الآثار التي تحصل من منع الزكاة

الزّكاة في الإسلام ركنٌ ركين وأصل متين، جاء تشريعها لتحقيق مقاصد عظيمة في حياة الأفراد والمجتمعات، ولا شكّ أنّ الامتناع عن أدائها في مصارفها الشّرعية يترك آثاره الجسيمة في مجالات شتّى، وهذا المقال يُلقي الضّوء على أهم الآثار التي تظهر على الفرد والمجتمع عند منع الزّكاة.


آثار منع الزّكاة على مانعها

مانع الزّكاة أوقع نفسه في مخاطر كثيرة في الدنيا والآخرة، ويمكن توضيح ذلك فيما يأتي:


  • جعل ماله ممحوق البركة، وإنْ كثُر؛ فالعبرة ببركة المال لا بكثرته، "ومانع الزكاة إلى التلف حتماً: إنْ لم يكن بتلف ماله، فبتلف أجره وفساد حاله، وأنّه إنْ ضنَّ بما يستوجب رضا الله هلك ماله مصحوباً بغضب الله".[١]


  • يورثه الله في الدّنيا بُغض النّاس له وكراهية مجالسته؛ ففي الصحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إنَّ اللَّهَ إذا أحَبَّ عَبْدًا دَعا جِبْرِيلَ فقالَ: إنِّي أُحِبُّ فُلانًا فأحِبَّهُ، قالَ: فيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنادِي في السَّماءِ فيَقولُ: إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلانًا فأحِبُّوهُ، فيُحِبُّهُ أهْلُ السَّماءِ، قالَ ثُمَّ يُوضَعُ له القَبُولُ في الأرْضِ، وإذا أبْغَضَ عَبْدًا دَعا جِبْرِيلَ فيَقولُ: إنِّي أُبْغِضُ فُلانًا فأبْغِضْهُ، قالَ فيُبْغِضُهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنادِي في أهْلِ السَّماءِ إنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ فُلانًا فأبْغِضُوهُ، قالَ: فيُبْغِضُونَهُ، ثُمَّ تُوضَعُ له البَغْضاءُ في الأرْضِ).[٢]


  • البخل بحقوق الفقراء يورث قسوة في القلب تترك أثرها شؤماً وضيقاً في سائر حياته.


  • مانع الزّكاة عرّض نفسه لسخط الله -عزّ وجلّ- وغضبه

يصف لنا النبي -صلى الله عليه وسلم- مشهداً من مشاهد عذاب مانعي الزّكاة في الآخرة عند لقاء الله؛ فيقول: (ما مِن صاحِبِ ذَهَبٍ ولا فِضَّةٍ لا يُؤَدِّي مِنْها حَقَّها، إلَّا إذا كانَ يَوْمُ القِيامَةِ صُفِّحَتْ له صَفائِحُ مِن نارٍ، فَأُحْمِيَ عليها في نارِ جَهَنَّمَ، فيُكْوَى بها جَنْبُهُ وجَبِينُهُ وظَهْرُهُ، كُلَّما بَرَدَتْ أُعِيدَتْ له، في يَومٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ ألْفَ سَنَةٍ، حتَّى يُقْضَى بيْنَ العِبادِ، فَيَرَى سَبِيلَهُ؛ إمَّا إلى الجَنَّةِ، وإمَّا إلى النَّارِ)،[٣]


وفي حديث آخر يقول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: (مَن آتاهُ اللَّهُ مالًا فَلَمْ يُؤَدِّ زَكاتَهُ، مُثِّلَ له مالُهُ شُجاعًا أقْرَعَ، له زَبِيبَتانِ يُطَوَّقُهُ يَومَ القِيامَةِ، يَأْخُذُ بلِهْزِمَتَيْهِ -يَعْنِي بشِدْقَيْهِ- يقولُ: أنا مالُكَ أنا كَنْزُكَ ثُمَّ تَلا هذِه الآيَةَ: (وَلا يَحْسِبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بما آتاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ) إلى آخِرِ الآيَةِ).[٤]


آثار منع الزّكاة على المجتمع

لا شكّ أنّ منع الزّكاة يترك أثراً سلبياً على عموم المجتمع؛ حيث إنّ تحقيق التّكافل بين أفراد المجتمع المسلم مقصد عظيم من مقاصد الزّكاة؛ فالإسلام ينظر إلى أفراد المجتمع على أنّهم أسرة واحدة، يسدّ فيها الغني حاجة الفقير، ويقوم فيها القادر على إعانة المحتاج، وبغياب هذا المقصد يُحرم المجتمع من كثير من الخيرات، بل تحلّ فيه شرور كثيرة -نسأل الله السّلامة منها-.


  • يتّجه المجتمع نحو انعدام الأمن؛ فتزداد معدّلات السّرقة، وانتشار الجرائم.
  • منع الزّكاة سبب في بروز مظاهر التّسوّل.
  • منع الزّكاة سبب في تهييج مشاعر الكراهية والحقد والحسد نحو الموسرين والأغنياء.



مواضيع أخرى:

تعجيل الزّكاة

شرح منزلة الزكاة وشروط وجوبها

المراجع

  1. محمد الخطيب، أوضح التفاسير، صفحة 704، جزء 1.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2637 ، صحيح.
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:987 ، صحيح.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:4565 ، صحيح.