محظورات الإحرام

محظورات الإحرام هو الممنوعات التي يُمنع فعلها من المحرم أو المحرمة، أو كلاهما معاً، بسبب الإحرام والدخول في نسك الحج،[١] وذلك امتثالاً لأوامر الله -عزّ وجلّ- وأوامر رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وتذكيراً للمحرم بالعبادة التي أقدم عليها، فيتذلل ويخضع لربه جلّ وعلا، ويربي نفسه على التقشف والفقر، بعيداً عن حياة الترف والغنى، ويراقب نفسه في أموره العادية وحياتيه اليومية، وفي ذلك أيضاً تحقيق مبدأ المساواة بين الناس، فلا فرق بين غني وفقير في الحج، مما يزيد تعظيم الله تعالى وتعظيم ما شرعه من العبادات في نفس العبد، فيؤدي إلى تقوية إيمانه وزيادة يقينه بالله.[٢][٣]


كم عدد محظورات الإحرام بالحج؟ وما هي؟

تنقسم محظورات الإحرام إلى ثلاثة أقسام، فمنها ما يشترك به كلٌ من الرجال والنساء، ومنها ما هو خاص بالرجال، ومنها ما هو خاص بالنساء، وتفصيل ذلك كله كما يأتي:[٤][٥][٦]

  • المحظورات المشتركة بين الرجال والنساء: وبيان هذه المحظورات كالآتي:
  • إزالة الشعر: يحرم على المحرم إزالة شعر رأسه، قال تعالى: (وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ)،[٧] وألحق جمهور الفقهاء شعر بقية البدن بشعر الرأس، فلا يجوز للمحرم إزالة الشعر في أي جزء كان من أجزاء بدنه، سواء كانت الإزالة عن طريق الحلق، أو القص، أو النتف، أما إن كان به مرض، ولزمه أن يزيل من شعره حتى لا يتأذى، جاز له إزالته، دون أن يأثم، إلا أنه يترتب عليه الفدية، وسيأتي بيانها.
  • تقليم الأظافر: يحرم على المحرم تقليم أظافره، سواء أظافر يديه أو رجليه، لكن إن انكسر ظفره وإزالة، جاز ذلك، ولا يترتب عليه الإثم والفدية بإجماع الفقهاء.
  • التطيب: يحرم على المحرم استعمال الطيب بعد أن يحرم، سواء استعمله لتطييب ملابسه الإحرام أو بدنه، ودليل ذلك جاء في صحيح البخاري عن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في حقّ الرجل الذي مات وهو محرم بالحج: (اغْسِلُوهُ بمَاءٍ وسِدْرٍ، وكَفِّنُوهُ في ثَوْبَيْنِ، ولَا تَمَسُّوهُ طِيبًا، ولَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، ولَا تُحَنِّطُوهُ، فإنَّ اللَّهَ يَبْعَثُهُ يَومَ القِيَامَةِ مُلَبِّيًا)،[٨] ويجوز له أن يضع الطيب على ملابسه، وبدنه قبل الإحرام، ولا يضر بقاؤه بعد أن يحرم.
  • قتل الصيد: والصيد هو كل حيوان بريّ، حلال أكله، مثل الأرانب والحمام، فلا يجوز للمحرم اصطياد حيوان من هذا النوع المذكور، حيث يحرم عليه قتله مباشرة، أو أن يكون سبباً في قتله بالإشارة إليه أو الإعانة على مسكه، ويحرم عليه كذلك أن يأكل منه، وأما صيد البحر كالأسماك، فيجوز للمحرم اصطياده وأكله، قال تعالى:(أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا).[٩]
  • عقد النكاح: يحرم على المحرم أن يتزوج، أو أن يعقد عقد النكاح، سواء في حق نفسه، أو في حق غيره، بأن يُوكّل بعقد نكاح غيره، وكذلك المرأة لا يجوز لها أن تتزوج أو أن تعقد عقد النكاح وهي محرمة، وعقد النكاح باطل في حال الإحرام، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يَنْكِحُ المُحْرِمُ، ولا يُنْكَحُ، ولا يَخْطُبُ).[١٠]
  • الجماع ودواعيه: يحرم على المحرم أن يجامع زوجته، أو أن يأتي بمقدماته، كأن يباشر زوجته باللمس والتقبيل بشهوة، وغير ذلك من مقدمات الجماع، سواء كان في الليل، أو في النهار، قال تعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ)،[١١] والرفث هو الجماع، ويعد الجماع من أشد المحظورات تأثيراً على الحج، وسيأتي بيان ما يترتب عليه.
  • المحظورات الخاصة بالرجال: وبيانها كما يأتي:
  • تغطية الرأس: يحرم على المحرم تغطية رأسه، سواء كله أو بعضه، إلا لعذر، كأن يلبس العمامة والطاقية، ونحو ذلك، أما إن استظل بمظلة، أو شمسية، ونحوه، جاز له ذلك بشرط ألا يلامس رأسه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حق الرجل الذي مات محرماً: (ولَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ)،[٨] أي لا تغطّوا رأسه.
  • لبس المخيط: والمخيط هو كل لباس فُصّل لستر البدن، سواء ستر البدن كله أو بعضه، وسواء كان بخياطة أو لا، كالقميص، والسراويل، والخفين، والجوربين، والقفازين، والحذاء، ويدخل فيها أيضاً ما يغطي الرأس كالعمامة،[١٢] والمحظور في لبس المخيط هو اللبس المعتاد، فإن وضع القميص على بطنه لتغطيته مثلاً، دون أن يلبسه، جاز له ذلك، ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا يَلْبَسُ المُحْرِمُ القَمِيصَ، وَلَا العِمَامَةَ، وَلَا السَّرَاوِيلَ، وَلَا البُرْنُسَ، وَلَا ثَوْبًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ وَلَا وَرْسٌ، وَلَا الخُفَّيْنِ).[١٣]
  • المحظورات الخاصة بالنساء: يحرم على المرأة المحرمة أن تستر وجهها بالنقاب وكفيها بالقفازين، والنقاب هو الذي يكون له ثقبان مكان العينين، حتى ترى المرأة منهما، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ولَا تَنْتَقِبِ المَرْأَةُ المُحْرِمَةُ، ولَا تَلْبَسِ القُفَّازَيْنِ)،[١٤] ويستحب للمرأة أن تسدل على وجهها غطاء حتى لا يرى وجهها الرجال، استدلالاً بحديث السيدة عائشة رضي الله عنها، حيث قالت: (كان الرُّكبانُ يَمُرُّون بنا ونحن مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم مُحْرِماتٌ فإذا حاذُوا بنا أَسدَلَتْ إحدانا جِلْبابَها من رأسِها على وجهِها).[١٥]


