الإنابة في الحج

يعد الحج من أعظم العبادات وأجل القربات التي يتقرب بها العبد المسلم إلى ربه تبارك وتعالى، وهو ركن من أركان الإسلام الخمسة، وفرض على كل مسلم ومسلم إذا توفرت فيه الشروط، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ)،[١] وقد بين الفقهاء أن من شروط الحج على المسلم الاستطاعة، ويدخل في شرط الاستطاعة أن يكون المسلم صحيح البدن سليماً قادراً على أداء مناسك الحج وأعماله، قال تعالى: (وَلِلَّـهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا)،[٢] فإن كان المسلم مريضاً غير قادر على أداء الحج، يشرع له أن يوكّل غيره بالحج عنه، وكذلك للميت الذي مات قبل أدائه الحج وعجز عن أدائه في حال حياته، فيشرع لورثته أو أي أحد آخر أن يحج عنه، سواء كان هذا الحج فرضاً أو نفلا، وهذا باتفاق جمهورأهل العلم.[٣]


شروط الإنابة في الحج

قال الفقهاء بجواز الإنابة في الحج بشروط وضوابط معينة، وبيان هذه الشروط كما يأتي:[٤][٥]

  • أن ينوي النائب نية الحج عن الأصيل عند إحرامه، فيقول: نويت الحج عن فلان، ويذكر اسمه.
  • أن يكون النائب مسلماُ بالغاً عاقلاً، حيث لا يصح حج الكافر، ولا الصغير، ولا المجنون، وجوّز الحنفية حج الصغير بشرط تمييزه.
  • أن يكون الأصيل عاجزاً عن الحج غير قادر على أدائه، ويكون عنده ما يكفيه من المال ليوكّل غيره بالحج، وهذا باتفاق الحنفية، والشافعية، والحنابلة، باستثناء المالكية الذين لم يجيزوا الحج عن الحي، أما الحج عن الميت فهو محل اتفاق بين المذاهب الأربعة.
  • أن يكون الأصيل قد أمر بالحج عنه إن كان حياً، أما إن كان ميتاً فاشترط الحنفية والمالكية أن يكون قد وصى بالحج عنه قبل أن يمت، بينما ذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه يجب الحج عن الميت سواء وصى بذلك أم لم يوصِ، وتؤخذ نفقة الحج من تركته إن كان له تركة، فإن لم يكن له تركه، فحينئذ يستحب لورثته الحج عنه، أو إرسال من يحج عنه.
  • أن تكون نفقات الحج كلها أو أكثرها من مال الأصيل عند الحنفية، وقال الشافعية والحنابلة إلى جواز التبرع بنفقات الحج، وقال المالكية أن نفقة الحج تعتمد على وصية الميت.
  • أن يكون النائب قد حج عن نفسه حجة الفريضة قبل ذلك، وهذا شرط عند الشافعية والحنابلة، حيث لا يجوز أن يحج النائب عن غيره وهو لم يحج عن نفسه، وقال الحنفية والمالكية بجواز حج النائب عن غيره سواء حج لنفسه قبل ذلك أو لم يحج.
  • أن يكون عجز الأصيل مستمراً إلى حين أجله، فإن زال العجز قبل أن يموت فلا يجوز له حينئذ أن يوكل غيره للحج عنه عند الحنفية والشافعية، وقال الحنابلة بجواز ذلك، وأما المالكية فلا يجوز عندهم الحج عن الحي كما تم بيانه سابقاً.
  • يجوز للنائب أن يأخذ الأجرة مقابل الحج عن غيره عند جمهور الفقهاء، إلا أن فقهاء الحنفية المتقدمين لم يجيزوا ذلك.




وتجدر الإشارة إلى أن هذه الشروط متعلقة بحج الفريضة، أي أن يحج النائب عن الأصيل سواء كان ميتاً أو حياً حجة الإسلام المفروضة، أما إن كان الحج نافلة فيشترط فقط أن ينوي النائب عن الأصيل نية الحج، وأن يكون النائب مسلماً بالغاً عاقلاً، وأجاز الحنفية أن يكون صبياً مميزاً، وزاد الشافعية والحنابلة شرط أن يكون النائب قد حج عن نفسه حجة الإسلام.



المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:8، صحيح.
  2. سورة آل عمران، آية:97
  3. "حكم الإنابة والاستئجار في الحج"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 11/7/2021. بتصرّف.
  4. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 73-78. بتصرّف.
  5. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 2106-2113. بتصرّف.