الزكاة لغة: النماء والزيادة، والطهارة، أما اصطلاحاً: فهي إخراج مبلغ معين من المال وإعطاؤه لأصناف معينة ومخصوصة، في وقت مخصوص تعبداً لله -تعالى- وتقرباً إليه،[١] وقد ثبتت فرضية الزكاة في القرآن والسنة النبوية وإجماع العلماء، وممّا تجدر الإشارة إليه المنزلة العظيمة للزكاة في الإسلام فهي الركن الثالث من أركانه بعد الشهادتين والصلاة، كما أنّها قد قُرنت بالصلاة في أكثر من ثمانين موضعاً في القرآن الكريم وذلك لعظم شأنها ومكانتها، ومن ذلك قول الله -تعالى-: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ)،[٢] وقوله -تعالى-: (وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ)،[٣][٤] وحري بالمسلم العلم بأنّ الله -تعالى- ما شرع أمراً أو حكماً إلّا وفيه مقاصدٌ وحِكمٌ عظيمة تعود بالنفع على عباده، وفيما يأتي بيان وتوضيح لحكمة مشروعية الزكاة وأهم مقاصدها.


مقاصد الزكاة

هناك العديد من المقاصد والغايات من أداء الزكاة، منها ما يأتي:[٥]


تحقيق العبودية لله -تعالى-

وذلك بأنّ يعمد المسلم إلى الامتثال لأمر الله -تعالى- بإخراج الزكاة بالنسبة المطلوبة منه، وصرفها في مصارفها الشرعية، حيث بين الله تعالى أن أداء الزكاة من صفات المؤمنين الطائعين، فقال في كتابه: نَّما يَعمُرُ مَساجِدَ اللَّـهِ مَن آمَنَ بِاللَّـهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَلَم يَخشَ إِلَّا اللَّـهَ)،[٦] فإخراج الزكاة طاعة وقربة؛ يتعبد المسلم بها الله تعالى، راجياً الفضل الكبير والثواب العظيم.


حمد الله -تعالى- وشكره على نعمه

فإخراج المسلم زكاة ماله هو من باب شكر لله -تعالى- واعتراف بفضله على ما منحه إيّاه من المال؛ وهذا من شأنه أن يُحقق دوام النعمة وزيادتها؛ لقول الله -تعالى-: (وَإِذ تَأَذَّنَ رَبُّكُم لَئِن شَكَرتُم لَأَزيدَنَّكُم).[٧]


الطهارة من الذنوب

فإخراج المسلم زكاة ماله سبب في أن يغفر الله -تعالى- له ذنوبه وخطاياه، مما يؤدي إلى نجاته من النار، وقد دلّ على ذلك قول الله -تعالى-: (خُذ مِن أَموالِهِم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم وَتُزَكّيهِم بِها).[٨]


الطهارة من الشحّ والبخل

حيث إنّ الشحّ والبخل مرض مذموم، فإذا ما ابتُلي به العبد تعلّق قلبه بالدنيا وانشغل بها، وانصرف عن الآخرة، فكان إخراج الزكاة سبباً في التخلص من الشحّ والبخل، وحبّ الإنفاق والعطاء، والتحلّي بخلق الكرم والجود، حيث قال الله -تعالى-: (خُذ مِن أَموالِهِم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم وَتُزَكّيهِم بِها).[٨]


طهارة مال الزكاة ونماؤه

حيث إنّ إخراج الزكاة سبب في طهارة المال، فتعلّق حقّ الغير في المال يجعله ملوثاً مشوباً، كما أنّ إخراج الزكاة سبب في نماء المال وزيادته والبركة فيه، وقد دلّ على ذلك قول الله -تعالى-: (يَمْحَقُ اللَّـهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ)،[٩] أي يُذهب وينقص الربا، ويُنمّي ويضاعف الصدقات.


مضاعفة الحسنات ورفع الدرجات

حيث تعهّد الله -تعالى- بمضاعفة حسنات مخرج الزكاة ورفع درجاته في الجنة يوم القيامة، وقد دلّ على ذلك قول الله -تعالى-: (مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّـهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ).[١٠]


مواساة الفقير وطهارة قلبه من الحسد

حيث إنّ إخراج الزكاة سبب في التخفيف عن الفقير ومواساته بسدّ احتياجاته، وتطهير قلبه ممّا قد يشوبه من الحسد والكراهية لأصحاب المال والأغنياء.


تحقيق التكافل الاجتماعي

حيث إنّ إخراج الزكاة من أهم الأسباب التي من شأنها أن تُحقّق التعاون والتراحم بين أفراد المجتمع، وذلك بما تقوم به من توفير الحاجات الأساسية للفقراء والمحتاجين، وسداد الديون، وفك الرقاب، وتنقية المجتمع من الآفات الخطيرة كالحسد، والكراهية، والبغضاء، فيتحقق في المجتمع قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (تَرَى المُؤْمِنِينَ في تَراحُمِهِمْ وتَوادِّهِمْ وتَعاطُفِهِمْ، كَمَثَلِ الجَسَدِ، إذا اشْتَكَى عُضْوًا تَداعَى له سائِرُ جَسَدِهِ بالسَّهَرِ والحُمَّى).[١١]


المراجع

  1. سعيد القحطاني، منزلة الزكاة في الاسلام، صفحة 6. بتصرّف.
  2. سورة البقرة ، آية:43
  3. سورة البينة، آية:5
  4. مجمد السديس، اجابة السؤال في زكاة الاموال، صفحة 259. بتصرّف.
  5. عبدالله الغفيلي، نوازل الزكاة، صفحة 46-53. بتصرّف.
  6. سورة التوبة، آية:18
  7. سورة إبراهيم ، آية:7
  8. ^ أ ب سورة التوبة، آية:103
  9. سورة البقرة، آية:276
  10. سورة البقرة ، آية:261
  11. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن النعمان بن بشير، الصفحة أو الرقم:6011 ، صحيح.