الصيام

الصيام هو أن يمتنع المسلم البالغ العاقل عن جميع المفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس مقرونة بنية التعبد لله تعالى، مع الخلو من الموانع الشرعية كالحيض والنفاس، وقد فرض الله تعالى على كل مسلم ومسلمة صيام شهر رمضان مبارك وأوجبه عليهم، فقال في كتابه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)،[١][٢] وإن فعل المسلم شيئاً من هذه المفطرت متعمداً عالماً مختاراً ذاكراً فقد فسد صيامه وبطل، ويترتب عليه الإثم، ويلزمه أن يتوب إلى الله تعالى، ويجب عليه القضاء فقط، أو القضاء والكفارة معاً بحسب نوع المفطر.[٣][٤]


مفسدات الصيام

فيما يأتي بيان ما يفسد الصيام ويبطله:[٥][٦]

  • الجماع: اتفق جمهور أهل العلم أن تعمد الجماع في نهار رمضان يفسد الصيام ويبطله، وهو أعظم المفطرات وأكبرها إثماً، ويجب على من جامع إتمام صيام اليوم الذي جامع فيه والقضاء والكفارة، والكفارة هي عتق رقبة، فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فمن لم يجد فإطعام ستين مسكيناً، ودليل وجوب الكفارة ما جاء في صحيح البخاري عن الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (بيْنَما نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، إذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يا رَسولَ اللَّهِ هَلَكْتُ. قَالَ: ما لَكَ؟ قَالَ: وقَعْتُ علَى امْرَأَتي وأَنَا صَائِمٌ، فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَهلْ تَسْتَطِيعُ أنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، قَالَ: لَا، فَقَالَ: فَهلْ تَجِدُ إطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا).[٧]
  • الاستمناء: وهو أن يتعمد إنزال المني في نهار رمضان، من تقبيل أو لمس، وكل ما يؤدي إلى نزول المني، ودليل ذلك ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي أن الله تعالى يقول عن الصائم: (يَتْرُكُ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ وشَهْوَتَهُ مِن أجْلِي)،[٨] حيث إن إنزال المني من الشهوة التي يتركها الصائم من أجل إرضاء الله، ويجب على من أنزل المني متعمداً إمساك بقية اليوم، وقضاؤه بعد ذلك.
  • الأكل والشرب متعمداً: وهو إيصال الطعام أو الشراب إلى الجوف عن طريق الأنف أو الفم، فإذا تعمد الصائم الأكل أو الشرب في نهار رمضان فسد صومه وبطل، ويجب عليه إمساك بقية اليوم الذي أفطر فيه، ويلزمه القضاء والكفارة معاً عند الحنفية والمالكية، وذهب الشافعية والحنابلة إلى لزوم القضاء فقط دون الكفارة.[٩]
  • ما كان بمعنى الأكل والشرب: مثل حقن الدم والإبر المغذية التي تقوم مقام الغذاء والشراب، فيستغني عنهما، فهذه الأمور تفسد الصيام وتبطله، والإفطار هنا للضرورة فلا إثم عليه، ويلزمه القضاء فقط، أما الإبر غير المغذية التي لا تقام مقام الطعام والشراب فلا تفسد الصيام.
  • الحجامة: وهي إخرام الدم من الجسم عمداً عن طريق جرح ظاهر الجلد، ويدخل في معناها سحب دم كثير من الجسم من أجل التبرع لمريض، فكل ذلك يضعف البدن ويؤثر عليه وهو صائم، ومذهب الحنابلة فقط من قال أن الحجامة تفسد الصيام، في حين ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية أن الحجامة لا تفسد الصيام، وقالوا بكراهتها بشكل عام، وأما خروج الدم بسبب جرح صغير، أو خلع سن، أو تحليل دم، ونحو ذلك، فلا يفسد الصيام لأنه ليس بمعنى الحجامة حيث لا يؤثر على الجسم ويضعفه.
  • الاستقاءة: وهو التقيؤ عمداً بأن يتكلف الصائم بإخراج ما في المعدة من طعام أو شراب، سواء فعل ذلك بالضغط على معدته أو وضع إصبعه في فمه، أو تعمد شم رائحة كريهة تؤدي إلى التقيؤ، أو تعمد النظر إلى شيء قبيح يؤدي إلى التقيؤ، فمن تعمد فعل ذلك فسد صيامه ووجب عليه القضاء، أما إن غلبه التقيؤ دون اختياره فلا يفسد صيامه ولا شيء عليه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ ذرعَه القيءُ فليسَ عليهِ قضاءٌ ، ومَنْ استقاءَ عمدًا فليقضِ).[١٠]
  • خروج دم الحيض والنفاس: فإن رأت المرأة دم الحيض أو النفاس في نهار رمضان فسد صومها، ويلزمها أن تفطر، وتقضي ما عليها من أيام بعد ذلك، قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: (كانَ يُصِيبُنَا ذلكَ، فَنُؤْمَرُ بقَضَاءِ الصَّوْمِ، ولَا نُؤْمَرُ بقَضَاءِ الصَّلَاةِ).[١١]


المراجع

  1. سورة البقرة، آية:183
  2. "أحكام الصيام"، الإفتاء الأردني، اطّلع عليه بتاريخ 5/7/2021. بتصرّف.
  3. محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 177. بتصرّف.
  4. محمد المختار الشنقيطي، شرح زاد المستقنع للشنقيطي، صفحة 1. بتصرّف.
  5. "مفسدات الصيام"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 5/7/2021. بتصرّف.
  6. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 52-58. بتصرّف.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:1936، صحيح.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:1894، صحيح.
  9. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 60-61. بتصرّف.
  10. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:720، صحيح.
  11. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عاشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:335، صحيح.