تنزل الملائكة في ليلة القدر من عند الله عزّ وجلّ إلى السماء الدنيا وعلى رأسهم روح القدس جبريل عليه السلام بإذنٍ من الله تعالى، حيث قال تعالى: (تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ)،[١] ويكون نزولهم أفواجاً بأعداد كبيرة، حتى تضيق بهم الأرض، فلا تبقى بقعة من الأرض إلا وفيها ملك، حيث جاء في الحديث: (إنَّ الملائِكةَ تلْكَ الليلةَ في الأرْضِ أكثَرُ من عدَدِ الحَصَى)،[٢]وتتنزل الملائكة في هذه الليلة المباركة على عباد الله تعالى المؤمنين وأوليائه القائمين على ذكر الله تعالى وعبادته واستغفاره، فيسلّمون عليهم، ويدعون لهم، ويحفظونهم من كل شر وأذى، وينشرون الخير والبركة، والرحمة والسلام، ويكتبون كل أمر قد قدره الله تعالى للخلائق للعام المقبل، من مقادير الأرزاق، والموت والحياة، والمرض والصحة، وجميع الأحوال، ويستمر تنزّل الملائكة وتبقى أبواب الرحمة مفتوحة فيها حتى طلوع الفجر، فتكون هذه الليلة ليلة سلام وأمن، وإيمان وخير، وبركة وحفظ، ومغفرة وعفو، وكل ذلك يدل على فضل هذه الليلة، وشرف ومكانة عباد الله المؤمنين.[٣][٤][٥]


ما هي ليلة القدر؟ وما فضلها؟

ليلة القدر هي ليلة من الليالي العشر الأخيرة من شهر رمضان المبارك، وهي غير محددة ومعينة بليلة من هذه العشر، وذلك لِما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه من حديث الصحابي أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: (فَالْتَمِسُوهَا في العَشْرِ الأوَاخِرِ، والتَمِسُوهَا في كُلِّ وِتْرٍ)،[٦] وتعد ليلة القدر من الليالي المباركة والعظيمة في الإسلام، حيث اختصها الله تعالى وميزها دون غيرها من الليالي بعدة أمور، وفيما يأتي بيان بعض فضائلها:[٧]


ليلة نزول القرآن الكريم

حيث أنزل الله تبارك وتعالى القرآن الكريم بواسطة جبريل -عليه السلام- على عبده ورسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- في هذه الليلة، فقال في كتابه: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ).[٨]


ليلة مباركة

وصف الله -تبارك وتعالى- ليلة القدر بأنها ليلة مباركة، حيث قال في كتابه: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ)،[٩] فليلة القدر مباركة؛ لكثرة خيرها، وعظم أجرها وفضلها، وانتشار سلامها وأمنها وسكينتها، وذلك لكل مسلم حرص على اغتنامها في أداء الطاعات والعبادات، حيث يضاعف الله تعالى أجر العمل الصالح فيها، ويترتب على ذلك الكثير من الحسنات والثواب، فالعمل الصالح فيها أفضل من عمله في ألف شهر، فقال تعالى: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ).[١٠]


ليلة التقدير والفصل

فقد ميّز الله تعالى هذه الليلة بأن جعل فيها تقدير مقادير الخلائق للعام القادم، من كتابة الأرزاق والآجال، والحوادث والأعمال، وكل ما كائن في العام المقبل، وهذا كله بأمر الله تعالى ومشيئته وعلمه، فقال في كتابه: (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ).[١١]


ليلة المغفرة

ففي ليلة القدر يغفر الله تعالى الذنوب، ويمحو السيئات، ويعفو عن الخطايا، وذلك لمن قامها بإخلاص، واحتسبها لله عزّ وجلّ، ابتغاء مرضاته، فجاء في الحديث: (مَن قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ).[١٢]


المراجع

  1. سورة القدر، آية:3-4
  2. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:5473، حسن.
  3. وهبة بن مصطفى الزحيلي ، التفسير الوسيط للزحيلي، صفحة 2907-2906. بتصرّف.
  4. محمد سيد طنطاوي، التفسير الوسيط للقرآن الكريم، صفحة 464. بتصرّف.
  5. "ليلة القدر "، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 30/9/2021. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:2027، صحيح.
  7. عبد الله بن صالح القصير، تذكرة الصوام بشيء من فضائل الصيام والقيام وما يتعلق بهما من أحكام، صفحة 59-61. بتصرّف.
  8. سورة القدر، آية:1
  9. سورة الدخان، آية:3
  10. سورة القدر، آية:3
  11. سورة الدخان، آية:4
  12. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:1901، صحيح.