مقدار الزكاة

من شروط وجوب الزكاة أن يبلغ المال نصاب الزكاة أو قيمته، والنِّصَابُ هو ما نَصَبَهُ الشرعُ دلالةً على حصول الغنى ووجوب الزكاة،[١] وهو مقدار المال الذي تجب فيه الزكاة، ولا تجب فيما هو أقل منه، وقد جَعَلَ الشرعُ النصابَ شرطاً في وجوب الزكاة، لأن الزكاة شُرعت مواساةً للفقير، فهي تُؤخذُ من الأغنياء وتُعطى للفقراء، فمن كان لا يملك النصاب فهو ليس بغني، ولا تجب عليه مواساة الفقير، ولكل نوع من أنواع الأموال التي تجب فيها الزكاة شرعاً نصاب معين، يختلف باختلاف نوع المال وجنسه، ومقدارٌ معين يجب إخراجه من ذلك المال إذا بلغ النصاب وتوفرت فيه شروط الوجوب.[٢]


الأنصبة والمقادير الشرعية للزكاة

إن الزكاة تجب في خمسة أنواع من الأموال، وهي: النقود، والمعادن والرِّكاز، وعروض التجارة، والأنعام، والزروع والثمار، ولكل نوع منها أنصبة ومقادير شرعية خاصة، تختلف بحسب كل صنف من أصناف المال المتعددة.[٣]


النقود

وتشمل الذهب والفضة والأوراق النقدية، وقد اتفق الفقهاء على وجوب الزكاة في الذهب والفضة، سواء كانت سبائك أم نقوداً مسكوكة أم أساور وحُلِيَّاً عند الحنفية، ويجب ضم أحد النقدين (الذهب والفضة) إلى الآخر لإكمال النصاب عند الجمهور عدا الشافعية، وأنصبتها كما يلي:[٤]

  • نصاب الذهب: عشرون مثقالاً أو ديناراً، وهو ما يعادل 85 غراماً.
  • نصاب الفضة: مائتا درهم، وهو ما يعادل 595 غراماً.
  • نصاب الأوراق النقدية: ويُقدر نصابها بنصاب الذهب أو الفضة، والأرجح أنها تُقدر بنصاب الذهب، وذهب بعض العلماء المعاصرين إلى تقديرها بنصاب الفضة لأنه أنفع للفقراء، وقد أوجب جمهور فقهاء العصر من المالكية والشافعية والحنفية الزكاة في النقود الورقية والمعدنية لأنها صارت بديلاً للذهب والفضة في التعامل ودفع الثمن،[٥] ومقدار الزكاة الواجب في الذهب والفضة هو ربع العُشر، وهو ما يعادل 2.5%.[٦]


المعادن والركاز

اختلف الفقهاء في معنى المعدن والركاز، وفي مقادير الزكاة في كل منهما، فالمعدن والركاز شيءٌ واحد عند الحنفية، وهما مختلفان عند الجمهور،[٧] فالركاز عند الجمهور هو المال الذي دفنه أهل الجاهلية، أما عند الحنفية فهو يشمل ما دفنه الناس وما خلقه الله في الأرض من كنوز ومعادن،[٨] أما المعدن عند الجمهور فهو يُطلق على ما خلقه الله فقط وليس على ما هو مدفون،[٩] والمعدن الذي تجب فيه الزكاة هو الذهب والفضة فقط عند الشافعية والمالكية، أما عند الحنفية فهو كل معدن جامد قابل للتشكل بالنار، وأما عند الحنابلة فهو يشمل كل أنواع المعادن سواءٌ كانت جامدة أو سائلة، ويُشترط في المعدن بلوغ النصاب باتفاق الفقهاء، وهو نصاب الذهب والفضة، ومقدار الزكاة الواجب فيه هو الخُمُس عند الحنفية، وربع العُشر عند الجمهور، أما الركاز (الكنز) فقد اتفق الفقهاء على وجوب الزكاة فيه بمقدار الخُمُس، ولا يُشترط فيه بلوغ النصاب عند الجمهور خلافاً للشافعية.[٧]


عروض التجارة

وهي الأموال المُعدة للتجارة عدا النقدين (الذهب والفضة)، كالثياب والأطعمة والآلات والعقارات، وغير ذلك مما يُباع ويُشترى من أنواع السلع والبضائع التجارية، وقد اشترط الفقهاء في هذه الأموال وجود نية التجارة فيها، حتى تجب فيها الزكاة، فالعقار المسكون أو المُعد مكاناً للعمل (كالمحل التجاري) لا تجب فيه الزكاة، ونصاب عروض التجارة هو نصاب الذهب أو الفضة،[١٠] واختلف الفقهاء في تقويم عروض التجارة بالذهب أم بالفضة؟، فذهب الحنابلة وأبو حنيفة في رواية إلى أنها تُقَوَّم بما هو أنفع للفقراء، وذهب الشافعية وأبو يوسف إلى تقويمها بما اشتُريت به من النقدين، وقال محمد بن الحسن: تُقوم بالنقد الغالب في البلد،[١١] ويتم تقويمها بحسب سعرها وقت إخراج الزكاة، وليس بحسب سعرها وقت الشراء، وتجب الزكاة في قيمتها، ومقدار الزكاة الواجب فيها هو ربع العشر باتفاق العلماء.[١٢]


