الصيام

الصوم في اللغة: هو الإمساك، والترك، قال الله تعالى على لسان السيدة مريم: (إِنّي نَذَرتُ لِلرَّحمـنِ صَومًا فَلَن أُكَلِّمَ اليَومَ إِنسِيًّا)،[١] أي أنها أمسكت عن الكلام، وأما في الاصطلاح الشرعي: فهو الإمساك عن الطعام، والشراب، والجماع، وغيرها من المفطرات، من طلوع الفجر الثاني، إلى غروب الشمس، بشروط مخصوصة، على وجه التعبد لله تعالى، بشرط تحقق النية.[٢]


شروط الصيام

تنقسم شروط الصيام إلى نوعين اثنين، وبيانهما كما يأتي:

  • شروط وجوب الصيام: هي الشروط إذا توفرت في الشخص، وجب عليه الصيام، وهي كما يأتي:[٣]
  • الإسلام: فالمسلم مطالب بالصيام، ويجب عليه، والحنفية هم من اعتبروا الإسلام شرط وجوب، بينما الجمهور من المالكية، والشافعية، والحنابلة، اعتبروه شرط صحة.
  • التكليف: أي البلوغ والعقل، فيشترط لوجوب الصيام أن يكون الشخص بالغاً عاقلاً، فالصغير، والمجنون لا يطالبون بالصيام، ولا يحاسبون على تركه.
  • القدرة على الصيام: يشترط لوجوب الصيام أن يكون الشخص قادراً عليه، إذ لا يجب الصيام على المريض الذي يصعب عليه الصوم، ويجب عليه قضاء ما أفطر، إن كان مرضه من الأمراض التي يمكن الشفاء منها، وأما إن كان مرضه لا يمكن الشفاء منه، فعليه إطعام مسكين عن كل يوم أفطره، ولا يجب الصيام على الكبير العاجز الذي لا يطيق الصيام ولا يتحمله، أو يؤدي صيامهما إلى التعب والمشقة، وقد اختلفوا الفقهاء في وجوب الإطعام عليه أو لا، فذهب بعضهم إلى الوجوب، وقال الآخرون بعدم الوجوب، ولا يجب الصيام أيضاً على المرأة الحامل أو المرضع، فإن خافتا على نفسيهما، أو نفسيهما وطفلهما معاً، وجب عليها القضاء باتفاق الفقهاء، واختلفوا بوجوب القضاء في حقهما، أو الإطعام، أو الاثنين معاً، إن خافتا على طفليهما فقط.[٤]
  • الإقامة: يشترط لوجوب الصيام أن يكون الشخص مقيماً في بلده، إذ لا يجب على المسافر الصيام، ويجب عليه قضاء ما أفطر، وإن صام كان صومه صحيحاً.
  • العلم بوجوب الصيام: وهذا شرط للحنفية فقط دون الجمهور، كالمسلم الذي نشأ في بلاد الكفر، ولا يعلم بوجوب الصيام، فلا يجب عليه الصيام.
  • شروط صحة الصيام: يشترط حتى يكون الصيام صحيحاً، ما يأتي:
  • النية: تعرف النية أنها العزم على أداء الفعل، وعدم التردد بقيامه، والنية في الصيام: أي قصد الصيام، والعزم على أدائه، والنية مطلوبة في الصيام، سواء كان صيام فرض، أو صيام نافلة، واتفق الفقهاء من الحنفية، والمالكية، والحنابلة، أن النية شرط لصحة الصيام، وذهب الشافعية أن النية ركن من أركان الصيام.[٥]
  • الطهارة من الحيض والنفاس: فالمراة الحائض أو النفساء لا يصح منها الصيام، ويجب عليها الإفطار، وتقضي ما أفطرته بعد طهارتها.[٦]


مفسدات الصيام

هناك عدة أمور تبطل الصيام، وهي كما يأتي:[٧]

  • الجماع: اتفق الفقهاء على أن من جامع زوجته في نهار رمضان، بطل صيامه، وتلزمه التوبة، وعليه القضاء، والكفارة، وتكون الكفارة بعتق رقبة، فإذا لم يجد فعليه صيام شهرين متتالين، فإذا لم يستطع، فعليه إطعام ستين مسكيناً، من غالب طعام أهل البلد الذي يقيم فيه.
  • إنزال المني عمداً: إذا أنزل الصائم باختياره، فقام بتقبيل زوجته أو لمسها، أو قام بالعادة السرية، بطل صيامه، وعليه القضاء فقط.
  • الأكل والشرب: اتفق الفقهاء على أن من تعمد الأكل والشرب في نهار رمضان، سواء كان عن طريق الفم، أو عن طريق الأنف، فسد صومه، وعليه القضاء، والتوبة، فقد أمر الله تعالى بترك الأكل والشرب من أذان الفجرالثاني، إلى غروب الشمس، فقال في كتابه: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ).[٨]
  • ما كان بمعنى الأكل والشرب: مثل حقن الدم، والإبر المغذية، التي تقوم مقام الأكل والشرب، وتغني عنهما، فهي تفسد الصيام، وعليه القضاء.
  • الحجامة: اختلف الفقهاء في حكم الحجامة، هل تفسد الصيام أم لا، فذهب الحنفية، والمالكية، والشافعية، إلى أن الحجامة لا تفسد الصيام، ويكون الصيام صحيحاً، وقال الحنابلة إلى أن الحجامة تفسد الصيام، وتبطله.
  • القيء عمداً: وهو إخراج ما في المعدة عمداً عن طريق الفم، وهو مفسد للصوم، وعليه القضاء، بخلاف من غلبه القيء، وخرج من غير قصد، ودليل ذلك ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه: ( مَن ذرعَهُ قَيءٌ وَهوَ صائمٌ، فلَيسَ علَيهِ قضاءٌ، وإن استَقاءَ فليقضِ)[٩].
  • نزول دم الحيض، أو النفاس: فنزول دم الحيض أو النفاس يفسد الصيام، سواء نزل في أول النهار، أو في آخره، وعليها القضاء، ودليل ذلك ما روته عائشة رضي الله عنها: ( كانَ يُصِيبُنَا ذلكَ، فَنُؤْمَرُ بقَضَاءِ الصَّوْمِ، ولَا نُؤْمَرُ بقَضَاءِ الصَّلَاةِ).[١٠][١١]


المراجع

  1. سورة مريم، آية:26
  2. سعيد بن وهف القحطاني، الصيام في الإسلام في ضوء القرآن والسنة، صفحة 6-8. بتصرّف.
  3. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 1663-1669. بتصرّف.
  4. ناصر المنيع، أثر الاستطاعة في الأحكام الشرعية، صفحة 271-279. بتصرّف.
  5. وهبة الزحيلي، الفه الإسلامي وأدلته، صفحة 1670-1671. بتصرّف.
  6. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 33. بتصرّف.
  7. عَبد الله بن محمد الطيّار، عبد الله بن محمّد المطلق، محمَّد بن إبراهيم الموسَى، الفِقهُ الميَسَّر، صفحة 52-58. بتصرّف.
  8. سورة البقرة، آية:187
  9. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن أبو هريرة ، الصفحة أو الرقم:2380.
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عئشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:335، صحيح.
  11. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 335 .