في أي سنة فرض الحج؟

تعددت أقوال أهل العلم في السنة التي فرضت فيها الحج، إلا أن أصح الأقوال وأرجحها أن الحج فرض في العام التاسع للهجرة، حيث لم يفرض الحج قبل هذه السنة؛ لأن مكة كانت قبل فتحها تحت حكم وولاية المشركين، وفتح مكة حدث في السنة الثامنة للهجرة، وكذلك تم منع النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم من أداء العمرة في صلح الحديبية وكان في السنة السادسة للهجرة، فمن المتوقع أن تمنعهم قريش من أداء الحج، وقد نزلت آية فرضية الحج في السنة التاسعة للهجرة، وهي قوله تعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا)،[١] فدل ذلك كله على أن الحج فرض في السنة التاسعة للهجرة، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحج في نفس السنة، بل أداه في السنة التي تليها، في السنة العاشرة للهجرة لسببين اثنين وهما:[٢][٣]

  • كثرة الوفود، إذ إنه في هذه السنة جاء الكثير من العرب للدخول في الإسلام، فكان النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام يقومون باستقبالهم لتعليمهم أمور دينهم، فغيابه عن هؤلاء الوفود لأداء الحج تفويت لمصلحة عظيمة للإسلام، ولذلك سميت السنة التاسعة بعام الوفود.
  • توقع حج المشركين، حيث توقع النبي صلى الله عليه أن يحج المشركين في السنة التاسعة، وقد حصل، فأراد أن يؤخر الحج للسنة العاشرة حتى لا يكون الحج خليطاً من المشركين والمسلمين، فأمر ألا يحج مشرك بعد هذا العام، حتى يكون الحج للمسلمين فقط.


الحكمة من فرضية الحج

الحج ركن عظيم، وعبادة جليلة يتقرب بها العبد إلى ربه جلا وعلا، ويترتب على أداء مناسك الحج وأعماله حِكم عديدة ومنافع جمّة، وفيما يأتي بيان بعض منها:[٤][٥]

  • تعظيم شعائر الله وحرماته، وإجلالها في القلب ومحبتها، وتحقيق العبودية فيها، وشعائر الله وحرماته: هي أعمال الحج ومناسكه، كالإحرام والهدي والرمي، واجتناب كل ما نهى الله تعالى وأمر بتركه، وتعظيم كل ما له حرمة عند الله وأمر باحترامه، كالبيت الحرام والشهر الحرام والأشهر الحرم ونحو ذلك، فتعظيم شعائر الله وحرماته من أعظم مقاصد الحج، حيث إنها علامة على تقوى الله عزّ وجلّ، وسببٌ للخشية منه، واجتناب الأوثان والمعاصي، فهي خير له في الدنيا والآخرة، حيث قال تعالى: (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّـهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ).[٦]
  • مغفرة ذنوب الحاج وتطهيره من الرجس والأوثان، فيرجع إلى بلده كما ولدته أمه من غير ذنوب، إن أدى فريضة الحج بقلب خالص لله ممتثلاً أوامره ومجتنباً نواهيه.
  • مضاعفة الأجور والحسنات، ودخول الجنة والنجاة من النار.
  • إبعاد الفقر والذنوب ونفيهما عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تابِعوا بينَ الحجِّ والعمرةِ ، فإنَّهُما ينفيانِ الفقرَ والذُّنوبَ).[٧]
  • إظهار الافتقار والتذلل إلى الله تعالى والحاجة إليه، فالحاج يبتعد عن الترف والتزين، ويتجرد عن الدنيا وزينتها، فيظهر عجزه وافتقاره لله.
  • تحقيق التوحيد لله تعالى، والبراءة من الشرك ونبذه، ومن ذلك تلبية الحاج، وإقامة ذكر الله، فهذا إعلان لإجابة دعوة الله تعالى وعبادته، وإعلان بالتوحيد والبراءة من الشرك ومن أهله، والتضرع والانقياد لله سبحانه.
  • شكر الله تعالى وحمده على نعمه، فالحج يؤدي فيه العبد شكر الله على نعمة المال والصحة، ونعمة التقرب إليه وطاعته، وغير ذلك من النعم التي يتمتع بها في حياته.
  • تقوية روابط الأخوة الإسلامية، وتحقيق التواصل بين المسلمين، والتعاون فيما بينهم، والانتفاع بالمصالح والتشاور في أمورهم، وتربية الأمة على الوحدة، فبالحج تتجلى مظاهر الوحدة والإخاء والقوة.
  • تذكير الناس بيوم القيامة والوقوف بين يدي الله، حيث يجتمع في الحج الكثير من الناس من مختلف الأجناس والبلدان، بنفس اللباس يلبّون الله ويوحدونه، فهو مشهد يشبه مشهد الآخرة، مما يبعث النفس على الإخلاص والعمل والخشية من الله.


المراجع

  1. سورة آل عمران، آية:97
  2. ابن عثيمين، اللقاء الشهري، صفحة 3. بتصرّف.
  3. محمد بن صالح المنجد، موقع الإسلام سؤال وجواب، صفحة 3668. بتصرّف.
  4. سعيد بن وهف القحطاني، مناسك الحج والعمرة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 44-72. بتصرّف.
  5. "الفصل الثَّاني: من حِكَم مشروعيَّةِ الحَجِّ"، الدرر السنية الموسوعة الفقهية، اطّلع عليه بتاريخ 18/8/2021. بتصرّف.
  6. سورة الحج، آية:32
  7. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:2629، صحيح.