زكاة الذهب

يعد الذهب أحد أنواع الأموال التي تجب فيه الزكاة باتفاق أهل العلم؛ وذلك لأنه مال معدّ للنماء والزيادة، فتجب فيه الزكاة إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول، سواء كان مضروباً، كالدنانير والدراهم، أو غير مضروب، كالسبائك، وما يكون مصوغاً، كالأواني ونحو ذلك، ولا يستثنى منه إلا شيئان اثنان، وهما: الأول: الحليّ؛ وهو ما اتُخذ بنيّة الاستعمال والتزين به ولبسه، كالخاتم والإسوارة ونحو ذلك، وهذا النوع فيه خلاف بين الفقهاء في حكم زكاته أم لا، وسيأتي بيانه، والثاني: الذهب الذي استخرج معدناً من باطن الأرض، فهذا النوع من الذهب يجب إخراج زكاته بمجرد إيجاده واستخراجه دون اشتراط حولان الحول.[١]


زكاة الذهب الملبوس

تعددت آراء فقهاء المذاهب الأربعة في وجوب الزكاة في الذهب الملبوس المعد للاستعمال، وهو ما يسمى بحلي المرأة، وفيما يأتي بيان آرائهم:

  • القول الأول: ذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة، إلى عدم وجوب الزكاة في الذهب الملبوس؛ لأنه لم يرد نص صريح من القرآن أو السنة يوجب الزكاة فيه، أو ينفيها عنه، وقالوا أن الذهب الملبوس أصبح من جنس الاستعمال الشخصي كالثياب والأثاث، ونحو ذلك، وأصبح لا نماء فيه، بخلاف إن اتخذه للاكتناز والتجارة، وقد وضعوا عدة شروط لعدم وجوب الزكاة فيه، وهذه الشروط هي:[٢][٣][٤]
  • أن يكون الذهب الملبوس مباحاً للمرأة: كالخاتم والإسوارة والقلادة، ونحوه، أما إن كان محرماً؛ كأن تتخذ سيفاً من ذهب أو نعالاً من ذهب، أو يتخذ الرجل خاتماً من ذهب، فقالوا هنا بوجوب الزكاة فيه.
  • أن يكون الذهب الملبوس بنية اللبس والتزين: وذلك بأن تتخذه المرأة بنية اللبس والزينة والتجمل، أما إذا تم شرائه بنية الادخار والاكتناز أو التجارة، سواء كان رجلاً أو امرأة، فقالوا بوجوب الزكاة فيه في هذه الحالة.
  • أن يكون الذهب الملبوس ضمن المعتاد بين الناس: فلا يكون في لبسه إسراف وتبذير، فتراعي المرأة لبس الذهب فيما اعتادت عليه النساء لبسه، أما إذا لبست ما في زيادة عن حدود المعتاد، كأن تلبس أساور كثيرة تصل إلى حد الإسراف والتبذير، أو أن تلبس نعالاً من ذهب مثلاً، فإن مثل هذا يجب فيه الزكاة.
  • القول الثاني: ذهب الحنفية إلى وجوب الزكاة في الذهب الملبوس، سواء استُعمل استعمالاً مباحاً أو محرماً، وسواء لُبس أم لا، وسواء اتُخذ بنية التزين أو بنية الادخار والاكتناز، وذلك لأن الذهب في الأصل معدّ للنماء والزيادة، على أي شكل وصيغة كان، فإنه لا يحتاج إلى نية التجارة أو الاكتناز، وأن الذهب خُلق من جنس الأثمان لمنفعة التصرف والتقلب والنماء، ولا تبطل الثمنية بالاستعمال فلا تسقط الزكاة عنه باستعماله، ولأن نصوص القرآن والسنة جاءت عامة في وجوب زكاة الذهب، من غير تفريق بين صنف وآخر، واستدلوا أيضاً بحديث الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أنه قال: (أتَتِ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ امرأتانِ، في أَيديهما أَساورُ مِن ذَهبٍ، فقال لهما رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أتحِبَّانِ أنْ يُسوِّرَكما اللهُ يومَ القيامةِ أَساورَ مِن نارٍ؟ قالتا: لا، قال: فأَدِّيَا حقَّ هذا الذي في أَيديكما)،[٥] فدل ذلك كله على وجوب الزكاة في الذهب الملبوس.

المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 263. بتصرّف.
  2. محمد عثمان شبير، زكاة حلي الذهب والفضة والمجوهرات، صفحة 30-39. بتصرّف.
  3. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 41-42. بتصرّف.
  4. "المطلب الأوَّل: زكاةُ الحُلِيِّ المُعَدِّ للاستعمالِ"، الدرر السنية الموسوعة الفقهية، اطّلع عليه بتاريخ 26/8/2021. بتصرّف.
  5. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:6667، حسن.