الإيمان
جعل النبيّ -عليه الصلاة والسلام- الدين على ثلاث درجاتٍ؛ الأولى: الإسلام، والثانية: الإيمان، أمّا الثالثة: فالإحسان، فالإسلام يقوم على خمسة أركانٍ وهي المبيّنة بما ثبت في الصحيح عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ)،[١] أمّا الإيمان فيقوم على ستة أركانٍ قد ثبتت بقوله -عليه الصلاة والسلام-: (الإيمَانُ أنْ تُؤْمِنَ باللَّهِ ومَلَائِكَتِهِ، وكُتُبِهِ، وبِلِقَائِهِ، ورُسُلِهِ وتُؤْمِنَ بالبَعْثِ)،[٢][٣] ويُعرّف الإيمان في اللغة بأنّه التصديق، أمّا في الشَّرع فهو: التصديق بالله -عزّ وجلّ-، وملائكته، وكتبه، ورُسله، واليوم الآخر، والتصديق بالقدر خيره وشرّه.[٤]
أركان الإيمان
الإيمان بالله
يتضمّن الإيمان بالله -عزّ وجلّ- التصديق والاعتقاد الجازم الذي لا شكّ فيه بثلاثة أمورٍ؛ وهي: الإيمان بأنّه مالك وخالق وربّ كلّ شيءٍ، والإيمان بأنّه وحده مَن يستحقّ العبادة دون غيره، وأنّه متصفٌ بكلّ صفات الكمال ومنزهٌ عن كلّ عيبٍ ونقصٍ، أي أنّ الإيمان بالله -تعالى- لا يتحقّق إلّا بثلاثة أمورٍ بيانها آتياً:[٥]
- توحيد الربوبية: ويعني الاعتقاد الجازم بأنّ الله -تعالى- وحده ربّ كلّ شيءٍ دون شريكٍ له، وهو المتصرّف في الكون الخالق له بكلّ ما فيه المدبّر أموره، من رزقٍ وتغييرٍ وإحياءٍ وإماتةٍ وغير ذلك.
- توحيد الألوهية: ويعني الاعتقاد الجازم الخالص بأنّ الله -تعالى- هو مَن يستحقّ العبادة وحده وأنّه الإله الحقّ الذي لا إله غيره، ممّا يعني التوجّه بكلّ أنواع بالعبادة إليه وحده، ممّا يُوجب:
- إخلاص المحبّة لله -سبحانه- بعدم تقديم محبة أي شيءٍ أو أي شخصٍ على محبّته -سبحانه-، أو المساواة بين محبّته ومحبة غيره.
- التوجّه بالدعاء لله وحده، والتوكّل والاعتماد عليه والرجاء منه وحده.
- الخوف من الله وحده.
- التوجّه بالعبادات بمختلف أنواعها لله وحده، سواءً العبادات البدنية؛ كالصلاة والسجود والركوع والصيام، أمّ العبادات القولية؛ كالنَّذر والاستغفار والتسبيح.
- توحيد الأسماء والصفات: ويعني الاعتقاد الجازم بأنّ الله -تعالى- متّصفٌ بكلّ صفات الكمال ومنزّهٌ عن أي نقصٍ، وأنّه متفرّدٌ عن كلّ الكائنات والمخلوقات فلا يُشابهه أو يُماثله أحدٌ، وبناءً على ذلك فلا يجوز التحريف في ألفاظ أو معاني أسمائه أو صفاته، أو تعطيل ونفي بعضها، أو تشبيهها بالمخلوقات، بل يجب الإيمان بما ثبت في القرآن الكريم والسنة النبوية من أسماءٍ وصفاتٍ دون تجاوزها أو النقص منها أو الزيادة عليها أو تحريفها أو تعطيلها، والإيمان أيضاً بعدم قدرة العباد على إدراك حقيقة صفات الله.
