هل البخور يفطر الصائم؟

يختلف حكم صيام مَن استنشق البخور بغير قصدٍ ودون إرادته عن حكم مَن تعمّد فعل ذلك، وسيتمّ فيما يأتي بيان وتفصيل حكم شمّ واستنشاق البخور للصائم بحسب حاله:


شمّ البخور بغير قصدٍ وإرادة

إذا شمّ الصائم البخور أو استنشقه بغير قصدٍ وإرادة أو اشتمّ مجرّد الرائحة من بعيدٍ دون ابتلاع شيءٍ من دخانه ووصوله إلى جوفه فلا يؤثّر ذلك على صيامه، مع أنّ الأوْلى أن يحتاط المسلم عن ذلك خلال فترة النهار ما استطاع.[١]


وبناءً على ذلك إذا شمّ الصائم البخور ووصل منه شيءٌ لحلقه بغير اختياره ولم يتمكّن من التحرّز عنه فإنّه يُكمل صيامه، ولا قضاء عليه ولا يؤثم بسبب ذلك، وكذا إذا شمّ رائحته دون استنشاق، لأنّ الممنوع هو استنشاقه لا مجرّد شمّ رائحته.[٢]


تعمّد شمّ واستنشاق البخور

إذا تعمّد الصائم استنشاق البخور فقد تعدّدت آراء الفقهاء في حكم صيامه، وبيان أقوالهم فيما يأتي:[٣]

  • قول جمهور الفقهاء

ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة إلى أنّ استنشاق البخور بقصدٍ يُفطّر الصائم، لأنّ للبخور له جرمٌ يصل إلى الجوف، ويمكن للصائم أن يجتنبه، قال ابن عابدين الحنفي: "ولو أدخل حلقه الدخان بأي صورة كان الإدخال، حتى لو تبخر بخور فآواه إلى نفسه واشتمه ذاكراً لصومه أفطر لإمكان التحرز عنه".


وبناءً على ذلك مَن استنشق البخور وهو صائمٌ صيام فرضٍ وجب عليه قضاء هذا اليوم، قال الدسوقي: "متى وصل دخان البخور أو بخار القدر للحلق وجب القضاء؛ لأنّ دخان البخور وبخار كل منهما جسم يتكيف به الدماغ ويتقوى به، أي تحصل له قوة كالتي تحصل له من الأكل".


  • قول الشافعية

ذهب الشافعية إلى أنّ استنشاق البخور لا يُفطّر الصائم حتى وإن تعمّد عدم التحرّز منه؛ لأنّ دخان البخور ليس بمعنى الأكل والشرب عرفاً؛ فلا يعدّ من مفسدات الصيام.


حكم استعمال وشمّ الطّيب للصائم

إنّ استعمال العطر والطيب أثناء الصيام لا يؤثّر على صيام المسلم، فمَن تطيّب وتعطّر على بدنه أو ثيابه أو شعره لم يُفطر بذلك، وإنّما الطيب الذي منعه أكثر الفقهاء البخور -كما أسلفنا-، لأنّ استنشاقه سببٌ لدخوله إلى الحلق والجوف،[٤] ولكن فصّل الفقهاء في حكم شمّ رائحة العطر والطّيب عن عمدٍ ما بين الجواز والكراهة، ونذكر أقوالهم فيما يأتي:[٥]

  • الحنفية: قالوا إنّ شمّ رائحة الورد ونحوه من الطيب الذي ليس له جسم لا بأس به.
  • المالكية: قالوا بكراهة تعمّد رائحة الطيب والعطر الذي لا جسم له.
  • الشافعية: يرون كراهة شمّ الرياحين أيضا ونحوها للصائم لأنّ الأصل والسنّة له ترك الترفّه في الصيام.
  • الحنابلة: قالوا بكراهة شمّ الطيب إذا كان مسحوقاً؛ لأنّه لا يؤمن أن يجذبه النّفس إلى الحلق والجوف، أمّا الطيب كالورد والمسك والعنبر غير المسحوق فلا كراهة في شمّه.

المراجع

  1. دائرة الإفتاء، "أحكام الصيام"، دائرة الإفتاء الأردنية، اطّلع عليه بتاريخ 18/3/2023. بتصرّف.
  2. فريق الموقع (19/10/2020)، "حكم استنشاق البخور في الصوم والصلاة"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 18/3/2023. بتصرّف.
  3. عبد الرزاق الكندي، المفطرات الطبية المعاصرة دراسة فقهية طبية مقارنة، صفحة 156. بتصرّف.
  4. عبد المحسن العباد، شرح سنن أبي داود للعباد، صفحة 50، جزء 469. بتصرّف.
  5. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة 1)، مصر:مطابع دار الصفوة، صفحة 210، جزء 26. بتصرّف.