الحج المبرور

الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وهو فريضة على كل مسلم بالغ عاقل مستطيع، قادر على نفقاته والقيام بأعماله، مرة واحدة في العمر، والحج هو قصد البيت الحرام في مكة المكرمة بِنيَّةِ أداء الفريضة، والقيام بأركانه الواجبة، في وقت الحج وأيامه المحددة، وهو عبادة من أعظم العبادات في الإسلام،[١]والحج المبرور هو الحج المقبول الخالص لوجه الله -تعالى- الخالي من المعاصي والآثام،[٢] جاء في الحديث: (العُمْرَةُ إلى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِما بيْنَهُمَا، والحَجُّ المَبْرُورُ ليسَ له جَزَاءٌ إلَّا الجَنَّةُ)،[٣] وقيل بأن الحج المبرور هو الذي يكونُ حالُ صاحبه بعده أفضلُ مما كان عليه قبله،[٤] وقد سُئل الحسن البصري -رحمه الله- عن الحج المبرور؛ فأجاب بأنه الحج الذي يرجع منه صاحبه زاهداً في الدنيا وراغباً في الآخرة.[٥]


شروط وصفات الحج المبرور

للحج المبرور شروط وصفات محددة، لا بد أن تتوفر في ركن الحج نفسه، وفي الحاج أيضاً، حتى يتحقق الحج المبرور، وهذه الشروط هي:[٦]


أن يكون الحج خالصاً لوجه الله -تعالى-

وذلك بألا يكون في نية الحاج أي قصدٍ آخر سوى أداء العبادة لله -تعالى-، كأن يقصد من حجه الشهرة أوالرياء أو التفاخر أمام الناس، وغير ذلك، وإخلاصُ النية شرطٌ في جميع العبادات لتكون كاملة مقبولة بإذن الله -تعالى-.


أن يكون الحج بمال حلال

وذلك بألا يكون مال الحاج الذي ينفقه ليؤدي به الحج مالاً حراماً أو فيه شُبهة حرام، فإن كان مال الحج ليس بحلال خالص؛ فلا يكون الحج حينها مبروراً، وقد قال بعض الفقهاء بأن الحج بمال حرامٍ غير صحيح، لكن الجمهور على أنه صحيح، ولكن فاعله آثم.[٧]


ألا يرتكب الحاج أثناء حجه شيئاً من المخالفات الشرعية

وذلك أن يقوم بأداء واجبات وأركان الحج كما يجب، قال -تعالى-: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ}،[٨] فقد نهى الله -تعالى- في الحج عن الرفث والفسوق والجدال، والمقصود بالرفث جِماع الزوجة، وما دونه من تلميح أو تقبيل أو مداعبة، أو كلام فاحش، أو مجرد الحديث عن الجِماع، وأما الفسوق فهو أي معصية يرتكبها الحاج كالسبّ، أوالشتم، والغيبة، والنميمة، والتنابز بالألقاب، أو فعل الأمور المحرمة على الحاج أثناء الحج، كقتل الصيد أو تقليم الأظافر أو قص الشعر، وغير ذلك، وأما الجدال فهو النقاش والمراء الذي يؤدي إلى الاختلاف والمخاصمة، حتى لو كان المُختَلف عليه أمراً أو حُكماً من الأحكام الشرعية،[٩] وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (مَن حَجَّ هذا البَيْتَ، فَلَمْ يَرْفُثْ، ولَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَومِ ولَدَتْهُ أُمُّهُ).[١٠]

فضل الحج المبرور

إن فضل الحج المبرور عظيم عند الله -تعالى-، فهو يوازي ويعادل فضل الجهاد في سبيل الله، والجهاد في سبيل الله هو أفضل الأعمال الصالحة وأشدها وأصعبها على الإنسان، لأن فيه تضحية بالنفس والمال، ولكن الحج المبرور يصل بصاحبه إلى مرتبة المجاهد، حتى لو لم يكن الجهاد مفروضاً عليه، بل إن النبي -صلى الله عليه وسلم- جعل الحج المبرور نوعاً من أفضل أنواع الجهاد، جاء في الحديث عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: (يَا رَسولَ اللَّهِ، نَرَى الجِهَادَ أفْضَلَ العَمَلِ، أفلا نُجَاهِدُ؟ قالَ: لَا، لَكِنَّ أفْضَلَ الجِهَادِ حَجٌّ مَبْرُورٌ).[١١][١٢]


المراجع

  1. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 2064-2066. بتصرّف.
  2. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 62. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:1773 ، حديث صحيح.
  4. عبد الكريم الخضير، شرح كتاب الحج من صحيح مسلم، صفحة 17. بتصرّف.
  5. ابن الجوزي، مثير العزم الساكن إلى أشرف الأماكن، صفحة 91. بتصرّف.
  6. عبد الله الروقي، شرح كتاب الحج من بلوغ المرام، صفحة 15. بتصرّف.
  7. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 82. بتصرّف.
  8. سورة البقرة، آية:197
  9. عبد الله الزيد، مختصر تفسير البغوي، صفحة 75. بتصرّف.
  10. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:1820 ، حديث صحيح.
  11. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1520، حديث صحيح.
  12. ابن حجر العسقلاني، فتح الباري بشرح صحيح البخاري، صفحة 382. بتصرّف.