الزروع والثمار

وهي كل ما يخرج من الأرض من نبات تمت زراعته، كالحبوب وثمار الأشجار، ولا تجب فيها الزكاة إلا بعد نضوجها وظهور صلاحها للقطف،[١٣] وقد أجمع العلماء على وجوب الزكاة في التمر والعنب من الثمار، والقمح والشعير من الزروع، لما ورد فيها من نصوص ثابتة، واختلفوا فيما سواها،[١٤] ونصابُ زكاة الزروع والثمار هو خمسةُ أَوْسُقٍ عند جمهور الفقهاء، وهو ما يعادل 653 كيلو غراماً، ولا يُشترط بلوغ النصاب في زكاة الزروع والثمار عند الحنفية،[١٥] فهي واجبة في القليل والكثير عندهم، ما لم تكن أقل من نصف صاع، ويقدر الصاع بـ170 كيلو غرام،[١٦] ومقدار الزكاة الواجب في الزروع والثمار باتفاق الفقهاء هو العشر فيما سُقي بغير مشقة ولا تكلفة كالذي يُسقى بالأمطار، ونصف العشر فيما سُقي بمشقة وتكلفة.[١٧]


الأنعام

وهي الحيوانات من الأصناف الثلاثة: الإبل والبقر والغنم، وتجب الزكاة فيها باتفاق الفقهاء، وزاد أبو حنيفة عليها الخيل، والفتوى على غير قوله في المذهب الحنفي، ولكل نوع وعدد من الأنعام نصاب مُعين للزكاة كما يلي:[١٨]

  • الإبل: وهي الذكور والإناث من الجِمَال، ونصابُها خَمْسٌ، فإذا بلغ عددها خمساً وجب أن يخرج زكاتها شاةً، وإذا بلغ عددها عشراً أخرج شاتين، وإذا بلغ خمس عشرة ثلاث شياه، وإذا بلغ عشرين أربع شياه، وإذا بلغ خمساً وعشرين إلى خمسٍ وثلاثين أخرج بنت مخاض من الإبل، وهي التي أكملت من عمرها سنة ودخلت في الثانية، وإذا بلغ عدد الإبل من 36 إلى 45 أخرج بنت لبون وهي التي أكملت سنتين ودخلت في الثالثة، ومن 46-60 أخرج حِقَّة بنت أربع سنوات، ومن 51-75 جذعة بنت خمس، ومن 76-90 بنتا لبون، ومن91-120 حقتان، ومن 121-129 ثلاث بنات لبون.
  • البقر: ونصابها ثلاثون، فمن 30-39 يجب إخراج بقرة بنت سنتين وتسمى تبيعة، ومن 40-59 أخرج بقرة بنت ثلاث سنوات وتسمى مُسنَّة، ومن 60 فما فوق يُخرج من كل ثلاثين تبيعة، ومن كل أربعين مسنة.
  • الغنم: وتشمل المَعْزَ أيضاً، ونصابها أربعون، فيخرج من 40 إلى 120 شاة واحدة، ومن 121-200 شاتان، ومن201-399 ثلاث شياه، وفي 400 أربع شياه، فإذا زاد عددها عن ذلك أخرج عن كل مائة شاة.
  • الخيل: وقد انفرد أبو حنيفة في القول بوجوب الزكاة فيها خلافاً لصاحبيه ولجمهور الفقهاء، حيث قالوا بعدم الوجوب، ونصابُ زكاة الخيل عند أبي حنيفة هو عن كل فرسٍ دينارٌ، أو عن قيمةِ مائتي درهمٍ خمسةُ دراهم.[١٩]




المراجع

  1. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 1799. بتصرّف.
  2. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 244. بتصرّف.
  3. سعيد حوى، الأساس في السنة وفقهها العبادات في الإسلام، صفحة 2384. بتصرّف.
  4. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 1819-1821. بتصرّف.
  5. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 1834. بتصرّف.
  6. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 1822. بتصرّف.
  7. ^ أ ب وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 1854. بتصرّف.
  8. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 98. بتصرّف.
  9. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 99. بتصرّف.
  10. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 1866. بتصرّف.
  11. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 272. بتصرّف.
  12. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 1871. بتصرّف.
  13. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 1881. بتصرّف.
  14. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 278. بتصرّف.
  15. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 1890. بتصرّف.
  16. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 281. بتصرّف.
  17. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 1892. بتصرّف.
  18. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 1918-1926. بتصرّف.
  19. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 261-262. بتصرّف.