ما يترتب على ارتكاب محظورات الإحرام

يترتب على من تعمد ارتكاب محظوراً من محظورات الإحرام، وهو عالم بها مختار في ارتكابها ما يأتي:[١٦][١٧]

  • إن كان المحظور إزالة شعر، أو تقليم الأظافر، أو التطيب، أو لبس المخيط، أو تغطية الرأس، أو لبس النقاب والقفازين، والمباشرة لشهوة دون الجماع، فيختار المحرم واحداً من ثلاثة الأمور، إما صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، أو ذبح شاة، قال تعالى: (فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ).[١٨]
  • إن كان المحظور قتل الصيد، فإن كان للصيد ما يشبهه من الأنعام فهو مخير بين ثلاثة أمور، إما أن يذبح ما يشبهه من الأنعام ويوزع لحمه على فقراء الحرم، أو أن يخرج ما يقابل قيمته طعاماً، ويتصدق بها ويوزعها على فقراء الحرم، أو أن يصوم عن إطعام كل مسكين يوماً، وأما إن لم يكن للصيد ما يشبهه فهو مخير بين إخراج قيمته طعاماً ويوزعها على فقراء الحرم، أو أن يصوم عن إطعام كل مسكين يوماً، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا).[١٩]
  • إن كان المحظور هو الجماع، فإن كان جماعه قبل التحلل الأول من الإحرام، فقد فسد حجه، ويلزمه إتمامه، ويترتب عليه الإثم والقضاء، ويجب عليه أن يذبح بدنة يوزع لحمها على فقراء الحرام، وإن كان الجماع بعد التحلل الأول فحجه صحيح وعليه ذبح شاة، ويوزعها على فقراء الحرم، ويقصد بالتحلل الأول أن يكون الحاج قد فعل اثنين من هذه الأمور الثلاثة وهي: رمي جمرة العقبة، والحلق أو التقصير، وطواف الإفاضة.[٢٠]
  • إن كان المحظور عقد النكاح لا تلزمه الفدية، إلا أنه يترتب عليه الإثم.[٤]


المراجع

  1. "تمهيدٌ: في تعريفِ المحظوراتِ، والفِدْيةِ، وأنواعِهما"، الدرر السنية الموسوعة الفقهية، اطّلع عليه بتاريخ 28/6/2021. بتصرّف.
  2. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 38. بتصرّف.
  3. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 151. بتصرّف.
  4. ^ أ ب "محظورات الإحرام"، الإفتاء الأردني، اطّلع عليه بتاريخ 28/6/2021. بتصرّف.
  5. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 38-40. بتصرّف.
  6. سعيد بن وهف القحطاني، العمرة والحج والزيارة في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 44-48. بتصرّف.
  7. سورة البقرة، آية:196
  8. ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1850، صحيح.
  9. سورة المائدة، آية:96
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عثمان بن عفان، الصفحة أو الرقم:1409، صحيح.
  11. سورة البقرة، آية:197
  12. "المبحثُ السادسُ: لُبْسُ المَخِيطِ"، الدرر السنية الموسوعة الفقهية، اطّلع عليه بتاريخ 28/6/2021. بتصرّف.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:5806، صحيح.
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:1838، صحيح.
  15. رواه الألباني، في حجاب المرأة، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:32، صحيح.
  16. سعيد بن وهف القحطاني، العمرة والحج والزيارة في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 50-54. بتصرّف.
  17. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 41-43. بتصرّف.
  18. سورة البقرة، آية:196
  19. سورة المائدة، آية:95
  20. "بما يحصل التحلل الأول والثاني"، ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 28/6/2021. بتصرّف.