حري بالمسلم العلم بأنّ الله -تعالى- ما شرع أمر أو حكم إلّا وكان فيه من الحكم والمقاصد العظيمة التي تعود بالخير والنفع على عباده، أمّا الصيام فقد بيّن الله -تعالى- الحكمة من مشروعيته، وهو تحقيق التقوى التي يُقصد بها استجابة العبد لأوامر الله -تعالى- ومجانبة معاصيه ونواهيه، حيث قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)،[١] ويجدر بالذكر أنّ العلماء قد ذكروا العديد من الحِكم لمشروعية الصيام، وجميعها تعدّ من خصال التقوى ومن هذه الحِكم: أنه وسيلة لشكر الله -تعالى- على نعمه، ووسيلة لمجانبة المحرمات والتخلص من آفة الشهوات والتغلب على الشيطان وقهره، ووسيلة للشعور بالفقراء والمساكين والإحسان إليهم، ووسيلة لتدريب المسلم وتعويده على الشعور بمراقبة الله -تعالى- واطلاعه عليه.[٢]


أنواع الصيام

الصيام الواجب

وهو ما كان صيامه واجباً وفرضاً على المسلم، كصيام شهر رمضان، وصيام القضاء عن رمضان، وصيام النذر والفدية والكفارة،[٣] وينقسم الصيام الواجب إلى قسمين:[٤]

  • الصيام الواجب يجب فيه التتابع: أي أن يكون التتابع في صيام الأيام واجباً وذلك كصيام رمضان حيث قال الله -تعالى-: (فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)،[٥] وصيام كفارة القتل الخطأ، وكفارة الظهار، وكفارة الجماع في نهار رمضان، وصيام المنذور به في حال تم تعيينه بوقت.
  • الصيام الواجب لا يجب فيه التتابع: أي ألّا يكون التتابع في صيام الأيام واجباً، بحيث يجوز صيامها متباعدة ومتفرقة، وذلك كقضاء رمضان عند جمهور الفقهاء حيث قال الله -تعالى-: (فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)،[٥] إلّا أنّهم قالوا باستحباب التتابع للإسراع في إسقاط الفرض عن المسلم، وكذلك صيام كفارة اليمين، والنذر المطلقة، واليمين المطلقة.


الصيام المندوب

الصيام المندوب هو ما ورد استحباب التطوع به في النصوص الشرعية، وذلك كصيام ستة أيام من شهر شوال لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم: (من صام رمضانَ وسِتًّا من شوالٍ ؛ فقد صام السَّنَةَ)،[٦] وصيام يوم عرفة حيث سُئل رسول الله عن صومه فقال -صلّى الله عليه وسلّم-: (يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ)،[٧] وصيام يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع، وصيام يومي تاسوعاء وعاشوراء من شهر محرم، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر وتسمّى بالأيام البيض.[٨]


الصيام المكروه

الصيام المكروه هو ما ورد كراهة صيامه في النصوص الشرعية، وذلك كإفراد يوم الجمعة بالصيام لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (لا تصوموا يومَ الجُمُعةِ ، إلا وقبلَه يومٌ ، أو بعدَه يومٌ)،[٩] وكذلك إفراد يومي السبت والأحد بالصيام، وصيام الوصال وهو التتابع في الصيام بحيث لا يفطر الصائم بعد الغروب وإنّما يواصل صيامه لليوم التالي فلا يفطر بين يومين لما ثبت عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- قال: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَاصَلَ في رَمَضَانَ، فَوَاصَلَ النَّاسُ، فَنَهَاهُمْ قيلَ له: أَنْتَ تُوَاصِلُ؟ قالَ: إنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ إنِّي أُطْعَمُ وَأُسْقَى).[١٠][١١]


الصيام المحرم

الصيام المحرم هو ما ورد حرمة صيامه في النصوص الشرعية، وذلك كصيام يومي عيد الفطر والأضحى، وأيام التشريق الثلاثة لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (يومُ الفِطْرِ ، ويومُ النحرِ ، وأيامُ التشريقِ ، عيدُنا أهلَ الإسلامِ ، وهىَ أيامُ أكْلٍ وشُرْبٍ)،[١٢] وكذلك صيام المرأة تطوعاً بغير إذن زوجها، وصيام يوم الشكّ وهو يوم الثلاثين من شهر شعبان، ولا يحرم صيامه لمَن صامه قضاء، أو كفارة، أو نذر، أو من كانت عادته الصيام فوافق عادته.[١٣]


المراجع

  1. سورة البقرة، آية:183
  2. محمد المنجد، موقع الاسلام سؤال وجواب، صفحة 3605. بتصرّف.
  3. محمد هيتو، فقه الصيام، صفحة 147. بتصرّف.
  4. مجموعة مؤلفين، الموسوعة الفقهية، صفحة 10-11. بتصرّف.
  5. ^ أ ب سورة البقرة، آية:185
  6. رواه الألباني، في صحيح الموارد، عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، الصفحة أو الرقم:768، صحيح.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي قتادة الحارث بن ربعي، الصفحة أو الرقم:1162، صحيح.
  8. محمد هيتو، فقه الصيام، صفحة 147-150. بتصرّف.
  9. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:7356، صحيح.
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:1102، صحيح.
  11. مجموعة مؤلفين، الموسوعة الفقهية، صفحة 14-16. بتصرّف.
  12. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عقبة بن عامر، الصفحة أو الرقم:8192، صحيح.
  13. محمد هيتو، فقه الصيام، صفحة 153-154.