هل يجوز صيام شوال قبل القضاء؟

يتّجه المسلمون بعد انقضاء رمضان لاغتنام أجر صيام ستة أيام من شهر شوال؛ اغتناماً للأجر الذي أخبر عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (مَن صامَ رَمَضانَ ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتًّا مِن شَوَّالٍ، كانَ كَصِيامِ الدَّهْرِ)،[١] ولكنْ قد ينقضي رمضان وفي ذمّة المسلم أيام قضاء واجبة فاته صيامها؛ فهل يجوز صيام شوال قبل القضاء؟ أم الأوْلى أنْ يقضي ما عليه ثمّ يشرع في صيام السّت من شوال؟


هذا المقال يُجيب على كلّ هذه التّساؤلات.


مذاهب الفقهاء في صيام التّطوع قبل القضاء

تعدّدت مذاهب الفقهاء في حكم صيام التّطوع بحقّ من فاته صيام أيام من شهر رمضان، وفيما يأتي استعراض لأبرز الآراء الفقهية والأمور المتعلقة بالمسألة:[٢]


جواز صيام التّطوع قبل القضاء

ذهب كثير من الفقهاء إلى القول بجواز صيام التّطوع؛ كصيام السّت من شوال قبل قضاء ما فاته صيامه من رمضان؛ وقالوا: إنّ وقت القضاء متّسع، ولم يضيّق فيه الشّرع، ويرى بعضهم جواز ذلك مع الكراهة،[٣] ومن الأدلة التي يُستشهَد بها لهذا الرأي السّعة الظاهرة في قوله -تعالى-: (وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ).[٤]


عدم جواز صيام التّطوع قبل القضاء

يرى بعض الفقهاء أنّه لا يجوز للمسلم صيام السّت من شوال إلا إذا كان قد صام رمضان وأدّى قضاء ما عليه من أيام؛ وعلّلوا ذلك بأنّ صيام رمضان واجب، وأداء الواجب أوْلى من الشّروع في التّطوع؛ فيجب القضاء بحقّه أولًا إبراءً لذمّته؛ ثم يصوم السّت من شوال.


ونبّهوا إلى أنّ الحديث الوارد في فضل صيام السّت من شوال معلّقٌ بإتمام صيام شهر رمضان؛ لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (مَن صامَ رَمَضانَ ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتًّا مِن شَوَّالٍ، كانَ كَصِيامِ الدَّهْرِ)،[١] والذي يشرع بصيام السّت وعليه قضاء يكون صام بعض رمضان -وليس كلّه- ثمّ أتبعه ستّاً من شوال.[٥]


عدم جواز صيام التّطوع قبل القضاء لمن فاته صيام أيام بلا عذر

يرى بعض الفقهاء أنّ جواز صيام التّطوع قبل قضاء الواجب مشروط بأنْ يكون ما فاته من أيام في رمضان بعذر؛ كالسّفر أو المرض، والحيض ونحوه للمرأة، أمّا من فاته صيام أيام من رمضان بلا عذر؛ فالواجب في حقّه قضاء ما عليه مع التّوبة والاستغفار قبل البدء بصيام التّطوع.


جواز صيام التّطوع قبل القضاء إذا كان الوقت لا يتّسع

لا خلاف عند أهل العلم أنّ الأفضل والأوْلى أنْ يبادر المسلم إلى قضاء الواجب الذي فاته دون تأخير ما أمكنه ذلك، ولكنّهم مع ذلك تنبّهوا إلى خصوصية صيام التّطوع في بعض الأيام كونها مقترنة بوقت؛ كصيام السّت من شوال أو صيام يوم عرفة وغيرها.


يقول صاحب الفقه الميسّر بعد تحقيق المسألة: "إذا كان الوقت لا يَتَّسِعُ لها؛ فالمناسب صوم السّت من شوال ثم يقضِي ما عليه؛ لأنّ تلك لها وقت تنتهي فيه، أمّا القضاء فوقته إلى رمضان الآخر، كما جاء في حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: (كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إِلا في شَعْبَانَ)[٦]".[٢]



مواضيع أخرى:

المراجع

  1. ^ أ ب رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن بي أيوب الأنصاري، الصفحة أو الرقم:1164 ، صحيح.
  2. ^ أ ب عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 19-20، جزء 3. بتصرّف.
  3. فريق الموقع، "التَّراخي في القَضاءِ"، الدرر السّنية، اطّلع عليه بتاريخ 15/1/2023. بتصرّف.
  4. سورة البقرة، آية:185
  5. مجموعة من المؤلفين، فتاوى واستشارات الإسلام اليوم، صفحة 80، جزء 7. بتصرّف.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1146 ، صحيح.