في أي عام فرض الصيام؟

فرض الله تعالى صيام شهر رمضان على المسلمين في شهر شعبان من السنة الثانية للهجرة، بعد تحويل قبلة المسلمين إلى الكعبة المشرفة بدل بيت المقدس بشهر تقريباً، وقد صام النبي صلى الله عليه وسلم شهر رمضان تسع مرات، حيث بقي بعد فرض الصيام تسع سنين، ثم توفي بعدها في السنة الحادي عشر من شهر ربيع الأول،[١][٢] وصيام رمضان ركن من أركان الإسلام الخمسة، حيث ثبتت فرضيته في القرآن الكريم والسنة النبوية والإجماع، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)،[٣] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ)،[٤] وأجمعت الأمة الإسلامية على وجوب صيام رمضان وأنه من أمور الدين المعلومة بالضرورة، وأجمعوا على كفر من أنكر وجوبه وجحد به.[٥]


مراحل فرضية الصيام

تميزت الشريعة الإسلامية بعدة خصائص، ومنها خاصية التدرج في تشريع الأحكام الشرعية، وفرض التكاليف الشرعية على الناس، مراعاة لظروفهم، وطبيعة نفوسهم، وما اعتادته من مبادئ وأحكام وعادات، حيث يشرع في البداية حكم معين يتناسب مع أحوال الناس وطباعهم ومكانهم وزمانهم، دون أن يترتب عليهم الضرر والمشقة، مراعاة وتخفيفاً لهم، ثم بعد ذلك يتم إقرار حكماً دائماً، بحيث يصلح في كل زمان ومكان، ومن الأحكام التي تم التدرج في تشريعها عبادة صيام رمضان، وفيما يأتي بيان مراحل تشريعه:[٦][٧]

  • المرحلة الأولى: فرض الصيام في البداية على سبيل التخيير بين صيامه وبين دفع فدية عن كل يوم يفطره يطعم مسكيناً، مع الحث والترغيب على الصوم، حيث جاء في صحيح البخاري من حديث الصحابي الجليل سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أنه قال: (كُنَّا في رَمَضَانَ علَى عَهْدِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، مَن شَاءَ صَامَ وَمَن شَاءَ أَفْطَرَ فَافْتَدَى بطَعَامِ مِسْكِينٍ، حتَّى أُنْزِلَتْ هذِه الآيَةُ: {فمَن شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}).[٨]
  • المرحلة الثانية: فرض الصيام على كل مسلم بالغ عاقل صحيح قادر على الصيام مقيم في بلده من طلوع الشمس إلى غروبها، فإذا غربت الشمس جاز له أن يأكل ويشرب بشرط ألا ينام قبل أن تغرب الشمس ويأكل ويشرب، فإن نام قبل أن يأكل ويشرب، يحرم عليه حينئذ الأكل والشرب والجماع حتى غروب شمس اليوم الذي يليه، وهذه المرحلة كان فيها حرج شديد ومشقة كبيرة على المسلمين في الصيام، إلا أنه خُفف بعد ذلك.
  • المرحلة الثالثة: وهذه المرحلة نسخت المرحلة التي قبلها فجاءت لتخفيف وتيسير الصيام، وهي التي عليها نحن الآن، وهي وجوب الصيام وفرضيته من طلوع الشمس حتى غروبها، من غير اشتراط عدم النوم قبل الإفطار، حيث نزل قوله تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ)،[٩] وفرح المسلمون فرحاً شديداً عند بنزول هذه الآية، حيث يجوز للمسلم أن يأكل ويشرب ويجامع إلى طلوع الفجر، وهذه المرحلة هي المرحلة التي استقرّ عليها فرض الصيام حتى يوم القيامة.



مواضيع أخرى:

حكم صوم رمضان

فضل صيام رمضان


المراجع

  1. "متى فرض الصيام ؟"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 17/8/2021. بتصرّف.
  2. موسى بن راشد العازمي، اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون، صفحة 322. بتصرّف.
  3. سورة البقرة، آية:183
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:8، صحيح.
  5. سعيد بن وهف القحطاني، الصيام في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 48-51. بتصرّف.
  6. "مراحل تشريع صيام شهر رمضان"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 17/8/2021. بتصرّف.
  7. محمد الزحيلي، الوجيز في أصول الفقه الإسلامي، صفحة 233. بتصرّف.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن سلمة بن الأكوع، الصفحة أو الرقم:1145، صحيح.
  9. سورة البقرة، آية:187