متى ينوي المسلم صيام يوم عرفة؟
يعتبر صيام يوم عرفة من صيام التطوّع، ولا يصحّ صيامه إلا بالنّية، ولكن هل يُشترط عقد نيّة صيام يوم عرفة قبل الفجر أم تُجزئ نيّة صيامه في النهار؟ والجواب على ذلك هو أنّ جمهور الفقهاء وأكثر أهل العلم على أنّ نيّة صيام يوم عرفة تُجزئ من النّهار إذا أصبح المسلم صائماً ولم يأكل شيئاً، فلا يُشترط تبييتها من الليل كشهر رمضان، لأنّ صيام عرفة من التطوّع.[١]
وبناءً على ذلك فمن عزَم في النّهار على الإمساك عن الطعام في يوم عرفة لوجه الله -تعالى- فهو على نيّته وإنْ لم يتسحّر، ويدلّ على ذلك ما ثبت عن عائشة -رضي الله عنها-، إذْ قالت: (دَخَلَ عَلَيَّ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- ذَاتَ يَومٍ فَقالَ: هلْ عِنْدَكُمْ شيءٌ؟ فَقُلْنَا: لَا، قالَ: فإنِّي إذَنْ صَائِمٌ...)،[٢] ولكن اشترط الحنفية والشافعية أن تكون النيّة قبل الزوال؛ أي قبل أن تكون الشمس في وسط السماء، بينما ذهب الحنابلة والعديد من العلماء إلى عدم اشتراط ذلك.[٣]
هل يحصل مَن نوى صيام عرفة بالنهار على الثواب كاملاً؟
تعدّدت آراء العلماء في حصول الصائم على ثواب صيام اليوم كاملاً إذا لم يُبيِّت نيّة صيام عرفة من الليل، وبيان أقوالهم فيما يأتي:
- القول الأول: يحصل على ثواب اليوم كاملاً
ذهب الشافعية إلى أنّ الصائم الذي ينوي صيام التطوّع في النّهار يحصل له ثواب صيام جميع اليوم، لأنّ أجر الصيام لا يتجزّأ ولا يتبعّض، فلا فرق بين مَن صام من أول النّهار وبين مَن نوى الصيام قبل الزوال، وهذا مثل المسبوق في الصلاة الذي أدرك الإمام قبل أن يركع، فهو يُدرك بذلك ثواب جميع الركعة.[٤]
- القول الثاني: يُثاب من وقت عقد النيّة
ذهب الحنابلة إلى أنّ الأصل تبييت نية صيام التطوع قبل الفجر حتى يحصل للصائم ثواب صيام جميع اليوم، أمّا إذا عقد الصائم نية صيام التطوّع أثناء النهار فيُكتب له أجر الصيام من حيث أنشأ نيّته إلى باقي اليوم، لقول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى).[٥]
هل يجوز صيام عرفة بنية القضاء والتطوع؟
ذهب الكثير من أهل العلم إلى عدم صحّة الجمع بين صيام الفرض والنّفل في نيَّةٍ واحدة، فلا يجوز للصائم أن ينوي صيام يوم عرفة وصيام قضاء يومٍ من رمضان أو نحوه من الصيام الواجب في نفس اليوم؛ لأنّ صيام الفرض يختلف عن صيام النّفل من عدّة حيثيّات، ومنها أنّ كلَّاً منهما عبادةٌ مقصودةٌ بذاتها، ويُشترط في صيام الفرض تبييت النيّة قبل الفجر، ولا يجوز الإفطار فيه دون عذر، وهو ما لا يُشترط في صيام التطوّع.[٦]
وذهب بعض العلماء إلى جواز الجمع بين نيّة القضاء ونيّة التطوّع، مع الإشارة إلى أنّ الصائم في هذه الحالة لا يحصل له الثواب الأكمل، ففي صيام كلٍّ منهما منفرداً أجرٌ أعظم، ولكن قالوا إنّ الأحوط هو عدم التشريك في نيّة صيام الفرض والتطوّع خروجاً من الخلاف في هذه المسألة، وحتى يحصل الصائم على الأجر الأكثر.[٧]
المراجع
- ↑ أبو ذر القلموني، أحكام الصيام والقيام وزكاة الفطر، صفحة 14. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة، الصفحة أو الرقم:1154، صحيح.
- ↑ سيد سابق (1977)، فقه السنة (الطبعة 3)، بيروت:دار الكتاب العربي، صفحة 438، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ النووي (1991)، روضة الطالبين وعمدة المفتين، صفحة 352، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم:1، صحيح.
- ↑ أسامة سليمان، التعليق على العدة شرح العمدة، صفحة 16، جزء 41. بتصرّف.
- ↑ لجنة الإفتاء (3/6/2020)، "حكم الجمع بين قضاء رمضان والستة من شوال"، دائرة الإفتاء الأردنية، اطّلع عليه بتاريخ 7/3/2023. بتصرّف.