الحج

الحج في اللغة هو القصد، وفي الاصطلاح الشرعي: هو قصد بيت الله الحرام تعبداً لله تعالى وتقرباً إليه ويكون ذلك في وقت مخصوص بشروط مخصوصة، وقد شرع الله تعالى الحج لإظهار حاجة العبد إلى ربه عزّ وجلّ، وافتقاره إليه، ولشكر لله تعالى على جميع نعمه العظيمة وخاصة نعمتي الصحة والمال، ولاجتماع المسلمين من جميع أقطار العالم، وتقوية العلاقات فيما بينهم، والاستفادة من بعضهم، مما يعود على الأمة بالخير والقوة والوحدة.[١]


شروط وواجبات وأركان الحج

شروط الحج

شروط الحج: هي مجموعة من الصفات والأمور التي يجب أن تتوفر في الشخص الذي يريد أداء الحج، ويجب أن تتحقق فيه كاملة، فإن فقد أحدها سقط وجوب الحج في حقه، وبيانها كما يأتي:[٢][٣]

  • الإسلام: فالحج عبادة، والعبادة لا تطلب إلا من المسلم، فحج الكافر لا يقبل ولا يصح.
  • العقل والبلوغ: العقل والبلوغ شرط التكليف، والصغير والمجنون ليسا أهلاً لتكليفهما بالأحكام الشرعية، فإن قام المجنون بأداء الحج فلا يقبل ولا يصح منه، وإن أداه الصغير صح منه وتعتبر حجة تطوعٍ وعليه حجة الإسلام عند بلوغه.
  • الحرية: فلا يجب الحج على العبد الذي يفقد الحرية، لعدم استطاعته، فهو في خدمة سيده، ووقته ملك سيده.
  • الاستطاعة: وهي القدرة على أداء الحج وأعماله، قال تعالى: (وَلِلَّـهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا)،[٤] وتشمل الاستطاعة ما يأتي:
  • الاستطاعة البدنية: وهي أن يمتلك الحاج الصحة في بدنه، ويكون جسمه سليماً من الأمراض والأوجاع التي تضعفه وتزيد مرضه، بحيث يكون قادراً على أداء أعمال الحج وتحمل مشقة السفر وأعبائه.
  • الاستطاعة المالية: وهي أن يمتلك المؤونة اللازمة من الطعام والشراب، ويمتلك النفقة التي يحتاجها في سفره للحج ذهاباً وإياباً، وتكون زائدة عن حاجاته الأساسية وعمن تلزمه النفقة عليه من أهله.
  • الاستطاعة الأمنية: وهي أن يأمن طريق سفره في ذهابه وإيابه، بحيث يضمن ألا يصيبه مكروه أو سوء في حقه، فلا يخاف على نفسه أو ماله أو أهله.
  • وجود محرم: وهذا في حق المرأة، حيث يشترط على المرأة إن أرادت الحج أن يرافقها محرم، وهو زوجها أو من يحرم عليها الزواج به على التأبيد، مثل ابنها، أو أخيها في الرضاعة، أو زوج ابنتها.
  • عدم العدة: وهذا في حق المرأة أيضاً، فيشترط على المرأة إن أرادت الحج ألا تكون معتدة من وفاة أو طلاق، حيث لا يجوز لها الخروج من المنزل في فترة العدة.


واجبات الحج

واجبات الحج: هي مجموعة من الأعمال التي يجب على الحاج القيام بها، ويحرم تركها، ويأثم على تركها إلا إذا تركها بعذر معتبر شرعاً، إلا أنه لا يبطل حجه بتركها، ويجب عليه ذبح شاة ليجبر به النقص والخلل الذي وقع في حجه، وبيانها كما يأتي:[٥]

