تلبية الحج

التلبية لُغةً: هي إجابة المنادي وطاعته، واصطلاحاً: "قول المُحرِم لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك"،[١] ومعنى لبيك اللهم لبيك: أي أجبتُكَ وأطعتُك يا رب مرة بعد مرة، والتلبية مستحبة في الحج عند الحنفية والشافعية والحنابلة، وواجبة عند المالكية، وذهب الشافعية والإمام مالك في قول له؛ إلى جواز الزيادة على صيغة التلبية، لما رُوي عن ابن عمر -رضي الله عنه- أنه كان يزيد عليها بقوله: "لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ بِيَدَيْكَ وَالرَّغْبَةُ إِلَيْكَ وَالْعَمَل"، وذهب الحنابلة والإمام مالك في قول آخر له؛ إلى عدم استحباب الزيادة على صيغة التلبية مع عدم كراهة ذلك، لما جاء في الحديث: (فَأَهَلَّ بالتَّوْحِيدِ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ، لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لكَ لَبَّيْكَ، إنَّ الحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ، وَالْمُلْكَ لا شَرِيكَ لكَ وَأَهَلَّ النَّاسُ بهذا الذي يُهِلُّونَ به، فَلَمْ يَرُدَّ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عليهم شيئًا منه، وَلَزِمَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ تَلْبِيَتَهُ).[٢][٣]


أوقات تلبية الحج

يُستحب للحاج أن يستمر في التلبية من وقت إحرامه إلى وقت تحلله، وفي الحج يقطع الحاج تلبيته عند وصوله إلى رمي جمرة العقبة، أما في العمرة فحتى يبدأ بالطواف، ويتأكد استحباب التلبية عند كل صعود وهبوط، وعند الركوب والنزول، وعند اجتماع الحجاج، وعند الانتهاء من الصلوات، وعند مجيء الليل أو النهار، وفي وقت السحر، وعند انتقال الحاج من حال إلى حال، وهذا ما اتفق عليه جمهور أهل العلم.[٤]


التلبية في طواف القدوم وفي السعي بعده

اختلف الفقهاء في استحباب التلبية أثناء طواف القدوم وفي السعي بعده على قولين:[٥]

  • القول الأول: عدم استحباب التلبية في طواف القدوم وفي السعي بعده، وذهب إلى هذا القول المالكية والشافعية في الجديد عندهم، وعللوا ذلك باشتغال الحاج بذكر يخص النسك فهو اولى من التلبية، وروى الإمام مالك في الموطأ أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- كان يقطع التلبية أثناء طواف القدوم، وأثناء السعي بين الصفا والمروة.
  • القول الثاني: لا بأس بالتلبية في طواف القدوم، وذهب إلى هذا القول عبد الله بن عباس -رضي الله عنه-، وربيعة بن عبد الرحمن، وعطاء بن السائب، وابن أبي ليلى، وداود، وأحمد، وهو قول للشافعي، وقد رجَّح ابن قدامة هذا القول، وأجاب عنه بأن هذا هو زمن التلبية فلا تُكره، ويمكن الجمع بينها وبين الذكر المشروع في الطواف، ولكن يُكره للحاج أن يرفع صوته بها حتى لا يشوش على الطائفين.


التلبية في مواضع النسك

لا خلاف بين العلماء في استحباب التلبية في مواضع النُّسُك، فيستحب للمُحرِم أن يُلبي في المسجد الحرام، وفي مسجد الخيف بمنى، وفي مسجد نمرة بالقرب من عرفات، ولكنهم اختلفوا في استحباب التلبية في المساجد الأخرى، ورجَّح بعض أهل العلم استحبابها في كل المساجد بشرط عدم رفع الصوت بها، حتى لا يتم التشويش على المصلين.[٦]


المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الدرر السنية، صفحة 88. بتصرّف.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم: 1218، حديث صحيح.
  3. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 261-262. بتصرّف.
  4. سعيد بن وهف القحطاني، مناسك الحج والعمرة في الإسلام في ضوء القرآن والسنة، صفحة 245-246. بتصرّف.
  5. سعيد بن وهف القحطاني، مناسك الحج والعمرة في الإسلام في ضوء القرآن والسنة، صفحة 246-247. بتصرّف.
  6. سعيد بن وهف القحطاني، مناسك الحج والعمرة في الإسلام في ضوء القرآن والسنة، صفحة 247. بتصرّف.