إن لكل عبادة من العبادات التي فرضها الله تعالى على المسلمين، مجموعة من الأركان، لا يصح أداء العبادة بترك واحد منها، فالأركان هي ماهية العبادة وحقيقتها، إذ إنه لا يتصوّر فعل العبادة دون تحقق أركانها، ومن الأمثلة على هذه العبادات، عبادة الصيام، فالصيام يتضمن عدة أركان، إن فُقد ركن منها، بطل الصيام وفيما يأتي سيتم توضيح أركان الصيام.


ما هي أركان الصيام؟

لعبادة الصيام ثلاثة أركان، وهي كما يأتي:[١][٢]


1- النية

وتعد النية ركناً عند المالكية والشافعية، وشرطاً عند الحنفية والحنابلة، ويقصد بالنية في اللغة: القصد، وفي الشرع: هي عزم القلب واعتقاده على فعل الشيء من غير تردد، فمحل النية القلب، والتلفظ بها سنة، فعلى المسلم إذا أراد الصيام أن يعقد قلبه على فعله بترك المفطرات في نهار اليوم القادم بقصد العبادة والطاعة لله سبحانه وتعالى، ويشترط لنية الصوم عدة شروط، وهي كما يأتي:[٣]

  • تبييتها: أي أن ينوي صيام اليوم القادم من ليلته، إن كان الصوم فرضاً، ووقتها من غروب الشمس إلى ما قبل طلوع الفجر، فيصح عقدها في أي جزء من أجزاء الليلة، حيث جاء في حديث أم المؤمنين السيدة حفصة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَن لمْ يُبيِّتِ الصيامَ مِنَ الليلِ فلا صيامَ له)،[٤] أما صيام النافلة فلا يشترط تبييت النية له.
  • تعيينها: أي أن يحدّد نوع الصيام وحقيقته، فرضاً كان أم نافلة، وإن كان فرضاً، هل هو صوم رمضان، أم كفارة، أم نذر، وإن كان نفلاً، هل هو صيام عرفة أم عاشوراء، وتعيين النية هي شرط في صوم الفرض دون النافلة.
  • جزمها: أي لا يتردد في نيته أو يشك فيها، كأن يتردد في صيام رمضان أو صيام كفارة، أو صيام نافلة، ونحو ذلك.
  • تجديدها: حيث اشترط جمهور الفقهاء خلافاً للمالكية، أن على الصائم في شهر رمضان أن يجدد نيته للصوم ويعقدها كل يوم، فلا يجوز عقد نية واحدة لصيام الشهر كاملاً، وقال المالكية بجواز ذلك.


2- الإمساك عن المفطرات

  • وهو ركن من أركان الصيام باتفاق جمهور الفقهاء الأربعة.
  • ويقصد به أن يمتنع الصائم امتناعاً فعلياً عن جميع المفطرات؛ من شهوتي الفرج والبطن؛ فيمتنع عن الأكل، والشرب، والجماع، والتقيؤ، والاستمناء، وعن كل شيء حسي يدخل عن طريق الجوف، من دواء، وإبر مغذية ونحو ذلك.
  • ويكون هذا الامتناع في وقت معين، وذلك من طلوع الفجر؛ أي برفع الأذان الثاني لصلاة الفجر، إلى غروب الشمس؛ أي برفع أذان المغرب، حيث قال الله تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ)،[٥] والمراد بالخيط الأبيض والخيط الأسود: بياض النهار وسواد الليل.[٦]


تحقق الشروط في الصائم

  • يعد الصائم ركن من أركان الصيام عند الشافعية فقط، دون غيرهم، لأن الصيام لا يتصور أن يتحقق إلا بوجود الصائم.
  • واشترط الفقهاء في الصائم مجموعة من الشروط حتى يصح منه الصوم ويقبل منه، وهذه الشروط هي: أن يكون مسلماً، بالغاً، عاقلاً، قادراً، مقيماً، خالياً من الموانع الشرعية.
  • فلا يصح الصيام من الكافر، ولا يقبل منه، ولا يجب على الصغير، ولا على المجنون، لعدم تكليفهما بالأوامر الشرعية، ولا يجب كذلك على غير القادر؛ كالمريض أو العاجز لكبر سنّه، ولا على المسافر إلى بلد غير بلده، لكن يترتب عليهما أن يقضيا ما أفطرا، عند زوال العذر، لقوله تعالى: (فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)،[٧] ولا يجب أيضاً على امرأة الحائض والنفساء، بل ويحرم عليهما الصيام، ويلزمها أن تفطر حال حيضها ونفاسها، وعليها أن تقضي ما أفطرته بعد انتهاء رمضان.[٦]


بعض المسائل المتعلقة بأركان الصيام

الأكل والشرب نسياناً

بين النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه أن من أكل أو شرب أثناء صومه، فقد أطعمه الله سبحانه وتعالى وسقاه، سواء كان صيام فرض أو صيام نافلة، ولا يترتب على فعله هذا شيء، فلا يلزمه القضاء ولا الكفارة ولا يترتب عليه إثم، وذلك لِما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه،حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَن نَسِيَ وَهو صَائِمٌ، فأكَلَ، أَوْ شَرِبَ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فإنَّما أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ).[٨][٩]


تأخير الغسل الواجب بعد طلوع الفجر

اتفق أهل العلم على أن الطهارة ليست شرطاً من شروط صحة الصيام، فلو أن إنساناً أجنب، أو أن امرأة قد طهرت من حيضها أو نفاسها، قبل أن يطلع الفجر، وشرعا في الصوم، ولم يغتسلا، وأخّراه إلى ما بعد طلوع الفجر، فيعد صيامهما صحيح لذلك اليوم، إلا أنه يستحب لهما التبكير في اغتسالهما للمحافظة على أداء الصلوات في أوقاتها.[٢]


المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 113. بتصرّف.
  2. ^ أ ب "أركان الصيام وشروطه"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 29/9/2021. بتصرّف.
  3. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 21-25. بتصرّف.
  4. رواه الألباني، في إرواء الغليل، عن أم المؤمنين حفصة، الصفحة أو الرقم:914، صحيح.
  5. سورة البقرة، آية:187
  6. ^ أ ب وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 1616. بتصرّف.
  7. سورة البقرة، آية:184
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:1155، صحيح.
  9. نبيل العوضي، دروس للشيخ نبيل العوضي، صفحة 11. بتصرّف.