  • المبيت بمزدلفة: اتفق جمهور الفقهاء أن المبيت بمزدلفة بعد الانتهاء من الوقوف بعرفة واجب من واجب الحج، قال تعالى: (فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّـهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ)،[٦] ويراد بالمشعر الحرام مزدلفة.
  • رمي الجمار: اتفق جمهور الفقهاء على أن رمي الجمار من واجبات الحج، ويكون رمي الجمار في أربعة أيام، يوم النحر وهو العاشر من ذي الحجة أول أيام عيد الأضحى، وأيام التشريق وهي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة، فيرمي يوم النحر جمرة العقبة بسبع حصيات، ويرمي في كل يوم من أيام التشريق الجمرات الثلاث، مبتدئاً بالجمرة الصغرى ثم الجمرة الوسطى ثم جمرة العقبة، على التوالي كل واحدة سبع حصيات، ويجوز للحاج أن يتعجل فلا يرمي في اليوم الثالث من أيام التشريق وهو الثالث عشر من ذي الحجة، حيث يُرخّص له ذلك.
  • الحلق أو التقصير: اتفق جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة أن الحلق أو التقصير واجب من واجبات الحج، وذهب الشافعية أن الحلق أو التقصير ركن من أركان الحج، والحلق أفضل من التقصير في حق الرجال، وأما النساء فيقومون بالتقصير.
  • المبيت بمنى أيام التشريق: اتفق جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة أن المبيت في منى أيام التشريق الثلاثة بلياليها واجب من واجبات الحج، وذهب الحنفية أن المبيت في منى سنة وليس بواجب.
  • طواف الوداع: وهو الطواف الذي يؤديه الحاج بعد الانتهاء من أعمال الحج، وهو آخر ما يقوم به قبل مغادرته من مكة المكرمة، واتفق جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة أنه واجب من واجبات الحج، وقال المالكية أنه سنة من سنن الحج.


أركان الحج

أركان الحج: هي مجموعة من الأعمال التي يجب على الحاج الإتيان بها، ولا يصح الحج إلا بها، ويبطل الحج إن ترك واحداً منها، وبيانها كما يأتي:[٧]

  • الإحرام: وهو قصد النية لأداء فريضة الحج من المواقيت المكانية المعتبرة شرعاً، وهو ركن من أركان الحج عند الأئمة الثلاثة المالكية والشافعية والحنابلة، وقال الحنفية أن الإحرام شرط صحة للحج، والإحرام ثلاثة أنواع، وهي:[٨]
  • الإفراد: هو أن ينوي الحاج أداء الحج، فيقوم بأعمال الحج فقط.
  • القرآن: هو أن ينوي الحاج أداء الحج والعمرة معاً، فيؤدي أعمالهما معاً، فيؤدي طوافاً واحداً، وسعياً واحداً عند الجمهور، وقال الحنفية يطوف مرتين ويسعى مرتين، ويترتب على القارن ذبح شاة.
  • التمتع: هو أن ينوي أداء العمرة فقط في أشهر الحج، فيقوم بأعمال العمرة أولاً ويتحلل منها، ثم يقوم بأعمال الحج، ويجب على المتمتع ذبح شاة.
  • الوقوف بعرفة: وهو ركن الحج الأعظم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الحجُّ عَرَفةُ)،[٩] وهو ركن من أركان الحج باتفاق جمهور الفقهاء، فمن فاته الوقوف بعرفة فاته الحج، وقد اختلف الفقهاء في أول وقت الوقوف بعرفة، فذهب الحنفية والشافعية أن أول وقته ظهر يوم عرفة، وقال المالكية أن الوقوف يبدأ من ليلة يوم عرفة، وقال الحنابلة أن الوقوف يبدأ من طلوع شمس يوم عرفة، واتفقوا الأربعة على أن آخر وقت للوقوف هو عند طلوع الفجر من اليوم العاشر من ذي الحجة يوم النحر.
  • طواف الإفاضة: وهو ركن من أركان الحج باتفاق جمهور الفقهاء، ويسمى طواف الزيارة، ويقوم به الحاج يوم النحر بعد الانتهاء من رمي العقبة والحلق أو التقصير والذبح، ويؤديه الحاج سبعة أشواط كلها ركن عند الجمهور دون الحنفية حيث قالوا أن الركن أربعة أشواط، وباقي الأشواط واجبة.
  • السعي بين الصفا والمروة: بعد أن يطوف الحاج طواف الإفاضة يقوم بالسعي بين الصفا والمروة سبعة أشواط، وقال جمهور الفقهاء أن السعي ركن من أركان الحج، بينما ذهب الحنفية أنه واجب وليس بركن.


المراجع

  1. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 9-10. بتصرّف.
  2. "شروط وجوب الحج"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 13/7/2021. بتصرّف.
  3. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 27-35. بتصرّف.
  4. سورة آل عمران، آية:97
  5. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 53-57. بتصرّف.
  6. سورة البقرة، آية:198
  7. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 49-53. بتصرّف.
  8. كمال بن السيد سالم، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، صفحة 181. بتصرّف.
  9. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عبدالرحمن بن يعمر الديلي ، الصفحة أو الرقم:889، صحيح.