أجاز الحنفية دون الجمهور دفع كفارة الصيام نقداً، حيث تُدفع قيمة الطعام نقداً للمسكين بدلاً من الطعام، إذ إنه يجب على من وجبت عليه كفارة الصيام، ولم يجد رقبة ليعتقها، ولم يستطع صيام شهرين متتابعين، أن يُطعم ستين مسكيناً، لكل مسكين مُدٌّ من القمح، بمد النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو نصف صاع من التمر أو الشعير، وهذا هو قول جمهور الفقهاء، وقال الحنفية الواجب مُدَّان من قمح أو دقيق، أو يقوم بإطعام كل مسكين وجبتين مشبعتين في اليوم،[١] والصاع هو: مكيال يكال به، ويقدّر بأربعة أمداد، وهو ما يقدر بالوزن ثلاثة كيلو غرام، والمدّ يقدّر بما يملأ كفيْ إنسان معتدل، الذي ليس صغير الكفين ولا كبيراً.


بعض الأحكام المتعلقة بكفارة الصيام

تعريف الكفارة

الكفارة لغةً من كَفَّرَ أي غطى وستر، وقد سمي الكُفر كفراً لأنه يغطي الإيمان، والكفارة شرعاً هي ما يقوم به المسلم من أعمال صالحة وقُرُبات يوجبها الله -تعالى-، على من قام بارتكاب مخالفةٍ أو معصيةٍ عظيمة، ليمحو الله -تعالى- له بها ذنبه، ويغطي إثمه، وأعمال الكفارة هي الصيام والعتق والإطعام.[٢]


ما هي كفارة الصيام؟

  • هي عتق رقبة مؤمنة، وصيام شهرين متتابعين، وإطعام ستين مسكيناً، باتفاق المذاهب، وقال الحنفية لا يشترط أن تكون الرقبة مؤمنة، ولكن يشترط أن تكون سليمة من العيوب المُضرة كالجنون والعمى والبكم، فإن لم يجد رقبة ليعتقها، صام شهرين متتابعين، فلو أفطر يوماً واحداً قبل إكمال الشهرين أعاد من البداية، حتى لو كان الفطر بعذر شرعي كالسفر، باتفاق المذاهب عدا الحنابلة، الذين يعتبرون أن الفطر لعذر شرعي لا يقطع التتابع، فإن لم يستطع الصوم يُطعم ستين مسكيناً.
  • والكفارة واجبةٌ بهذا الترتيب عند جمهور الفقهاء، عدا المالكية الذين قالوا هي واجبة على التخيير، ودليل وجوبها ما جاء في الحديث: (جَاءَ رَجُلٌ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقَالَ: هَلَكْتُ، قَالَ: وما شَأْنُكَ؟ قَالَ: وقَعْتُ علَى امْرَأَتي في رَمَضَانَ، قَالَ: هلْ تَجِدُ ما تُعْتِقُ رَقَبَةً قَالَ: لَا، قَالَ: فَهلْ تَسْتَطِيعُ أنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَ: لَا، قَالَ: فَهلْ تَسْتَطِيعُ أنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا قَالَ: لا أجِدُ، فَأُتِيَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعَرَقٍ فيه تَمْرٌ، فَقَالَ: خُذْ هذا فَتَصَدَّقْ به فَقَالَ: أعَلَى أفْقَرَ مِنَّا؟ ما بيْنَ لَابَتَيْهَا أفْقَرُ مِنَّا، ثُمَّ قَالَ: خُذْهُ فأطْعِمْهُ أهْلَكَ).[٣][٤]


على من تجب كفارة الصيام؟

تجب على من أفسد صومَ يومٍ من رمضان عامداً قاصداً منتهكاً لحرمة الشهر بلا عذر، فلا تجب على من أفطر ناسياً، أو مُكرهاً، أو بسبب المرض أو السفر، ولا تجب على الحائض والنفساء، والمجنون والمُغمى عليه، ولا تجب على من أرهقه الجوع والعطش فأفطر، ولا تجب على الحامل إذا أفطرت، وقد اتفق الفقهاء على وجوب الكفارة على من أفسد صومه بسبب الجماع في نهار رمضان عامداً، وأوجبها المالكية والحنفية أيضاً على من أفطر بالأكل والشرب ونحوهما عامداً، واشترط الشافعية لإيجاب الكفارة على من جامع زوجته في رمضان، أن يكون ذاكراً لصومه وعالماً بحرمة فعله، غير مترخص بسفر أو مرض.[٥]


المراجع

  1. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 1741. بتصرّف.
  2. عبد الرقيب الشامي، الكفارات أحكام وضوابط، صفحة 13. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:6711 ، حديث صحيح.
  4. الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، صفحة 526. بتصرّف.
  5. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 1738. بتصرّف.