ما هي الشفاعة؟

يرجع أصل كلمة الشفاعة في اللغة إلى معنى الشَّفْع، والشفع يأتي بمعنى الزوج، ويكون ضد الوتر، وقيل إن الشفع هو ضم الشيء إلى مثله، أو ضم الوتر إلى الوتر ليصبحا شفعاً، كجعل الواحد اثنين، والثلاثة أربعة، وهكذا،[١] أما من حيث الاصطلاح الشرعي: فهو طلب النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- أو غيره من الأنبياء أو الملائكة من الله -تعالى- في الدار الآخرة حصول منفعة لأحد من الخلق أو دفع مضرة عنه، أو هو التوسط للغير في جلب منفعة أو دفع مضرة، وبهذه الحال يكون الشافع وسيطاً بين المشفوع إليه وهو الله -تعالى-، والمشفوع له وهو العبد.[٢][٣]


شروط شفاعة الملائكة

تعد شفاعة الملائكة يوم القيامة أحد أهم الشفاعات في ذلك الموقف العصيب، إلا أن هذه الشفاعة لا تكون إلا بشرطين أساسيين، قد ورد ذكرهما في الكتاب العزيز، وفي السنة النبوية، وهما:


الشرط الأول: الإذن للشافع والمشفوع فيه

فلا بد أن يأذن الله -تعالى- للملائكة بالشفاعة للعبد، وباستحقاق المشفوع فيه لهذه الشفاعة، قال -تعالى-: (مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ)،[٤] وقال -تعالى- أيضاً: (وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّـهُ لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَى)،[٥] ويحسن القول إن حقيقة الإذن للشافع تعود إلى إكرام الله تعالى للشافعين في أن يخلصوا المشفوع فيهم؛ حيث إنهم أذعنوا له بالتوحيد، وأقروا له بالعبادة.[٦][٧]


الشرط الثاني: الرضا عن المشفوع له

فالله -تعالى- لا يأذن للملائكة بأن يشفعوا لأحد من الخلق إلا إذا كان راضياً بهذه الشفاعة، وراضياً كذلك عن العبد الذي ستشفع فيه الملائكة، قال -تعالى-: (وَلا يَشفَعونَ إِلّا لِمَنِ ارتَضى)،[٨] ولعل هذا فيه بيان أن من لم يرض الله عنه لا يستطيع أحد أن يشفع له، فالأمر في ذلك الوقت - وفي كل الأوقات ـ تحت إرادة الله تعالى، وإنما كان الإذن للشافع والرضى عن المشفوع محض فضل الله تعالى، وفضل الله يؤتيه من يشاء، ويصرفه عمن يشاء.[٦]


ثبوت شفاعة الملائكة في السنة النبوية

وكما أن شفاعة الملائكة ثبتت بالقرآن الكريم، فقد ثبتت بالسنة النبوية، كما جاء من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قوله عليه الصلاة والسلام: (فيَقولُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: شَفَعَتِ المَلائِكَةُ، وشَفَعَ النَّبِيُّونَ، وشَفَعَ المُؤْمِنُونَ، ولَمْ يَبْقَ إلَّا أرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)،[٩] فدل ذلك على ثبوت الشفاعة للملائكة في القرآن والسنة، ومن هنا نلحظ أن مقام الرحمة والغفران من الله تعالى سابق لمقام الغضب والعقاب؛ وذلك لأن رحمة الله تعالى وسعت كل شيء، ومن رحمته سبحانه وتعالى أن جعل في يوم القيامة شفعاء ووسطاء يشفعون للناس في ذلك الوقت العصيب، كشفاعة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الخاصة، وشفاعة النبيين والصديقين والملائكة والشهداء والصالحين والولدان، وغير ذلك.[١٠]

المراجع

  1. الدرر السنية، "معنى الشفاعة في اللغة"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 7/12/2021. بتصرّف.
  2. "ما هي الشفاعة؟ وما هي أقسامها؟"، طريق الإسلام، 11/1/2007، اطّلع عليه بتاريخ 7/12/2021. بتصرّف.
  3. الدرر السنية، "معنى الشفاعة في الشرع"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 7/12/2021. بتصرّف.
  4. سورة البقرة، آية:255
  5. سورة النجم، آية:26
  6. ^ أ ب خالد المصلح، شرح لمعة الاعتقاد لخالد المصلح، صفحة 7. بتصرّف.
  7. "ما هي الشفاعة ؟ وما هي أقسامها؟ "، طريق الإسلام، 11/1/2007، اطّلع عليه بتاريخ 7/12/2021. بتصرّف.
  8. سورة الأنبياء، آية:28
  9. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:183، صحيح.
  10. "أنواع الشفاعة"، الإسلام سؤال وجواب، 8/2/2002، اطّلع عليه بتاريخ 7/12/2021. بتصرّف.