هل صيام وقفة عرفات فرض؟

ذهب جمهور أهل العلم إلى استحباب صيام يوم عرفة لغير الحاج؛ وهو اليوم التاسع من شهر ذي الحجة،^[١] فصيامه سنة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وليس فرضاً، فهو من قبيل صيام التطوع الذي حثت عليه نصوص الشريعة الإسلامية ورغبت في المحافظة عليه، وهو أفضل أيام التسع من ذي الحجة للصيام فيه.^[٢][٣]

حكم صيام يوم عرفة للحاج

ذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى كراهة صيام يوم عرفة للحاج؛ ^[٤]وعللوا ذلك بقولهم أن الحاج إذا صام يوم عرفة فإنه قد يضعفه عن الدعاء وفعل الأعمال الصالحة والإكثار منها، ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يصمه عندما كان حاجاً في حجة الوداع، وكذا أصحابه أبا بكر وعمر وعثمان -رضي الله عنهم-، وهذا في شأن من وقف بعرفة نهاراً، أما من وقف بعرفة ليلاً فيستحب له صيامه.^[١]

وذهب الحنفية إلى القول بكراهة صيام يوم عرفة للحاج إذا كان صومه سبباً في إضعافه عن الوقوف والدعاء، وأما إذا كان صيامه لا يضعفه فإنه يستحب له أن يصومه؛ فصيام عرفة له الكثير من الفضائل التي تميّزه عن باقي الأيام.^[١]

فضل صيام يوم عرفة

جاء في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيان فضل صيام يوم عرفة، حيث أخرج الإمام مسلم في صحيحه الحديث الذي رواه أبو قتادة -رضي الله عنه- فقال: (وَسُئِلَ عن صَوْمِ يَومِ عَرَفَةَ، فَقالَ: يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ)،^[٥] فبيّن الحديث الشريف أن فضل صيام يوم عرفة هو تكفير ومغفرة ذنوب السنة الماضية والسنة الآتية للصائم، ومما ينبغي التنبه إليه أن أهل العلم قد أشاروا إلى أن التكفير المذكور في الحديث إنما هو شامل لصغائر الذنوب دون كبائرها؛ إذ إن الكبائر لا بدّ لها من توبة خاصة لتكفيرها.^[٦]

فضل يوم عرفة

فضّل الله -عزّ وجلّ- يوم عرفة وعظّمه، وميّزه عن باقي أيام السنة، ومن فضائله ما يلي:^[٧]

• هو يوم من الأيام المعلومات التي أقسم الله بها في كتابه؛ فقال -تعالى-: (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ)،^[٨] وقال أيضاً: (وَلَيَالٍ عَشْرٍ)،^[٩] ويقصد بالأيام المعلومات والليال العشر هي أيام عشر ذي الحجة.
• هو يوم تمام النعمة وإكمال الدين والشريعة؛ فجاء في حديث عمر -ضي الله عنه-: "أنَّ رَجُلًا، مِنَ اليَهُودِ قالَ له: يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، آيَةٌ في كِتَابِكُمْ تَقْرَؤُونَهَا، لو عَلَيْنَا مَعْشَرَ اليَهُودِ نَزَلَتْ، لَاتَّخَذْنَا ذلكَ اليومَ عِيدًا. قالَ: أيُّ آيَةٍ؟ قالَ: {اليومَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وأَتْمَمْتُ علَيْكُم نِعْمَتي ورَضِيتُ لَكُمُ الإسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] قالَ عُمَرُ: قدْ عَرَفْنَا ذلكَ اليَومَ، والمَكانَ الذي نَزَلَتْ فيه علَى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وهو قَائِمٌ بعَرَفَةَ يَومَ جُمُعَةٍ".^[١٠]
• هو يوم الركن الأعظم في الحج؛ حيث يؤدي الحجاج في يوم عرفة الوقوف بعرفة، وهو أعظم ركن من أركان فريضة الحج، فجاء في الحديث: (الحجُّ عرفاتٌ ، الحجُّ عرفاتٌ ، الحجُّ عرفاتٌ...).^[١١]
• هو يوم مغفرة الذنوب، والعتق من النيران، وقبول الدعوات، ونزول الخيرات والبركات، وفيه يباهي الله أهل السماء بأهل عرفة، جاء في الحديث: (ما مِن يَومٍ أَكْثَرَ مِن أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فيه عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِن يَومِ عَرَفَةَ، وإنَّه لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بهِمُ المَلَائِكَةَ، فيَقولُ: ما أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟).^[١٢]