فضل صيام التطوع

ثبت في فضل صيام التطوّع العديد من النصوص الشرعية الصحيحة، والمستقرء في السنّة النبوية يجد الكثير من الأحاديث الشريفة التي تبيّن فضل الصيام، وتحثّ عليه، وتُرغّب فيه، ونذكر فيما يأتي أبرز فضائل صيام التطوّع:


فضائل عامّة لصيام التطوع

من الفضائل العامة والعظيمة التي ثبتت في فضل صيام التطوّع ما يأتي:[١]

  • يدخل الصائمون الجنة من باب الريان

جعل الله -تبارك وتعالى- يوم القيامة باباً يُسمّى بالرّيان، وخصّه بالصّائمين، فيدخلون منه إلى الجنّة، ولا يدخل منه غيرهم، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ في الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ له: الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ منه الصَّائِمُونَ يَومَ القِيَامَةِ، لا يَدْخُلُ منه أحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ، لا يَدْخُلُ منه أحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ منه أحَدٌ).[٢]


  • يقي الصوم أصحابه من النار

بيّن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أنّ صيام يومٍ واحدٍ لوجه الله -تعالى- يُباعد بين صاحبه وبين النار سبعين خريفاً، فقد قال: (مَن صَامَ يَوْمًا في سَبيلِ اللهِ، بَاعَدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا).[٣]


  • يُكسب صاحبه حبّ الله -سبحانه-

إنّ صيام التطوّع من النّوافل التي يتقرّب بها العبد إلى الله -عز وجل-، وفي الحديث القدسي يقول -عليه الصلاة والسلام- فيما يرويه عن ربّه: (... وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ، فإذا أحْبَبْتُهُ، كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الَّذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها، وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ...).[٤]


فضائل خاصة لصيام بعض الأيام

خصّ الدين الإسلامي الحنيف بعض الأيام التي حثّ النبيّ الكريم على صيامها بفضائل عظيمة، ونذكر أبرزها فيما يأتي:[٥]

  • فضل صيام شهر الله المحرّم

بيّن النبي الكريم أن صيام شهر الله المحرّم من أفضل الصيام بعد صيام شهر رمضان المبارك، فقال: (أَفْضَلُ الصِّيامِ، بَعْدَ رَمَضانَ، شَهْرُ اللهِ المُحَرَّمُ، وأَفْضَلُ الصَّلاةِ، بَعْدَ الفَرِيضَةِ، صَلاةُ اللَّيْلِ).[٦]


  • فضل صيام الستّ من شوال

إنّ صيام الستّ من شوال بعد شهر رمضان يعدل صيام الدّهر في الأجر، ويجوز صيامها متتابعة أو متفرّقة، وقد قال النبيّ الكريم في فضلها: (مَن صامَ رَمَضانَ ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتًّا مِن شَوَّالٍ، كانَ كَصِيامِ الدَّهْرِ).[٧]


  • صيام التسع الأوائل من ذي الحجّة

ثبت أنّ الأعمال الصالحة في هذه الأيام لها فضائل وأجور عظيمة جداً، ولا شكّ أنّ الصيام إحدى هذه الأعمال، وقد قال النبي الكريم عن فضلها: (ما العَمَلُ في أيَّامٍ أفْضَلَ منها في هذه، قالوا: ولا الجِهادُ؟ قالَ: ولا الجِهادُ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخاطِرُ بنَفْسِه ومالِه، فلَمْ يَرْجِعْ بشَيءٍ).[٨]


  • فضل صيام عرفة وصيام عاشوراء

ثبت في السنّة أنّ صيام هذين اليومين سببٌ لتكفير ذنوب المسلم، ويجدر بالذّكر أنّ صيام يوم عرفة مستحبّ لغير الحاج، أمّا يوم عاشوراء، فيُستحبّ صيام يومٍ معه قبله، أو بعده لمخالفة اليهود، وفي الحديث النبوي الشريف: (... سُئِلَ عن صَوْمِ يَومِ عَرَفَةَ، فَقالَ: يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ. قالَ: وَسُئِلَ عن صَوْمِ يَومِ عَاشُورَاءَ، فَقالَ: يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ).[٩]


فوائد الصيام وحِكَمه

شرع الله -عز وجل- صيام التطوّع للعديد من الفوائد والحكم، ولعلّ من أبرزها ما يأتي:[١٠]

  • صيام التطوّع وسيلةٌ إلى التقوى، لأنّ النفس تمتنع فيه عن المباح ابتغاء مرضاة الله -تعالى-، ومن قدر على ذلك فمن باب أوْلى أن يمتنع عن المحرّمات والمعاصي، وهي ذات الغاية من فرضية صيام رمضان، فقد قال الله -سبحانه-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).[١١]


  • صيام التطوّع وسيلةٌ إلى شكر الله -تعالى- على نِعمه، فالطعام والشراب وغيره من المباحات التي يمتنع عنها الصائم هي نِعمٌ جليلة في حياة الإنسان، ويفقدها مدَّةً من الزمن أثناء صيامه، وهذا يجعله يستشعر فضل هذه النّعم وأهمّيتها في حياته، وإذا عرف قدرها كان ذلك وسيلة إلى شكر خالقها وموجدها -سبحانه وتعالى-.


  • الصوم يُهذّب الطّباع، ويلجم الشهوة، فالنفس إذا شبعت رغبت في الشهوات، وإذا صامت وامتنعت عمّا تحبّه كانت أقدر على اجتناب الشهوات والمعاصي، كما أنّ الصّوم يُفرّغ فكر العبد وقلبه للذّكر والرجاء والدعاء وتعظيم الله.


  • الصوم يضبط النّفس، ويُمرّنها على الصّبر واجتناب الشهوات، ويُعلّم صاحبها ضبط نفسه وتحمّل المشاق في سبيل الله -تعالى-.


  • الصوم وسيلةٌ إلى نشر التراحم والتكافل بين النّاس، فبه يستشعر المسلم ألم الجائعين من الفقراء والمساكين، فيرقّ لهم إذا كان غنياً، أو يجد مَن يُحسن إليه إذا كان فقيراً.

المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية، صفحة 426، جزء 1. بتصرّف.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن سهل بن سعد الساعدي، الصفحة أو الرقم:1896، صحيح.
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:1153، صحيح.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:6502، صحيح.
  5. محمد التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 190، جزء 3. بتصرّف.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1163، صحيح.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي أيوب الأنصاري، الصفحة أو الرقم:1164، صحيح.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:969، صحيح.
  9. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي قتادة الحارث بن ربعي، الصفحة أو الرقم:1162، صحيح.
  10. سعيد القحطاني، الصيام في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 27-29. بتصرّف.
  11. سورة البقرة، آية:183