيهِما).[٨][٩]
بعض الأحكام المتعلقة في الصلاة بالحذاء
أشار أهل العلم إلى بعض الأحكام المتعلقة في الصلاة بالحذاء، ويمكن تلخيصها على النحو الآتي:[١٠]
- لم يرد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- الصلاة بالحذاء على الفُرُش؛ فالسنّة الصلاة بالحذاء إذا أراد المسلم أن يُصلي على الأرض؛ لأنّ الدخول بالحذاء على الفراش أو في المساجد قد يكون جالباً للقاذورات والنجاسات والأذى.[١]
- قد يكون في الصلاة بالحذاء داخل المساجد تقليل لهيبة المكان؛ نظراً لما تعارف عليه الناس في زمانهم.
- خصّ بعض أهل العلم المسجد الحرام، والمسجد النبويّ والأماكن المقدسة الأخرى بعدم الدخول بالحذاء؛ لأن النبي موسى -عليه السلام- لمّا جاء إلى الوادي المقدس أمره المولى بخلع نعليه؛ قال -تعالى- في ذلك: (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ ۖ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى)،[١١] فتكون الأماكن المقدسة مقيسة على الوادي المقدّس، فيكون التأدب في حضرتها بخلع الحذاء.
- إنّ الصلاة بالحذاء مخالفة لليهود؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: (خالِفوا اليَهودَ فإنَّهم لا يصلُّونَ في نعالِهِم ولا خفافِهِم).[١٢]
- إذا خلع المسلم حذاءه فيضعه في المكان المناسب،[٩] أو يضعه بين قدميه، أو عن يساره إن لم يكن بجانبه أحد، ولكن لا يضع الحذاء عن يمينه.[١٣]
المراجع
- ^ أ ب ت محمد بن إبراهيم التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 444، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 130، جزء 40. بتصرّف.
- ↑ مقبل بن هادي الوادعي، مجموعة رسائل علمية، صفحة 9-11. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:386، صحيح متفق عليه.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن الشخير، الصفحة أو الرقم:554، صحيح.
- ↑ رواه ابن ماجه، في سنن ابن ماجه، عن أوس بن أبي أوس وقيل أوس بن أوس والد عمرو، الصفحة أو الرقم:1037، صححه الألباني.
- ↑ رواه الإمام أحمد، في المسند، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:9467، قال الوادعي رجاله رجال الصحيح إلا زياد الحارثي وقد وثقه ابن معين وابن حبان.
- ↑ رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:650، صححه الألباني.
- ^ أ ب محمد بن عبد العزيز المسند، فتاوى إسلامية، صفحة 234، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ عبد الكريم الخضير، شرح المحرر في الحديث، صفحة 5، جزء 44. بتصرّف.
- ↑ سورة طه، آية:12
- ↑ رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن شداد بن أوس، الصفحة أو الرقم:652، صححه الألباني.
- ↑ مقبل بن هادي الوادعي، مجموعة رسائل علمية، صفحة 18. بتصرّف.