إنّ من أحقّ الحقائِق في الدّين الإسلاميّ الحنيف يومُ القيامةِ، إذ هو يومٌ آتٍ لا ريبَ فيه، وإنّ العلمَ بموعد وقوعِها هو ممّا اختصّ الله تعالى به وحدَه؛ فلا عِلم لأحدٍ بوقت السّاعة إلّا الله وحدَه، إذ قال سبحانه: (إِنَّ اللَّـهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ)،[١] وقد دلّل الله سبحانه وتعالى لقربِ وقوعِها بعلاماتٍ وحوادِث تؤكّد اقترابَها ووقوعَها؛ ومنها ما جاءَ تقسيمُه عند العلماءِ بالعلاماتِ الصّغرى، والعلاماتِ الكُبرى؛ فأمّا الصّغرى فهي تُؤِذن بقربِ السّاعة، وقد وقع وظهر بعضُها وانقضى، وبعضُها وقع وظهر، ولكنّه لم ينقضِ، وبعضُها لم يقع أو يظهر بعد، وأمّا الكُبرى فهي مُؤذِنةٌ بِوقوعِ السّاعة، ولها أثرٌ كبير، مثلَ؛ ظهور الدّجّال، ويأجوج ومأجوج، ونزول عيسى عليه السلام وغيرها، وإنّ على العبدِ أن يكون دائماً على استعدادٍ تامٍّ بالعملِ الصّالح والعلم النّافِع.[٢][٣][٤]
ظهور العلامات الصغرى ليوم القيامة
لقد تم الذكر فيما سبق أن علامات الصغرى ليوم القيامة، تنقسم إلى ثلاثة أقسام، وفيما يأتي بيان القسميْن الأوليَين، وهما القسمان اللذان ظهرت فيهما العلامات الصغرى:[٥][٦]
العلاماتُ الصغرى التي ظهرت وانقضت
- بعثةُ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، حيث قال عليه الصلاة والسلام: (بُعِثْتُ أنا والسَّاعَةَ كَهذِه مِن هذِه، أوْ: كَهاتَيْنِ وقَرَنَ بيْنَ السَّبَّابَةِ والوُسْطَى).[٧][٦]
- وفاته صلى الله عليه وسلم.
- انشقاقُ القمر، وقد حدث في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال تعالى: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ).[٨]
- النّار التي خرجتْ من الحجاز، وقد ظهرت، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى تَخْرُجَ نارٌ مِن أرْضِ الحِجازِ تُضِيءُ أعْناقَ الإبِلِ ببُصْرَى).[٩]
- التوقّف عن أخذ الجزية والخَراج، وهي الضرائب التي كانت تُدفع في الدولة الإسلامية من قِبل أصحاب الأموال.
- فتحُ بيت المقدس، وقد فُتح في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وفي زمن صلاح الدين الأيوبي.
- ظهورُ الدّجّالين ومدّعي النّبوة، وقد ظهر الكثير منهم، كأمثال مسيلمة الكذاب.
العلاماتُ الصغرى التي ظهرت ولا تزالُ مستمرة
وهذه العلامات قد تكون وقعت لمرّة أو أكثر، ويتكرّر مع الأيّام حُدوثُها:
- الفتوحُ الإسلاميّة والحروب؛ وقد فُتِحت بلادُ فارسٍ والرّوم، والقسطنطينة والهند، ونشأت القتالات الكثيرة بين الترك من جهة، والتتار من جهة أخرى.
- تضييعُ الأماناتِ، وإسناد الأمر إلى غير أهلِه الأكفّاء، حيث قال عليه الصلاة والسلام: (إذا ضُيِّعَتِ الأمانَةُ فانْتَظِرِ السَّاعَةَ قالَ: كيفَ إضاعَتُها يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ: إذا أُسْنِدَ الأمْرُ إلى غيرِ أهْلِهِ فانْتَظِرِ السَّاعَةَ).[١٠]
- فسادُ حال المسلمين بشكلٍ عامّ، والتداعي على أمّة الإسلام من الأمم كلّها.
- ولادةُ الأمَة ربتَها، أي أن تلد الأم سيدتها، لأنها تكون بنت السيد، وهذا يدلّ على كثرة الإماء.
- تطاول الحفاة العراة في البنيان، أي يصبح الناس يتفاخرون بالدنيا وزينتها، ويسعون إلى العمارات العالية والزخرفة في بيوتهم، حتى العرب أهل البادية، بعد أن كانوا أهل خيام، يصبحون أصحاب العمارات والأبنية.
- الخسف، والقذف والمسخ، عقوبةً من الله تعالى.
- كثرةُ المال واستفاضته.
- انتشار التجارة، وقطع الأرحام، وقد ساد هذا في زماننا، حيث قال عليه الصلاة والسلام: (إنَّ بينَ يديِ الساعةِ تسليمَ الخاصةِ ، وفُشُوَّ التِّجارةِ ، حتى تعينَ المرأةُ زوجَها على التجارةِ ، وقطعِ الأرحامِ).[١١]
- اختلال المقاييس، وذلك بتصديق الكاذب، وتكذيب الصّادق، وتأمين الخائن، وتخوين الأمين.
- ظهور النساء الكاسيات العاريات، اللواتي يلبسن اللباس الضيق الشفاف الذي لا يستر عوراتهن.
- انتشار الربا، وظهور الزنا، وكثرة القتل.
- استحلال المحرمات وعدم إنكارها، كشرب الخمر، واستحلال المعازف، وشهادة الزور، وكتمان الحق.
- كثرة الجهل، ورفع العلم، وموت أهله، حيث قال عليه الصلاة والسلام: (مِنْ أشْراطِ السَّاعَةِ أنْ يُرْفَعَ العِلْمُ، ويَثْبُتَ الجَهْلُ).[١٢]
المراجع
- ↑ سورة لقمان، آية:34
- ↑ "علامات الساعة الصغرى"، إسلام ويب، 9/6/2002، اطّلع عليه بتاريخ 18/9/2021. بتصرّف.
- ↑ محمد حسّان، الدار الآخرة، صفحة 1. بتصرّف.
- ↑ ندا أبو أحمد (30/6/2014)، "أشراط الساعة الكبرى والصغرى"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 18/9/2021. بتصرّف.
- ↑ محمد صالح المنجد، كتاب موقع إسلام سؤال وجواب، صفحة 271. بتصرّف.
- ^ أ ب محمد بن إبراهيم التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 227-231. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن سهل بن سعد الساعدي، الصفحة أو الرقم:5301، صحيح.
- ↑ سورة القمر، آية:1
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:7118، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:6496 ، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:6/633، إسناده صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:2671، صحيح.