علامة ظهور الدخان
إنّ ظهور الدخان من علامات الساعة الكبرى، وهو دخان عظيم عامٌ يظهر عند قيام الساعة، ويملأ الأرض ويعمّ الناس جميعهم؛ بسبب انتشار المعاصي والآثام، وترك الحقّ واتّباع الباطل، إلا أنّه يكون على الكافرين أشدّ وأعظم، فينتفخ به الكافر حتى يخرج منه، بينما يكون أثره على المؤمنين كالزُّكام الخفيف.[١]
وقد ذكر بعض أهل العلم أنّ ظهور الدخان هي العلامة الثالثة من علامات الساعة الكبرى، وتأتي بعد ظهور الدّابة التي تكلّم الناس،[٢] بينما ذهب بعضهم إلى أنّ الدخان هو آخر علامة من علامات الساعة الكبرى التي سيشهدها المؤمنون؛ لأنّ الله -تعالى- يبعث بعدها ريحاً ليّنة خفيفة، تقبض أرواح المؤمنين، وتدع أرواح الكافرين ليشهدوا ما بقي من العلامات.[٣]
ولقد ذكرت نصوص الوحيّ الإلهيّ هذا الدخان، وأكّدت على وقوعه يوم القيامة، ومما ثبت في ذلك:[١]
- قوله -تعالى- في سورة الدخان: (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ* يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ* رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ).[٤]
- قوله -صلى الله عليه وسلم-: (بادِرُوا بالأعْمالِ سِتًّا -أيّ قبل ظهور هذه العلامات الست-: طُلُوعَ الشَّمْسِ مِن مَغْرِبِها، أوِ الدُّخانَ، أوِ الدَّجَّالَ، أوِ الدَّابَّةَ، أوْ خاصَّةَ أحَدِكُمْ، أوْ أمْرَ العامَّةِ).[٥]
- ما ثبت في الصحيح عن حذيفة الغفاريّ -رضي الله عنه-، أنّه قال: (كانَ النَّبيُّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- في غُرْفَةٍ وَنَحْنُ أَسْفَلَ منه، فَاطَّلَعَ إلَيْنَا، فَقالَ: ما تَذْكُرُونَ؟ قُلْنَا: السَّاعَةَ، قالَ: إنَّ السَّاعَةَ لا تَكُونُ حتَّى تَكُونَ عَشْرُ آيَاتٍ...)، وذكر منها: (... وَالدُّخَانُ...).[٦][٧]
حقيقة الدخان
تعددت أقوال أهل العلم في حقيقة الدخان، والمعنى المراد منه، ومتى يحدث؛ فمنهم من قال إنّ الدخان هو ما حدث لقريش، ومنهم من قال إنّ الدخان لم يحدث بعد، وهو من علامات الساعة الكبرى؛ ويمكن بيان هذه الآراء بالآتي:
ما أصاب قريش بسبب دعوة النبي صلوات الله عليه
ذكر بعض أهل العلم أنّه لمّا اشتدّ أذى قريش للنبي -صلى الله عليه وسلم- وللمسلمين معه، وقيامهم بحبس بعض الصحابة من الهجرة إلى المدينة المنورة؛ دعا عليهم النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: (... اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا عليهم سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ)،[٨] فاستجاب الله -سبحانه- دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- فكانوا يرفعون أبصارهم إلى السماء فلا يرون إلا الدخان،[٢] كما كانت تصيبهم دوخة من شدّة الإعياء وقلة الزاد، والجوع والتعب والفقر.[٩]
ما سيقع يوم القيامة من العلامات والآيات
رجّح جمعٌ من أهل العلم أنّ الدخان هو الآيات المنتظرة التي لم تقع بعد، ولكنّها ستكون من علامات يوم القيامة، وبهذا قال العديد من الصحابة والتابعين، واستدلّوا بالأحاديث الصحيحة، وبآية الدخان التي ذُكرت في سورة الدخان؛ إذ إنّ الآية تدعو للتّرقّب والانتظار يوم يأتي الدخان الواضح الذي يراه كلّ الناس، بينما ما كان لقريش خُيّل إليهم بسبب جهدهم، وجوعهم، وقلة تزوّدهم، أنّ السماء امتلأت بالدخان.[١٠]
ومن الناحيّة العلميّة، وتفسير ظاهرة الدخان؛ قال الدكتور زغلول النجار: "... نحن نرى اليوم نجوم السماء تتخلق من دخان السماء، ثم تنفجر بعد انتهاء أجلها لتعود إلى دخان السماء، وهذه العلامة إشارة إلى بدء انهدام النظام الكوني بتحول النجوم إلى دخان يصل إلى سكان الأرض كنوع من العذاب الأليم الذي توعد الله -تعالى- به العاصين من عباده".[١١]
المراجع
- ^ أ ب محمد بن إبراهيم التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 253، جزء 1. بتصرّف.
- ^ أ ب عمر عبد الكافي، الدار الآخرة، صفحة 6، جزء 8. بتصرّف.
- ↑ محمد حسان، الدار الآخرة، صفحة 5، جزء 5. بتصرّف.
- ↑ سورة الدخان، آية:10-12
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2947، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن حذيفة بن أسيد الغفاري ، الصفحة أو الرقم:2901، صحيح.
- ↑ عبد المجيد بن محمد الوعلان، الدلالات العقدية للآيات الكونية، صفحة 640. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:6393، صحيح متفق عليه.
- ↑ عبد الله بن سليمان الغفيلي، أشراط الساعة، صفحة 158. بتصرّف.
- ↑ عبد المجيد بن محمد الوعلان، الدلالات العقدية للآيات الكونية، صفحة 640-642. بتصرّف.
- ↑ عبد المجيد بن محمد الوعلان، الدلالات العقدية للآيات الكونية، صفحة 642.