وجوب الإيمان بالقدر

يجب على العبد الإيمان بالقضاء والقدر، فهو مرتبط بالإيمان بالله تعالى وأسمائه وصفاته، فله علاقة بصفتي العلم والقدرة،[١] كما أن الإيمان بالقضاء والقدر ركن من أركان الإيمان، وأصل من أصوله، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أنْ تُؤْمِنَ باللَّهِ، ومَلائِكَتِهِ، وكُتُبِهِ، ورُسُلِهِ، والْيَومِ الآخِرِ، وتُؤْمِنَ بالقَدَرِ خَيْرِهِ وشَرِّهِ)،[٢] فمن أنكره وجحد به فقد خرج عن ملة الإسلام،[٣] وحتى يحقق العبد الإيمان بالقضاء والقدر وجب عليه أن يملأ قلبه يقيناً وثقةً بأن الأمور كلها بيد الله تبارك وتعالى، وأن ما سيصيبه إنما هو بقدر الله تعالى وعلمه وإرادته سبحانه، فعندما يدرك العبد كل هذا، يرضى بما قدّر له، وينشرح صدره، ويشعر بالطمأنينة في قلبه، ويتوكل على الله تعالى، آخذاً بالأسباب، مما يحقق له السعادة والراحة في الدنيا، ونيل الأجر والثواب في الآخرة، والفوز بالجنة.[٤]


شروط الإيمان بالقدر

لاكتمال إيمان العبد بالقضاء والقدر، يجب عليه أن يحقق عدة شروط، وتفصيل هذه الشروط كما يأتي:

  • الإيمان بشمولية علم الله: فيؤمن العبد بعلم الله تعالى المطلق، المحيط بكل شيء من الموجودات، والمعدومات، والمستحيلات، والممكنات، فعلمه شامل بما كان، وبما سيكون، وبما لم يكن لو كان كيف سيكون، ومما يدل على شمولية علم الله تعالى قوله تعالى: (لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا)،[٥] وهذه الشمولية تتضمن عدة وجوه، وهي كما يأتي:[٦]
  • علم الله تعالى بعباده وما يتعلق بهم، فيعلم أحوالهم، وأرزاقهم، وتحركاتهم، وسكناتهم، وسعادتهم، وشقاوتهم، كل ذلك قبل أن يخلقهم.
  • علم الله تعالى بمصير عباده، فيعلم من سيكون من أهل الجنة، ومن سيكون من أهل النار، قبل أن يخلقهم، وقبل أن يخلق الجنة والنار.
  • علم الله تعالى بالكفار المكذبين، الذين كذبوا الرسل وأعرضوا عن سماع الحق والهدى، وقاموا باتباع أهوائهم وشهواتهم، وحب الدنيا.
  • الإيمان بكتابة كل شيء في اللوح المحفوظ: فيؤمن العبد أن الله تعالى قد كتب كل شيء في اللوح المحفوظ، فمقاديرالمخلوقات، وكل ما حدث، وما يجري في الكون مكتوب عند الله تعالى، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّ أوَّلَ ما خلق اللهُ القلَمُ، فقال لهُ اكتُبْ، قال: ما أكتُبُ ؟ قال : اكتُبْ القدَرَ، ما كان و ما هو كائِنٌ إلى الأبَدِ)،[٧] وكتابة المقادير تتضمن عدة أمور، وهي كما يأتي:[٨]
  • التقدير الأزلي، فالله تعالى كتب الأقدار قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة.
  • التقدير عندما أخذ الله تعالى الميثاق من بني آدم.
  • التقدير العمري، فالله تعالى عندما يخلق النطقة في الرحم، يكتب ذكر هو أم أنثى، وأجله، وعمره، وعمله، ورزقه، وشقي هو أم سعيد.
  • التقدير الحولي، ويكون ذلك في ليلة القدر، فالله تعالى يكتب ويقدر فيها كل ما سيكون في السنة.
  • التقدير اليومي، وهو تنفيذ كل المقادير السابقة إلى كل ما كتِب وقدّر له.
  • الإيمان بإرادة الله ومشيئته: فيؤمن العبد بنفاذ مشيئة الله تعالى وإرادته في كل شيء، فكل ما يجري في هذ الكون إنما هو بمشيئة الله تعالى، فلا يخرج شيء عن إرادته، فما شاءه الله تعالى كان، وما لم يشأه لا يكن، وذلك في أفعاله سبحانه، من الخلق، والتدبير، والإرادة، والإماتة، والإحياء، وغيرهم، وفي أفعال عباده وأقوالهم، وأحوالهم، قال تعالى: (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ).[٩][١٠]
  • الإيمان بأن الله خالق كل شيء: فيؤمن العبد أن الله تعالى خلق كل شيء في السموات والأرض وأوجده، فخلق العامل والعمل، والمتحرك وحركته، والساكن وسكونه، وما من ذرة في السموات والأرض إلا والله خلقها وكوّنها، قال تعالى: (ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ).[١١][١٢]


المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، التعريف بالإسلام، صفحة 162. بتصرّف.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم:8، صحيح.
  3. الراجحي، شرح سنن ابن ماجه، صفحة 6. بتصرّف.
  4. "أثر الإيمان بالقدر في سلوك المؤمنين "، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 24/6/2021. بتصرّف.
  5. سورة الطلاق، آية:12
  6. عمر الأشقر، القضاء والقدر، صفحة 26-27. بتصرّف.
  7. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبادة بن الصامت، الصفحة أو الرقم:2017، صحيح.
  8. أحمد البيهقي، القضاء والقدر، صفحة 62-66. بتصرّف.
  9. محمد بن إبراهيم التويجري، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة، صفحة 178. بتصرّف.
  10. سورة يس، آية:82
  11. سورة غافر، آية:62
  12. أحمد البيهقي، القضاء والقدر، صفحة 75. بتصرّف.