معنى الكفارة

الكفارة في اللغة مأخوذة مشتقة من الفعل كَفر، وهي الستر والتغطية، وفي الاصطلاح الشرعي: هي اسم يطلق على أفعال مخصوصة، يطلبها الشارع من المسلم عند ارتكابه مخالفة شرعية لإزالة ذنب تلك المخالفة،[١] والكفارات أنواع، وهي: كفارة الصيام، وكفارة اليمين، وكفارة القتل، وكفارة الظهار، وكفارات الحج، والحكمة من الكفارة إزالة إثم وأثر المعصية التي ارتكبها المسلم، بإلزامه أداء عمل معين، وهذا العمل يكون عبادة يتقرب بها المسلم إلى ربه، مثل الإطعام، أو الصيام، أو العتق.[٢]


ما هي كفارة الصيام؟ وكم مقداراها؟

كفارة الصيام ثلاثة أنواع، وهي: العتق، والصيام، والإطعام، والعتق بأن يعتق رقبة عبد، والصيام بأن يصوم شهرين متتابعين، والإطعام بأن يطعم ستين مسكيناً، ودليل ذلك الحديث الذي رواه الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه، حيث قال: (بيْنَما نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، إذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يا رَسولَ اللَّهِ هَلَكْتُ. قَالَ: ما لَكَ؟ قَالَ: وقَعْتُ علَى امْرَأَتي وأَنَا صَائِمٌ، فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَهلْ تَسْتَطِيعُ أنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، قَالَ: لَا، فَقَالَ: فَهلْ تَجِدُ إطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا)،[٣] وذهب جمهور الفقهاء من الحنفية، والشافعية، والحنابلة، إلى وجوب هذه الكفارة على الترتيب، بأن يعتق رقبة، فإن لم يجد، يصوم ستين يوماً على التوالي، فإن لم يستطع يطعم ستين مسكيناً، وذهب المالكية إلى وجوب هذه الكفارة على التخيير، لا على الترتيب، فالمسلم مخير بين هذه الثلاثة، والأفضل عندهم أن يبدأ بإطعام ستين مسكيناً،[٤] ويبلغ مقدار إطعام المسكين الواحد نصف صاع من قوت البلد، كالأرز، والشعير، ونحو ذلك.[٥]


سبب وجوب كفارة الصيام

تعددت آراء الفقهاء في الأسباب التي توجب كفارة الصيام، وبيان ذلك كما يأتي:[٦][٧]

  • الحنفية والمالكية: قال الحنفية، والمالكية، أن الأسباب التي توجب كفارة الصيام هما سببان اثنان، وبيانهما كما يأتي:
  • أن يتعمد الجماع في نهار رمضان، سواء نزل المني أو لم ينزل، ويشترط عند الحنفية أن يكون جماع مع آدمي حيّ يشتهى، ولم يشترط المالكية ذلك.[٨]
  • أن يتعمد الأكل والشرب في نهار رمضان، وذلك بوصول الطعام أو الشراب إلى جوف الصائم، عن طريق الفم.
  • الشافعية والحنابلة: قال الشافعية، والحنابلة أن ما يوجب كفارة الصيام هو سبب واحد فقط، وهو الجماع في نهار رمضان عامداً، سواء نزل المني أو لم ينزل، ولو جامع البهيمة، أو الميتة.


ما يترتب على من أفطر عمداً في نهار رمضان

يترتب على من أفطر عمداً في نهار رمضان عدة أمور، سواء أفطر بالجماع، أو أفطر بالأكل والشرب، وبيانها كما يأتي:

  • الإثم: يترتب الإثم على من أفطر في نهار رمضان عمداً، دون عذر، وذلك بسبب إتيانه منكراً عظيماً، واقترافه كبيرة من الكبائر، ويجب عليه التوبة إلى الله، وأن يندم على فعله، وأن يعزم على عدم فعل ذلك مرة أخرى.[٩]
  • القضاء: يلزم على من أفطر في نهار رمضان عمداً، دون عذر، أن يقضي ما أفطر، بعد الانتهاء من شهر رمضان، سواء كان يوم، أو أكثر.[١٠]
  • الإمساك بقية اليوم: يلزم على من أفطر في نهار رمضان عمداً، دون عذرٍ، أن يستمر في صيام اليوم الذي يفطره، وذلك بسبب حرمة شهر رمضان.[١١]
  • الكفارة: وقد تم بيان ما يتعلق بها.


بعض الأحكام المتعلقة بكفارة الصيام

اتفق جمهور الفقهاء من الحنفية، والمالكية، والشافعية، إلى أن الكفارة لا تسقط مطلقاً عمن عجز عن أدائها في وقتها، وتبقى في ذمته، حتى يستطيع أداء واحدة منها، بينما قال الحنابلة أن المسلم إن كان عاجزاً على أداء الكفارة في وقتها، تسقط عنه، حتى لو تيسر له أداؤها بعد ذلك، واختلف الفقهاء في تعدد الكفارات، إن كرر فعل ما يوجبها، وبيان اختلافهم كما يأتي:[١٢]

  • ذهب المالكية، والشافعية، بتعدد الكفارة، إن كرر فعل ما يوجب الكفارة، فتلزمه كفارة بعدد ما كرر.
  • ذهب الحنفية بعدم تعدد الكفارة، إن كرر فعل ما يوجب الكفارة، ولا فرق إن كان في يوم واحد، أو أيام متعددة، وان فعل ما يوجبها، ثم كفّر، ثم فعل في نفس اليوم، تكفي كفارة واحدة، وإن تعدد الأيام بعد اليوم الذي فعل فيه ما يوجبها، وكفر عنها، يلزمه كفارة بعدد ما كرر، إن كان سبب الكفارة هو الجماع، فإن كان غير الجماع، فلا يلزمه تعدد الكفارة.
  • ذهب الحنابلة إلى أنه إن فعل ما يوجب الكفارة، ثم كفّر، ثم فعل، لزمته كفارة بعدد ما كرر من الفعل، وأما إن كرر الفعل دون أن يكفّر، تلزمه كفارة واحدة عن الجميع.


المراجع

  1. رجاء بن عابد المطرفي، الكفارات في الفقه الإسلامي، صفحة 26-28. بتصرّف.
  2. الفقه الإسلامي/حكمة مشروعية الكفارة:/i582&d921183&c&p1 "حكمة مشروعية الكفارة"، نداء الإيمان، اطّلع عليه بتاريخ 10/6/2021. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:1936، صحيح.
  4. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 1740. بتصرّف.
  5. "كفارة الجماع في نهار رمضان"، ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 10/6/2021. بتصرّف.
  6. رجاء المطرفي، الكفارات في الفقه الإسلامي، صفحة 70-72. بتصرّف.
  7. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 59. بتصرّف.
  8. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 1709. بتصرّف.
  9. "حكم من أفطر في رمضان من غير عذر ."، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 10/6/2021. بتصرّف.
  10. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 1715. بتصرّف.
  11. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 79. بتصرّف.
  12. عبد الرحمن الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، صفحة 527-528. بتصرّف.