حكم إخراج الزكاة إذا دخل وقت وجوبها

يجب على المسلم المكلّف إخراج الزّكاة إذا حان وقتها دون تأخير، وهذا ما ذهب إليه جمهور أهل الفقه على أنّ الزكاة تؤدّى بعد استيفاء شروط وجوبها المقرّرة شرعاً من ملك النّصاب وحولان الحول، وعليه لا يجوز للمسلم تأخيرها، وإنْ أخّر إخراجها دون عذر شرعي يأثم لحبسه مال غيره بغير حقّ، فالمال الذي استوفى شروط الزّكاة أصبح حقّاً لمصارفه الشرعية، وذمّة المزكّي مشغولة بأدائه.[١]


وصدق الله إذ يقول: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)،[٢] وبناء عليه يجدر التّنبيه إلى أنّ الجمعيات الخيرية الرسمية التي تتولّى تصريف أموال الزّكاة يلزمها المسارعة إلى أداء الزّكاة لمستحقيها، وأنْ لا تبقى هذه الأموال رصيداً مدوّراً في حساباتها المصرفية.[٣]


ووجوب إخراج الزّكاة فوراً متعلّق بشرطين:[١]

  • التّمكن من إخراجها، وذلك بأنْ يكون المال حاضراً عنده وفي تصرّفه وقت وجوبها.
  • حضور الأصناف المستحقة للزكاة، أو من ينيبونهم لها أو الحاكم، أو من ينيبه الحاكم.


الأدلة على حكم إخراج الزكاة إذا دخل وقت وجوبها

استدلّ أهل العلم على الحكم بوجوب إخراج الزّكاة فوراً إذا دخل وقت وجوبها بعدّة أدلة، منها ما يأتي:[٤]

  • قول الله -تعالى-: (وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ)،[٥] ووجه الدّلالة في الآية وجوب تعجيل الزّكاة إذا تعيّن وقتها.


  • قول الله -تعالى-: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ)،[٦] ووجه الدّلالة أنّ الأمر المطلق الأصل فيه أنّه على الفور؛ بدليل قوله -سبحانه-: (فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ).[٧]


  • قول الله -تعالى-: (وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ)،[٨] ووجه الدّلالة في الآية التّصريح بوجوب المبادرة إلى أداء الزّكاة.


  • صحّ في الحديث عن عُقبة بن الحارثِ -رضي الله عنه- أنّه قال: (صلَّى الرَّسولُ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- العَصرَ، فأسرعَ ثم دخَل بيتَه، فلم يلبَثْ أن خرَجَ، فقُلتُ له، أو قيلَ له؟ فقال: كنتُ خلَّفتُ في البَيتِ تِبرًا من الصَّدقةِ، فَكرهتُ أنْ أُبيِّتَه، فقَسَمتُه).[٩]


  • إنّ في تعجيل الزّكاة إبراءٌ لذمة المسلم من أنْ تكون مشغولة؛ فقد يعاجله الموت ويبقى دين الله في ذمّته.


وقت أداء الزكاة تبعاً لنوع المال

معلوم أنّ الأموال التي تجب فيها الزّكاة متعدّدة، وبناء عليه يختلف وقت أدائها تبعاً لنوع المال الذي وجبت في الزّكاة، وتفصيل ذلك فيما يأتي:[١٠]

  • زكاة الأموال من الذهب والفضة وعروض التّجارة تجب مرّةً واحدة كلّ عام قمري إذا بلغت النّصاب.


  • زكاة الأنعام السّائمة تجب بتمام الحول إذا بلغت النّصاب، والسّائمة هي الأنعام التي ترعى في الكَلأِ المُباحِ في البرّ، ولا تحتاج إلى العَلف.[١١]


  • زكاة الزروع والثمار تؤدّى من ناتجها، ولا يشترط حولان الحول؛ إذ قد يتكرّر الإنتاج في العام الواحد أكثر من مرّة، أمّا تحقّق النّصاب، فيشترط عند جمهور الفقهاء خلافاً للحنفية.


  • وقت وجوب زكاة المعادن عند تحقّق استخراج ما تجب فيه الزّكاة وبلوغ النصاب، وليس له حول، وهذا باتّفاق الجمهور، لأنّه مال مستفاد من باطن الأرض.[١٢]

المراجع

  1. ^ أ ب وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، دمشق:دار الفكر، صفحة 1813-1814، جزء 3. بتصرّف.
  2. سورة النور، آية:56
  3. فريق الموقع، "هل تدفع أموال الزكاة للجمعيات الخيرية"، إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 24/6/2023. بتصرّف.
  4. فريق الموقع، "حُكمُ إخراجِ الزَّكاةِ بعد وجوبِها"، الدرر السنية الموسوعة الفقهية، اطّلع عليه بتاريخ 24/6/2023. بتصرّف.
  5. سورة المنافقون، آية:10
  6. سورة البقرة، آية:43
  7. سورة البقرة، آية:148
  8. سورة الأنعام، آية:141
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عقبة بن الحارث، الصفحة أو الرقم:1430 ، صحيح.
  10. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، دمشق:دار الفكر، صفحة 1814-1815، جزء 3. بتصرّف.
  11. فريق الموقع، "السَّومُ"، الدرر السنية الموسوعة الفقهية، اطّلع عليه بتاريخ 24/6/2023. بتصرّف.
  12. سعيد حوى (1994)، الأساس في السنة وفقهها (الطبعة 1)، صفحة 2385، جزء 5. بتصرّف.