يعرف السّجود في اللغة بأنه مصدرٌ من سجد الساجد سجوداً، ويقصد به التّذلل والخنوع والخضوع،[١] وأما في الاصطلاح الشرعي: فهو الميل والانحناء باتجاه الأرضِ بشكل كاملٍ، وذلك بوضع سبعة أعضاء محددة وتمكينها على الأرض، وهذه الأعضاء هي الجبهة والأنف واليدين والركبتين وأطراف القدمين، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أُمِرْتُ أنْ أسْجُدَ علَى سَبْعَةِ أعْظُمٍ علَى الجَبْهَةِ، وأَشَارَ بيَدِهِ علَى أنْفِهِ واليَدَيْنِ والرُّكْبَتَيْنِ، وأَطْرَافِ القَدَمَيْنِ).[٢][٣] وعبادة السجود لها شأن عظيم في الإسلام، فهي عبادة جليلة لا تكون إلا لله عز وجل، حيث يظهر فيها العبد افتقاره وحاجته إلى ربه، فالسجود أعلى مراتب الخضوع والتذلل، وأعظم مظاهر العبوديه والافتقار، وأصدق علامة على إيمان العبد وتوحيده وإخلاصه ومحبته لله تعالى.[٤]


لماذا سجد الملائكة لآدم؟

سجود الملائكة الكرام لأبينا آدم -عليه السّلام- معلومٌ بالضرورة أنه ليس سجود عبادة؛ إذ يكون سجود العبادة لله وحده -سبحانه وتعالى-، وأمر الله تعالى ملائكته السجودَ لآدم -عليه السّلام- هو على سبيل التقدير والاحترام والتحية، تكريماً له واعترافاً بفضله، وامتثالاً لأوامر الله تعالى، [٥] وقد ورد في محكم التنزيل: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ)[٦]، والناظر في الآيات في سورة البقرةِ التي احتوت القصة كاملة يرى أنّ الله -عزّ وجلّ- بعدما خلق آدم -عليه السلام- ونفخ فيه الروح، أخذ سبحانه وتعالى بتعليمه الأسماء كلها، إذ قال جلّ وعزّ: (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَـؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ)[٧]، وهذا التعليم من الله -عزّ وجلّ- لأبينا آدم -عليه السّلام- قد جاء قبل أمر الملائكة بالسجود له؛ حيث علّمه الله تعالى الأسماءَ كلها ومَنّ عليه بشرف العلم، وأمره بتعليمِ الملائكةِ تلك الأسماءَ، وهذا مما يدل على أهمية العلم وشرف حامله فقد جاء الأمر بالسجود لآدم -عليه السلام- بعدَ حدثِ التّعليم.[٨]


وتجدر الإشارة أن سجود التعظيم والتكريم كان معروفاً ومشروعاً عند سائر الأقوام السالفة التي قبلنا، ولم يكن ينافي سجود العبادة آنذاك، إلى أن جاء الدين الإسلامي وألغاه وحرّمه، بحيث يبقى السجود الذي هو عبادةٌ لله تعالى وحدَه.[٥]


سجودُ الملائكة لآدم

جاءت قصة أبينا آدم -عليه السّلام- وسجود الملائكة له مكرّرةً في القرآن الكريم بشكلٍ لافتٍ وملحوظ؛ حيث إن من عقيدة أهل السّنة والجماعة أن الله -عزّ وجلّ- أمر كلّ ملائكة الأرض والسماء السجودََ لآدم -عليه السّلام-، وتستجيبُ الملائكة وتُسلّم لأمر الله -تبارك وعلا- فتخرّ سُجداً لآدم -عليه السّلام- قُربةً وطاعةً وتسليماً لأمرِه -سُبحانه وتعالى-، وفي الجانب الآخر فإنّ إبليسَ -عليه لعنة الله- يتكبّر ويأبى ويجحد ذاك الأمر من الله -عزّ وجلّ-، حيث قال الله تعالى في القرآن الكريم: (فَسَجَدَ المَلائِكَةُ كُلُّهُم أَجمَعونَ* إِلّا إِبليسَ أَبى أَن يَكونَ مَعَ السّاجِدينَ).[٩][١٠]


المراجع

  1. "تعريف السجود في معجم المعاني الجامع"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 9-8-2021. بتصرّف.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:812، صحيح.
  3. "الفرق بين الركوع والسجود"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 9/8/2021. بتصرّف.
  4. "فضائل السجود لله ملك الملوك "، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 9/8/2021. بتصرّف.
  5. ^ أ ب رقم الفتوى: 170919 (7-2-2012)، "سجود الملائكة لآدم سجود تحية وتكريم"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 4-8-2021. بتصرّف.
  6. سورة البقرة، آية:34
  7. سورة البقرة، آية:31
  8. د. عبدالمنعم نعيمي (24-12-2014)، "قراءات في العلم من قصة خلق آدم صلى الله عليه وسلم"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 4-8-2021. بتصرّف.
  9. سورة الحجر، آية:30-31
  10. "المبحث الرابع: سجود الملائكة لآدم عليه السلام"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 9-8-2021. بتصرّف.