إنّ العشرةَ من ذي الحِجّة هي الأيّام العشر الأولى من شهرِ الله الحرام ذي الحجّة، وقد جاءت الأفضليّة لهذه الأيّام العشر المُباركات من عند الله سبحانه وتعالى؛ إذ فضّلها الله عزّ وجلّ بالكثير من الثّواب وعظيمِ الأجر، فقال تعالى: (وَالْفَجْرِ* وَلَيَالٍ عَشْرٍ)،[١] وقد ورد في الحديثِ الشريف عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ما يؤكّد ذلِك فقال: (ما العَمَلُ في أيَّامٍ أفْضَلَ منها في هذِه؟ قالوا: ولَا الجِهَادُ؟ قَالَ: ولَا الجِهَادُ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بنَفْسِهِ ومَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بشيءٍ).[٢] فالتّفضيل الحاصِل بهذه الأيّام أنّها جامِعةٌ لسائِر الأعمال الصّالحة؛ ففيها أداء فرضِ الحجّ، وفيها الرّكن الأعظم وهو الوقوف بعرفة، وذبح الأضاحِي قُربَةً لله عزّ وجلّ، وكذلِك فيها استحبابُ الصّيام، ويُستحسَن فيها من العمل الصّالح؛ الإكثار من ذكر الله تعالى، والدّعاء، والصّدقات، وغيرها من الصّالحات.[٣][٤]
شُروط عشرة ذي الحِجّة
لا يُعرَفُ لأيام العشر من ذي الحجة شروطٌ خاصّة بها عن غيرها من الأيّام، لكِنّها تُعرَف بابتداءِ شهرِها -كما أسلفنا- وتستمرّ عظمتُها إلى اليوم العاشِر، وحتّى أيّام التشريق كذلِك فهي من الأيّام الفاضِلة؛ ويُستحبّ فيها الإكثار من الأعمال الصّالحة، كما يُستحبّ صيامُ الأيّام التّسع مِنها، أيْ الأيّام التي هي قبل اليوم العاشِر، يوم النّحر، فهو يوم عيد للمسلمين لا يجوز صيامه.[٥]
أهمّ الأعمالُ الصّالحة في عشرة ذي الحِجة
هناك الكثير من الأعمال الصالحة التي يمكن القيام بها في عشرة ذي الحجة، ومنها:[٦]
- أداءُ فريضة الحجّ؛ فإنّ التّمكن من أدائِها من أعظم العِبادات التي هي من أركان الإسلام العظيم، إذ جزاؤها الجِنان من المولى الكريم؛ فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (العُمْرَةُ إلى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِما بيْنَهُمَا، والحَجُّ المَبْرُورُ ليسَ له جَزَاءٌ إلَّا الجَنَّةُ).[٧]
- صيامُ يوم عرَفة لغير الحاجّ؛ فإنّ صيامَ يوم عرفة اليوم التّاسع من شهر ذي الحجّة، يترتّب عليه تكفير سنةٍ سابقةٍ، وسنةٍ لاحقة، وذلِك لحديث النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ).[٨]
- ذبحُ الأضحية يومَ العيد؛ فإنّها من السّنن المؤكّدة عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فمن قَدر عليها ووسّع الله عليه؛ فليُضَحِ، والسّنة أن يكون المُضحي شاهداً على أضحيّته، ومباشراً في ذبحها.
- إكثارُ الذّكر لله سبحانه وتعالى؛ فإنّ الإكثار من ذكر الله تعالى، وخاصّة الباقيات الصّالحات، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، من أفضل الأعمال في هذه العشر، إذ قال تعالى: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّـهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ).[٩]
- سنّة التّكبير بعد الصّلوات المفروضة؛ ويبدأ التكبير من فجر اليوم التّاسع يوم عرفة إلى عصر آخر يومٍ من أيّام التشريق، وهو اليوم الثّالث عشر من ذي الحجّة.
- كافّة الأعمال الصّالحة؛ فإنّ كلّ عملٍ صالحٍ خيريّ يدخل في أفضليّة هذه الأيّام، مثل: صِلة الرّحم، وزيارة المريض، وكفالة الأيتام، ورعاية المسنين، ومساعدة الفقراء والمُحتاجِين، وإطعام الصّائمين، والصّدقات على المساكين والأرامِل.
المراجع
- ↑ سورة الفجر، آية:1-2
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:969، صحيح.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 118. بتصرّف.
- ↑ حسام الدين عفانة، كتاب الفتاوى، صفحة 15. بتصرّف.
- ↑ أهل الحديث، أرشيف ملتقى أهل الحديث، صفحة 269. بتصرّف.
- ↑ "عشر ذي الحجة.. اغتنموها ولا تضيعوها"، إسلام ويب، 15/7/2020، اطّلع عليه بتاريخ 9/12/2021. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:1773، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو قتادة الحارث بن ربعي، الصفحة أو الرقم:1162، صحيح.
- ↑ سورة الحج، آية:28