تعد الملائكة من المخلوقات التي يصعب على الإنسان تصورها، حيث لا يمكن للعقول أن تتصورها؛ وذلك لكونها من المخلوقات الغيبية التي أُخفيت صورتها على الإنسان، ومع هذا فإنه يكون معرفة أوصافها وخصائصها من طريق واحد، ألا وهو الشرع؛ فهو الوسيلة الوحيدة التي يمكن التوصل بها إلى صفات هذه المخلوقات الخفية، ولعلّ الحديث عن نوع معين من تلكم الملائكة يعطينا فكرة عامة عن مدى عظم خلقها وتكوينها، وإذا كانت أوصاف جهنم من الأهمية بمكان لدى جميع من يؤمن بالله واليوم الآخر، كان الحديث عن عدد الملائكة الذين يحملونها أمراً عظيماً، ولعلنا سنجيب في هذا المقال عن هذا السؤال.
كم عدد الملائكة الذين يحملون جهنم؟
يصل عدد الملائكة الذين يحملون جهنم ويأتون بها يوم القيامة إلى أربعة مليارات وتسعمائة مليون ملك،[١] استدلالاً بالحديث الصحيح الصريح الذي أخرجه الإمام المسلم في صحيحه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر عن عدد حملة جهنم بقوله: (يُؤْتَى بجَهَنَّمَ يَومَئذٍ لها سَبْعُونَ ألْفَ زِمامٍ، مع كُلِّ زِمامٍ سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ يَجُرُّونَها)،[٢] فعدد ملائكة حملة جهنم هو ناتج ضرب سبعون ألف زمام بسبعين ألف ملك؛ الأمر الذي يؤكد العدد الكبير لتلك الملائكة، فضلاً عن عظم جهنم التي أعدها الله تعالى للكافرين، وفي هذا الحديث إشارة إلى أن هذه النار تُبَرَّز وتظهر يوم القيامة، حيث تقوم الملائكة بسحبها بسبعين ألف زِمام، ومعنى الزمام هو ما يشدّ به الشيء ويربطه من حبل ونحوه، فالزمام الواحد يمسكه سبعون ألف ملك، فيؤتى بها إلى أرض المحشر، ليراها جميع الخلائق، ترهيباً وتخويفاً لهم،[٣] وعليه فالواجب على المسلم أن يتجهّز لذلك الموطن العظيم؛ فيعمل بالقُرُبات المنجّيات من تلك النار.
الفرق بين حملة جهنم وخزنة جهنم
لا شك أن الفرق جلياً بين الملائكة التي تحمل جهنم كما جاء في الحديث السابق، وبين خزنة جهنم الذين ورد ذكرهم في قوله تعالى: (عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ)،[٤] حيث إن الخزنة هم الذين يقفون على أبواب جهنم، ويقومون بحراستها وحفظها، ويتولون تعذيب أهلها، والحملة كما دلّ الحديث هم الذين يجرّون جهنم، وفي هذا جاء أن عدد الخزنة تسعة عشر ألفاً، وقيل: إن على كل باب من أبواب جهنم تسعة عشر خزاناً؛ أي رئيساً، تحت يد كل واحد منهم أربعمائة ألف ملك، وقد استُدل على هذا العدد من قوله تعالى: (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ)،[٥] مما يدلّ على كثرتهم، ولهذا كانت فتنة المشركين من باب عدد الملائكة، حيث ظن هؤلاء المشركين أنهم يقدرون على قتال العدد المذكور في الآية، وفي المقابل كان ذلك العدد المذكور فيه زيادة استقرار الإيمان واليقين بخبر الله تعالى في قلوب المؤمنين، والحاصل أن كلا الصنفين من الملائكة له عدد عظيم لا يقدر قدره إلا الله تعالى.
المراجع
- ↑ "أعداد الملائكة"، الدرر السنية الموسوعة العقدية، اطّلع عليه بتاريخ 7/11/2021. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:2842 ، صحيح.
- ↑ "143 باب الخوف"، الإمام ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 7/11/2021. بتصرّف.
- ↑ سورة المدثر، آية:30
- ↑ سورة المدثر، آية:31