الملائكة خلقٌ من خلقِ الله -تعالى- وعبادٌ من عباده، وهم من الغيب الذي لا يُدركه البشر، ولهم عالَم خاص يختلف عن عالَم الإنس وعالَم الجن، فعالَم الملائكة هو عالَم الطُّهر والنقاء والصفاء، والملائكة أتقياء مكرمون، مقربون من الله -تعالى-، يعبدونه حق العبادة، ولا يعصونه أبداً، ويطيعونه في كل ما يأمرهم به، وهم رسل الله -تعالى-، يرسلهم إلى من يشاء من عباده، قال -تعالى-: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ}،[١] والإيمان بالملائكة واجب، وهو ركن من أركان الإيمان، ومَن لم يؤمن بوجود الملائكة ومنزلتهم وفضلهم فليس بمؤمن،[٢] قال -تعالى-: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ}،[٣] وجاء في الحديث: (الإيمَانُ أنْ تُؤْمِنَ باللَّهِ ومَلَائِكَتِهِ، وكُتُبِهِ، وبِلِقَائِهِ، ورُسُلِهِ وتُؤْمِنَ بالبَعْثِ).[٤][٥]


عظم خلق الملائكة

فيما يأتي بيان بعض ما يدلّ على عظم خلق الملائكة:[٦]

  • إن الملائكة خَلق عظيمٌ من خلق الله -تعالى-، وقد تحدث الله -تعالى- عن ذلك الخَلق في كتابه الكريم، فقال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۚ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}،[٧] وتحدث أيضاً عن قوتهم وشدتهم، فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}.[٨]
  • وقد رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- جبريل -عليه السلام- على صورته الملائكية الحقيقية مرتين، ذكرهما الله -تعالى- في القرآن في قوله: {وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ}،[٩] وفي قوله: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ}،[١٠] وكانت تلك الرؤية في معراجه -صلى الله عليه وسلم- إلى السماء، وقد ثبت في السنة النبوية أن جبريل -عليه السلام- له ستمائة جناح، جاء في الحديث: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ رَأَى جِبْرِيلَ له سِتُّمِئَةِ جَناحٍ)،[١١] وثبت أن أجنحة جبريل -عليه السلام- كانت عظيمة جداً لدرجة أنها ملأت السماء وسدت الأفق، جاء في الحدث: (رَأَى رَفْرَفًا أَخْضَرَ سَدَّ أُفُقَ السَّمَاءِ).[١٢]
  • ومِن عِظَم خَلق الملائكة أيضاً ما جاء في وصف مَلك من حملة العرش، بأن ما بين شحمة أذنه ومنكبه مسافة سبعمائة سنة، حيث قال -صلى الله عليه وسلم-: (أُذِنَ لي أنْ أُحدِّثَ عن ملَكٍ من ملائكةِ اللهِ تعالى حملةُ العرشِ، ما بين شحْمَةِ أُذُنِه إلى عاتِقِه مسيرةَ سبعَمائةِ سنةٍ).[١٣]


صفات الملائكة

فيما يأتي بيان بعض الصفات الخَلقية للملائكة:[١٤]

  • الملائكة أجسام نورانية لطيفة جميلة لا تُرى، لأن الله -تعالى- لم يعطِ للإنسان القدرة على رؤيتهم، وقد خصهم الله -تعالى- بصفات فريدة لا توجد عند غيرهم من المخلوقات.
  • فهم مطهرون من الشهوات الحيوانية، ولا يتصفون بالذكورة ولا بالأنوثة، ولا يتناسلون، ولا يأكلون، ولا يشربون، ولا ينامون، وهم يعبدون الله -تعالى- كل الوقت، ويسبحونه بالليل والنهار، ولا يتعبون من عبادتهم ولا يملون، قال -تعالى- في وصفهم: {وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِندَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ* يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ}.[١٥]
  • وقد خلق الله -تعالى- الملائكة من نور، كما جاء في الحديث: (خُلِقَتِ المَلائِكَةُ مِن نُورٍ، وخُلِقَ الجانُّ مِن مارِجٍ مِن نارٍ، وخُلِقَ آدَمُ ممَّا وُصِفَ لَكُمْ).[١٦]
  • وقد أمدهم الله -تعالى- بقوة كبيرة وقدرات خارقة، منها قدرتهم على تغيير صورهم، والظهور بصورة البشر، كما حدث مع الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-.[١٧]


المراجع

  1. سورة الحج، آية:75
  2. السيوطي، الحبائك في أخبار الملائك، صفحة 9. بتصرّف.
  3. سورة البقرة، آية:285
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري ، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:50، حديث صحيح.
  5. عمر الأشقر، عالم الملائكة الأبرار. بتصرّف.
  6. عمر الأشقر، عالم الملائكة الأبرار، صفحة 10-11. بتصرّف.
  7. سورة فاطر، آية:1
  8. سورة التحريم، آية:6
  9. سورة التكوير، آية:23
  10. سورة النجم، آية:13
  11. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:174، حديث صحيح.
  12. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:3233، حديث صحيح.
  13. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:854، حديث صحيح.
  14. محمد علي محمد إمام، الحق المبين في معرفة الملائكة المقربين، صفحة 8-12. بتصرّف.
  15. سورة الأنبياء، آية:19-20
  16. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:2996، حديث صحيح.
  17. حسن أبو الأشبال الزهيري، شرح صحيح مسلم، صفحة 17. بتصرّف.