آراء الفقهاء في إخراج زكاة الفطر نقداً

لقد اختلف فقهاء المذاهب الأربعة في حكم إخراج زكاة الفطر نقداً بدلاً من إخراجها طعاماً على قولين اثنين، وبيانهما كما يأتي:[١]

  • ذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى عدم جواز إخراج زكاة الفطر نقداً، ويجب إخراجها طعاماً، مستدلين على ذلك بأن جميع الأحاديث النبوية التي تكلمت عن كيفية إخراج زكاة الفطر، وردت بأن الواجب في زكاة الفطر إخراجها طعاماً، وهو فعل النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضوان الله عليهم، فإنه لم يرد نص واضح وصريح من القرآن والسنة يدل على جواز إخراجها نقداً.
  • ذهب الحنفية إلى جواز إخراج زكاة الفطر نقداً؛ لأن ذلك أقرب إلى منفعة الفقير، حيث إن الفقير قد يكون محتاجاً إلى النقود أكثر من احتياجه للطعام، فبإعطائه النقود أفضل وأولى له، وذلك مراعاة لمصلحته، وتيسيراً له، حيث يقوم بشراء ما يريده، ثم إن من مقاصد زكاة الفطر إغناء الفقير يوم العيد وعدم سؤاله الناس، وهذا يتحقق بإعطائه النقود.


تعريف زكاة الفطر وحكمها

زكاة الفطر هي ما يدفعه المسلم من مال أو طعام في نهاية شهر رمضان المبارك بسبب الفطر من رمضان، وتسمى أيضاً بصدقة الفطر، حيث فرض الله تعالى زكاة الفطر في السنة الثانية من الهجرة، وهي نفس السنة التي فرض فيها صيام شهر رمضان المبارك، وقد أجمع أهل العلم على أن زكاة الفطر واجبة على كل مسلم، ذكراً كان أو أنثى، صغيراً أو كبيراً، حراً أو عبداً، إذا كانت فاضلة عن قوته وقوت من تلزمه نفقتهم، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فَرَضَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعًا مِن تَمْرٍ، أوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ علَى العَبْدِ والحُرِّ، والذَّكَرِ والأُنْثَى، والصَّغِيرِ والكَبِيرِ مِنَ المُسْلِمِينَ)،[٢] وقال بعض أهل العلم أنه يستحب إخراج زكاة الفطر عن الجنين الذي في بطن أمه.[٣]


الحكمة من مشروعية زكاة الفطر

تكمن الحكمة من تشريع زكاة الفطر فيما بينه النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه، حيث قال: (فَرَضَ رسولُ اللهِ صدقةَ الفطرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ والرَّفثِ ، طُعْمَةً لِلْمَساكِينِ)،[٤] فزكاة الفطر إنما شرعت تطهيراً للصائم مما قد يقع منه مما يخالف صيامه ويؤثر عليه وينقص الثواب والأجر، كاللغو والرفث، وتكميلاً للأجر وتنمية للعمل الصالح، ولتطهير نفسه من الأقوال والأفعال السيئة، والأخلاق الرديئة، وكذلك لمواساة الفقراء والمحتاجين بإطعامهم وسد حاجاتهم، وإغنائهم عن السؤال في يوم العيد وليلته، وهذا مما يؤدي إلى إدخال السعادة والسرور في قلوب جميع الناس الأغنياء والفقراء، ونشر المحبة والتآلف فيما بينهم، وفي هذا كله إظهار شكر الله تعالى وحمده على نعمه العظيمة التي أنعم بها على عباده، ومنها نعمة إتمام صيام شهر رمضان، وفعل ما تيسّر من الأعمال الصالحة، من قيام وذكر وصلاة، ونحو ذلك.[٥]


المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 344-345. بتصرّف.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:1503، صحيح.
  3. محمد بن إبراهيم التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 88. بتصرّف.
  4. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1085، حسن.
  5. عبد الله بن صالح القصير، تذكرة الصوام بشيء من فضائل الصيام والقيام وما يتعلق بهما من أحكام، صفحة 69. بتصرّف.