الإيمان بالملائكة
الإيمان بالملائكة يعني الاعتقاد الجازم بأنّ الله -تعالى- خلق ملائكةً من نورٍ، يؤدّون الوظائف والمَهام التي أمرهم الله -سبحانه- بها، ولا يعصونه أبداً، والاعتقاد الجازم أيضاً بوجودهم، وبما ورد فيهم من صفاتٍ وأعمالٍ ثبتت في القرآن الكريم والسنة النبوية دون زيادةٍ أو نقصٍ أو تحريفٍ.[٦]
الإيمان بالكتب السماوية
الإيمان بالكتب السماوية يعني التصديق الجازم بأنّ جميع الكُتب المُنزلة على الأنبياء والرُسل -عليهم الصلاة والسلام- من عند الله -تعالى-، وأنّ الكلام الوارد فيها كلامه -عزّ وجلّ-، وتتفرّع الكتب السماوية إلى نوعَين؛ الأول: ما ذُكر في القرآن الكريم وهي: التوراة المُنزلة على موسى -عليه السلام-، والإنجيل المُنزل على عيسى -عليه السلام-، والزَّبور المُنزل على داود -عليه السلام-، وصُحف إبراهيم وموسى، والثاني: ما لم يُذكر في القرآن، فقد وردت الأدلّة مشيرةً إلى أنّ الله -تعالى- أنزل على بعض رُسله كُتباً إلّا أنّه لم يذكر اسمها، قال -عزّ وجلّ-: (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّـهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ)،[٧] مع الإشارة إلى أنّه يجب الإيمان بها جميعاً، مع الإشارة إلى أنّ جميع الكُتب السماوية نزلت مقرّرةً بتوحيد الله بألوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته.[٨]
الإيمان بالرُسل عليهم السلام
الإيمان بالرُسل -عليهم السلام- يعني التصديق والإقرار الجازم بما أخبر به الله -تعالى- عنهم في القرآن الكريم، وبما أخبر به النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في السنة النبوية، سواءً بياناً مجملاً؛ كالتصديق الجازم بأنّ الله -تعالى- بعث لكلّ أمةٍ رسولاً يدعوهم إلى توحيد الله، أم بياناً مفصّلاً؛ أي الإيمان والتصديق بكلّ الأنبياء والرُسل الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم، والإقرار بنبوّتهم وورسالاتهم، وبأخبارهم الواردة في القرآن والسنة، وبفضائلهم وخصائصهم وأخبارهم.[٩]
الإيمان باليوم الآخر
الإيمان باليوم الآخر أو بيوم القيامة يعني التصديق الجازم والإقرار بما أخبر به الله -سبحانه- في القرآن الكريم وأخبر به رسوله -عليه الصلاة والسلام- في السنة النبوية من الأخبار والأحداث التي ستقع بعد الموت؛ ممّا يكون في القبر، وما بعده من البعث، وأحداث يوم القيامة، وغير ذلك من الأمور الغيبية.[١٠]
الإيمان بالقدر خيره وشرّه
الإيمان بالقدر خيره وشرّه يعني الاعتقاد الجازم الحتميّ بأنّ الله -تعالى- يعلم كلّ شيءٍ قبل وقوعه وحدوثه، وأنّه قد كتب كلّ شيءٍ في اللوح المحفوظ في الملأ الأعلى، وأنّه قادرٌ على كلّ شيءٍ فإن أراده قال له كن فيكون، وأنّه خلق العباد وخلق ما قُدّر لهم من خيرٍ وشرٍّ، مع الإشارة إلى أنّ الشرّ إنّما هو شرٌّ بعين العباد وإنّما هو في الحقيقة خيرٌ.[١١]
المراجع
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:8، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:50، صحيح.
- ↑ ابن تيمية، الإيمان، صفحة 7-8. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، التعريف بالإسلام، صفحة 109. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، التعريف بالإسلام، صفحة 112-111. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، التعريف بالإسلام، صفحة 119-118. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية:213
- ↑ مجموعة من المؤلفين، التعريف بالإسلام، صفحة 127-125. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، أصول الإيمان في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 162-159. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، التعريف بالإسلام، صفحة 146. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، التعريف بالإسلام، صفحة 163. بتصرّف.