جاء الأنبياءُ والمرسلون متتابعين من عندِ الله عزّ وجلّ؛ والنبيّ هو كلّ إنسانٍ أوحيَ إليه مخبراً من عندِ الله تعالى لقومِه وللطّائفة من حولِه، وإنّ النبيّ بشكلٍ عامّ له القدر العظيمُ عند الله عزّ وجلّ وعند النّاس أجمعينَ، فالأنبياء ما هم إلّا مناراتُ هدىً في دربِ التّائهين، أرسلَهم الله تعالى ليُخرِج النّاس من عبادةِ العبادِ إلى عبادةِ ربّ العباد، ومن ظلماتِ الضّلال والغواية إلى أنوار المعرفةِ والهداية، وقد أرسل الله عزّ وجلَ رحمةً بخلقِه أنبياءً ومرسلين كُثر؛ فقال تعالى: (وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ)،[١] فَوصلَ عددُهم ما يُقاربُ مائةٍ وأربعةٍ وعشرين ألفَ نبيّ ورسول، ويصل عددُ الأنبياء منهم ثلاثمائةٍ وخمسةِ عشر نبياً.[٢][٣]
كم عددُ الأنبياءِ في القُرآن؟
لقد جاءَ الاتّفاق في الجُملة على أنّ عدد الأنبياءِ الذين قد ذُكروا في القُرآنِ الكريم خمسةٌ وعشرون نبياً، فأتى ذكرُهم صريحاً بأسمائهم، ثمانيةً عشر منهم وردوا في سورةٍ واحدةٍ وهي الأنعام، وسبعةٌ هم الباقون وردت أسماؤهم في كتابِ الله تعالى منثورةً متفرّقة؛ فقال تعالى في محكمِ آياتِه في سورة الأنعام: (وَتِلكَ حُجَّتُنا آتَيناها إِبراهيمَ عَلى قَومِهِ نَرفَعُ دَرَجاتٍ مَن نَشاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكيمٌ عَليمٌ* وَوَهَبنا لَهُ إِسحاقَ وَيَعقوبَ كُلًّا هَدَينا وَنوحًا هَدَينا مِن قَبلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ داوودَ وَسُلَيمانَ وَأَيّوبَ وَيوسُفَ وَموسى وَهارونَ وَكَذلِكَ نَجزِي المُحسِنينَ* وَزَكَرِيّا وَيَحيى وَعيسى وَإِلياسَ كُلٌّ مِنَ الصّالِحينَ* وَإِسماعيلَ وَاليَسَعَ وَيونُسَ وَلوطًا وَكُلًّا فَضَّلنا عَلَى العالَمينَ)[٤]؛ وبقيَ سبعةٌ تفرّقت أسماؤهم في القُرآن؛ وهم: إدريس، وهود، وصالح، وشعيب، وذو الكفل، وآدم، ومُحمّدٌ نبيّنا، صلواتُ الله عليهم وسلامُه عليهم كافّة، ومن هؤلاءِ أربعةٌ هم عربٌ؛ هود، وصالح، وشعيب، ونبيّنا صلّى الله عليهم وسلّم، والباقونَ من أممٌ مختلفة وأكثرُهم من بني إسرائيل، وآخرون من أممٍ سالفة سبقت عهد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.[٥]
واجبنا تجاه الأنبياء
إنّ ما يجب علينا اتّجاه الأنبياء من حقوقٍ لهم كثيرة، وذلِك لِما شرّفهم الله تعالى به من المكانة الرفيعة، والمنزلة السّامية، من إنزال الكتب السماوية عليهم وإرسال الوحي إليهم، ومن أهمّ هذهِ الحقوق:
- حقّ التّصديق؛ فالواجبُ علينا تصديقهم والإيمان بما جاءوا به جميعهم، فكلّ واحدٍ منهم مبلّغ عن الله تعالى ومخبِر عنه ما أمرَ به عزّ وجلّ، مع عدم التفريقِ بين أحدٍ منهم؛ فقال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّـهِ).[٦]
- حقّ الموالاة والاتّباع والمحبّة وتوخّي الحذر من بغضِ أحدٍ منهم أو عدائِه؛ فالواجبُ علينا اتّباعهم بما جاءوا به ومحبّتهم والبُعد عن الإساءةِ إليهم؛ فالإيمان بهم من أركانِ الإيمان الرّاسخة في عقيدةِ المسلم، فقال تعالى: (مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلَّـهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّـهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ).[٧]
- حقّ إعطائِهم الفضل اللّازم لهم والمنزلة التي أنزلهم الله تعالى إيّاها؛ فقال تعالى: (اللَّـهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّـهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ).[٨]
- حقّ الإيمان بالتفاضل فيما بينهم؛ فليس كلّهم على منزلة واحدةٍ، بل هناك تفاضلٌ بيهم؛ فقال تعالى: (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّـهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ).[٩]
- حقّ الصّلاة والسّلام عليهم، والثّناء الدّائم لهم فقد أمر الله تعالى بذلِك، وجاءَ صريحاً في القرآن الكريم؛ فقال عزّ وجلّ: (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّـهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى)،[١٠] وقال جلّ وعلا: (وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ).[١١][١٢]
المراجع
- ↑ سورة فاطر، آية:24
- ↑ سيد حسين العفاني، دروس الشيخ سيد حسين العفاني، صفحة 4. بتصرّف.
- ↑ سيد حسين العفاني، دروس الشيخ سيد حسين العفاني، صفحة 9. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنعام، آية:83-86
- ↑ صالح المغامسي، دروس الشيخ صالح المغامسي، صفحة 12. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية:64
- ↑ سورة البقرة، آية:98
- ↑ سورة الحج، آية:75
- ↑ سورة البقرة، آية:253
- ↑ سورة النمل، آية:59
- ↑ سورة الصافات، آية:181
- ↑ مجموعة من المؤلفين، أصول الإيمان في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 163-166. بتصرّف.