لم يفرض الله تعالى عبادة على عباده المسلمين ويأمرهم بها، إلا يكون بأدائها مصلحة لهم، وتعود عليهم بالنفع والخير، ومن ذلك عبادة الزكاة، التي جعلها الله تعالى ركناً من أركان الإسلام الخمسة، وفرضاً من فروضه، حيث يجب على الغني أن يخرج من ماله مقداراً معيناً لإعطائه للفقير، وفي ذلك مصلحة لكليهما، فأداؤها تطهير لنفس الغني من البخل والشح، وتعويده على البذل والإنفاق، ومساعدة الفقير وإغنائه عن السؤال، مما يساعد على نشر المحبة في القلوب، والتعاون بين أفراد المجتمع الإسلامي، وهذا كله فيه شكر الله تعالى على نعمه، وإرضاء له. [١]


متى فرضت الزكاة؟

فُرضت الزكاة مع تقدير أنصبتها ومصارفها وشروطها وحدودها وأموالها في السنة الثانية للهجرة في المدينة المنورة، وقد ذكر أهل العلم أن الزكاة كانت مفروضة قبل ذلك في مكة المكرمة، إلا أنها كانت مفروضة على سبيل الإطلاق، دون تحديد شروط وأنصبة ومصارف؛ وذلك لأن هناك سور مكية في القرآن الكريم ذُكرت فيها فرضية الزكاة، مثل قول الله عزّ وجل في سورة الأنعام: (وَآتوا حَقَّهُ يَومَ حَصادِهِ)،[٢] وأيضاً في قوله تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّـهَ قَرْضًا حَسَنًا)،[٣] حيث إن المقصود في هذه الآيات الكريمة وغيرها إيتاء الزكاة المفروضة، فهذا مما يدل على أن الزكاة كانت مفروضة في مكة المكرمة على سبيل الإطلاق من غير تحديد، ثم جاء بيان مقاديرها وأنصبتها وشروطها في المدينة المنورة.[٤][٥]


الحكمة من فرضية الزكاة

المال نعمة من الله تعالى على الناس، وهم يتفاضلون فيه؛ فمنهم الغني ومنهم الفقير، والزكاة هي إحدى الطرق التي تؤدي إلى شكر الله تعالى على هذه النعمة، فيقوم الأغنياء بإعطاء جزء من أموالهم للفقراء المحتاجين، فهي طهرةٌ لنفس الغني، ومواساةٌ ومساعدةٌ للفقير،[٦] وفيما يأتي بيان بعض الحِكم والفوائد لفرضية الزكاة:[٧]

  • تعد الزكاة عبادة يتقرب بها العبد من ربه جلّ وعلا، التي تؤدي إلى نيل الأجر العظيم.
  • تعد الزكاة سبباً لتحقيق رضا الله تعالى.
  • تعد الزكاة سبباً من أسباب تحقيق الإيمان وكماله، فالمؤمن الحقّ الصادق يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه.
  • تعد الزكاة سبباً لانشراح الصدر وتنقية النفس من البخل والشح، وذلك بالبذل والعطاء.
  • تعد الزكاة سبباً يمنع ويحدّ من الانتشار الجرائم وتفشيها في المجتمع المسلم، التي يكون سببها الفقر والحاجة، مثل السرقة وقطع الطريق، والغش في المعاملات المالية.
  • تعد الزكاة سبباً من أسباب التخفيف من الفروق الطبقية في المجتمع، ومنع احتكار المال في يد الأغنياء فقط.
  • تعد الزكاة سبباً من أسباب تحقيق التكافل الاجتماعي ونشر المحبة والتعاون بين أفراد المجتمع،  فيصبحون كالعائلة الواحدة المتماسكة والمترابطة.
  • تعد الزكاة سبباً لزيادة ونماء المال، لأن الصدقة سبب للبركة في الرزق، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ما نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِن مالٍ).[٨]


المراجع

  1. محمد بن عبد العزيز السديس، إجابة السؤال في زكاة الأموال، صفحة 260-261. بتصرّف.
  2. سورة الأنعام، آية:141
  3. سورة المزمل، آية:20
  4. سعيد بن علي بن وهف القحطاني، منزلة الزكاة في الإسلام، صفحة 19-20. بتصرّف.
  5. محمد بن صالح العثيمين، فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام، صفحة 10. بتصرّف.
  6. القاضي/حسين بن محمد المهدي ، صيد الأفكار في الأدب والأخلاق والحكم والأمثال، صفحة 443-345. بتصرّف.
  7. محمد بن عبد العزيز السديس، إجابة السؤال في زكاة الأموال، صفحة 258. بتصرّف.
  8. رواه مسلم ، في صحيح مسلم ، عن أبو هريرة ، الصفحة أو الرقم:2588 ، صحيح.