إنّ الله سبحانه وتعالى لمّا خلقَ الخَلق لم يخلقهم عبثاً، وإنّما بعثَ إليهم الرّسل والأنبياء، ليقيمَ الحُجّة على النّاس، وجعل هؤلاءِ الرّسل والأنبياء مبلّغين عنه سبحانه، حتّى يُخرجوا النّاس من الظّلمات إلى النّور، ومن عبادةِ العِباد إلى عبادةِ ربّ العباد، وقد اصطفاهم الله سبحانه وتعالى من البشر، وفضلهم على من سِواهم، ونزل عليهم وحيَه بواسطة جبريل عليه السّلام؛ إذ نحنُ نؤمن بهم جميعاً، سواءٌ كانَ ممّن ذُكرت أسماؤهم أو لم تذكر، ونؤمن كذلِك بمن قُصّت علينا قصّته وبمن لم تُقصّ، وقد جاءَ الحديثُ عن الرّسل والأنبياء في كتابِ الله تعالى كثيراً؛ فالإيمان بهم ركنٌ من أركان الإيمان، والتّصديق بما جاؤوا به من الأخبار فرعٌ عن الإيمان بهم؛ إذ لا يصحّ الإيمان بهم دونَ تصديقِهم، وقد أعلمنا سبحانه وتعالى أنّه أرسل في كلّ أمّة رسولاً للدعوةِ إلى عبادته سبحانه وحدَه، وصرف العبادةِ عمّا سِواه؛ فقال تعالى: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ)،[١] إلا أنه هناك بين الرسل والأنبياء فروق، سيتم بيانها في هذا المقال


ما الفرقُ بين النبيّ والرّسول؟

تتعدّد الفروقات بين الرّسول والنبيّ، وهذه الفروقات تتلخّص من حيثُ:[٢][٣][١]


المعنى اللّغويّ

النبيّ جاءَ اشتقاقُه من النّبأ، أيْ منبئٌ ومخبرٌ عن الله عزّ وجلّ، ومن النّبوة: وهي المكان المرتفعُ عن الأرض، أي أن الله أعلى منزلته بين الخلق، والرّسول جاءَ اشتقاقُه من رَسلَ، ومن الرّسالة، ومبلّغُها الرّسول الذي يؤدّي هذهِ الرّسالة، وأصلُ الرّسل هو البعثُ بسهولةٍ ويسرِ وتؤدةٍ، لذلك يُقال: ناقة رسلة: أيْ هي سهلةُ السّير.[٤]


المعنى الشرعي

النبيّ: هو إنسانٌ حُرّ ذكر أوحى الله عزّ وجلّ إليه شرعاً، ولم يؤمَر بتبلِيغه ولكنّه أُمِر بالتّعبّد به، والرّسول: هو من أوحى الله عزّ وجل شرعاً، وأمرَه بتبلِيغه، وعليه فإنّ كلّ رسولٍ نبيّ وليس كلّ نبيّ رسول، فالرسول أخصّ، والنبي أعم، وقِيل: إنّ النبيّ: هو الذي أوحيَ إليه أن يتبِعَ ويُجدّد شرعَ من كان قبلَه، وأُمر بإرشاد قومه بأوامر رسالة رسولٍ سبقه فهو يُعتبرُ مجدداً، والرّسول: هو إنسانٌ حرٌّ ذكر أنزل الله عزّ وجلّ عليه الرّسالة بأكملِها.


استقلال الرسالة

إذ إنّ الرّسل هم من أرسلهم الله برسالات مستقلةٍ، مثلَ سيّدنا موسى عليه السّلام؛ فقد أُرسِل بالتوارة، وإبراهيم عليه السّلام أرسِل بالصّحف، وكذلِك سيّدنا مُحمّد صلّى الله عليه وسلّم، أمّا الأنبياء فهم لم يبعثوا برسالةٍ مستقلةٍ من الله تعالى، وإنّما بُعِثوا مبلّغين عن رسالةٍ سابقةٍ ومؤكدين ما تتضمنه، وذلِك مثلَ أنبياءِ بني إسرائيلَ بعد سيّدنا موسى، فكانوا يحكّمون بالتوراة، عليهم أجمعين أفضل الصّلوات وأتمّ التسليم.


الأفضلِيّة

إنّ الرّسول أفضلُ من النبيّ؛ وما ذلِك إلّا لتميّزِه عن النبيّ بالرسالة المستقلّة من عند ربّه، فمُهمَّة الرسول أعظم وأكبر وأجلُّ من مُهمَّة النبي، وفي كلٍّ منهما فضلٌ عليهم الصّلاة والسّلام أجمعين.


المراجع

  1. ^ أ ب عبد المحسن العباد، شرح الأربعين النووية، صفحة 6-7. بتصرّف.
  2. "ما الفرق بين النبي والرسول؟ وهل إسماعيل وصالح من الرسل؟"، إسلام ويب، 14/7/2020، اطّلع عليه بتاريخ 11/11/2021. بتصرّف.
  3. محمد الحسن الددو الشنقيطي، دروس الشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي، صفحة 13. بتصرّف.
  4. محمد بن عبد الرحمن الخميس، أصول الدين عند الإمام أبي حنيفة، صفحة 467. بتصرّف.