من هوَ أوّل الأنبياء؟

إنّ أوّل الأنبياء والمرسلينَ هو أبونا آدمَ عليه السّلام، وقد دلّت آيات القرآن الكريم على ذلِك؛ فإنّ الله تعالى أوحى إليه بشرعِ وأمرَه بتطبيقِه في حياتِه وفي ذرّيتِه، حيث إن بنيه وذريته لم يكونوا كفاراً، وقد أرسله الله تعالى إليهم؛ لتعليمهم الإيمان وكيفية طاعته، وقد نصّ الحديث الشّريف الوارد عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (أنَّ رجلًا قالَ : يا رسولَ اللَّهِ ، أنبيٌّ كانَ آدمُ ؟ قالَ : نعم ، مُعلَّمٌ مُكَلَّمٌ).[١][٢]


قصة آدمَ عليه السّلام في القُرآن الكريم

لقد قصَّ الله عزّ وجلّ قصصَ الأنبياء والمُرسلين، وذلِك لأخذ العِبر والدّروس المُستفادة كالثّبات والاستِقامة والموعِظة؛ فقال تعالى: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ)،[٣]، ومن أكثر الأنبياء الذين جاءَ ذكرُهم في كتابِ الله هو أبونا آدم عليه السّلام، فقد ذكرَ الله تعالى قصّته في مواطن متفرّقة في القرآن الكريم؛ فجاء ذكره في سور عدة؛ كالبقرة، والأعراف، والكهف، والحجر، وص، وقد أخبر الله سبحانه ملائكتَه قبل خلقِ آدم عليه السّلام أنّه جاعلٌ في الأرض خليفة؛ حيث شرّف الله سبحانه وتعالى آدمَ عليه السّلام بأربعِ تشريفاتٍ خاصّة لم تكن لغيرهِ من الأنبياء؛ فأكرمَه الله أن جعلَ خلقَه بيده العظيمة، ثمّ نفخ فيهِ من روحِه، وجاءَ أمرُه لملائِكتِه بالسّجود له، وختاماً أكرمَه أن علّمه الأسماءَ كلّها،[٤] وفيما يأتي تفصيل بعض الشيء لذلك:[٥]


كيفيّة خلق آدم عليه السّلام:

لقد أوضح القُرآن الكريم كيفيّة خلقِ آدم عليه السّلام وأصله؛ فخلقه الله تعالى من طينٍ؛ وذلِك من حمأٍ مسنون متغيّر، حتّى صارَ الطّين صلصالاً فخارياً، ثّم نفخ الله فيه الرّوح؛ فغدا إنساناً متحركاً ذا قدراتٍ متنوّعة ماديةٍ ومعنويّة.


سجودُ الملائكة لآدم عليه السّلام

لقد أمر الله سبحانه وتعالى إبليس والملائكة السجود لآدم، وذلك تشريفاً وتكريماً له، فسجد الملائكةُ كلّهم أجمعون؛ وأبى إبليس لعنه الله السجود؛ ففسق وزاغ واستكبر.

مخالفةُ إبليس وعقابُه من الله تعالى لعدم تنفيذه أمر ربّه

لقد أبدى إبليس احتجاجَه على السّجود لآدم، وذلِك على أنّه ليس بأفضل منه، بأنه خيرٌ منه، بأن خُلق من نارٍ، وخلق الله تعالى آدم من طينٍ؛ على اعتبارٍ منه أنّ النّار أشرفُ وأعلى من الطّين؛ فطرده الله من رحمتِه؛ بسبب كبره وعنادِه وجحودِه، ومع ذلِك طلبَ أن يُنظِره الله ليوم الدّين؛ فأنظره الله لذلك اليوم؛ وتوعّد بالغواية لآدم وذريّته.


استخلافُ الله تعالى آدم في الأرض، وتعليمِه الأسماء كلّها

لقد أعطى الله تعالى ملائكته خبراً في حديثِه معهم أنّه سيجعلُ آدم خليفةً في الأرض، بحيث تكون له فيها ولاية وسلطة في التّحكم بما فيها، فتساءلوا سبب ذلِك علماً وحكمةً منهم؛ أن كيف سيجعل في الأرض المفسدين، في حين أنّهم هم الملائكة أهل طاعة وبعدٍ عن المعاصِي، فأخبرهم -سبحانه- أنّه يعلم ما في السّموات وما في الأرض، وهم لا يعلمون، وهذا ممّا اختصّ به سبحانه، ثمّ علّم الله تعالى آدم -عليه السلام- وشرّفه على الملائكة بتعليمه الأسماءَ المحسوسة كلّها من جماد وحيوان وزرع وغيره.


سَكنُ آدمَ وزوجِه حواء الجنّة، ثمّ خروجهما منها

لقد جعل الله تعالى سُكنى آدم الجنّة، ثمّ خلق له زوجَه حواء، وقد أباح لهما الاستمتاعَ فيها والأكل من كلّ الأشجار، إلا شجرةً واحدة نهاهما عنهما؛ فحصل أن بقي إبليسُ اللعين يُغوِيهما بالأكل من تلك الشّجرة، وأقسم لهما أنّه ناصحٌ، وأنّها شجرةٌ تصبحان بالأكل منها ملَكين؛ فأكلا منها فتكشّفت عوراتُهما، وأخذا يسترانِ أنفسَهما بورقٍ من الجنّة؛ حتّى عاتبهما الله تعالى؛ فتاب آدم -عليه السلام- بعد غوايتِه من إبليسَ واستغفر ربّه؛ فقبل الله توبته، ولكنه -سبحانه- أهبطهما إلى الأرضِ للاستقرار والعيش فيها.


المراجع

  1. رواه محمد شاكر، في عمدة التفسير، عن أبو أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم:104/1، صحيح على شرط مسلم.
  2. "من هو أول نبي ومن أول رسول؟"، إسلام ويب، 1/5/2003، اطّلع عليه بتاريخ 18/10/2021. بتصرّف.
  3. سورة هود، آية:120
  4. د أمين عبد الله الشقاوي (17/6/2018)، "نبي الله آدم عليه السلام"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 18/10/2021. بتصرّف.
  5. وهبة الزحيلي، التفسير المنير للزحيلي، صفحة 145-146. بتصرّف.