الملائكة وطالب العلم
ثبت في كثير من الأحاديث النبوية الشريفة أن الملائكة تنزل من السموات العلى إلى الأرض لتحضر مجالس العلم والذكر، وتجتمع فيها وتحيط بمن فيها من طلاب العلم والعلماء، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وَما اجْتَمع قَوْمٌ في بَيْتٍ مِن بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عليهمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَن عِنْدَهُ..)،[١] فطالب العلم الذي يسلك طريق العلم ويذهب إلى مجالس العلم له رتبة عالية ومقام عظيم عند الله تعالى وعند ملائكته، حيث تفرح به الملائكة، وتعظّمه وتوقّره، وتدعو وتستغفر له، وتفرش أجنحتها تواضعاً له، ورضاً بما صنع من طلبه للعلم وسعيه واجتهاده في تحصيله، وصبره وتحمله في الذهاب إلى بيوت الله تعالى وغيره من الأماكن لطلب العلم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وإنَّ الملائكةَ لَتضعُ أجنحتَها لطالبِ العلمِ رضًا بما يصنع)،[٢] وعندما تصعد الملائكة إلى السموات العلى تقوم بذكره عند الله عزّ وجلّ، فيذكره الله تعالى في الملأ الأعلى فيمن عنده من الملائكة، وكل ذلك دليلاً على علو مكانة طالب العلم وشرفه عند الله تعالى وعند ملائكته.[٣][٤]
فضل العلم وطلبه
لقد مدح الله تعالى العلم وأثنى على أهله، وبيّن أهمية طلبه، وحثّ عباده على التزوّد منه، فهو من أفضل الأعمال الصالحة التي يتقرب بها العبد إلى ربه، فللعلم في شريعتنا الإسلامية مقام عظيم وفضل كبير، وفي يأتي بيان بعض فضل العلم:[٥][٦]
- العلم ميراث الأنبياء، فأنبياء الله تعالى هم خير خلقه، فهم لم يورثوا درهماً ولا ديناراً بل ورثوا العلم، ومن طلب العلم وحصّله فقد حظي بحظ عظيم وكبير، فالعلما هم ورثة الأنبياء وأمناء الله تعالى على الأرض في دينه ووحيه، ومرجع الناس إليهم، فهم يحفظون الشريعة ويحكمون بأوامر الله تعالى، وهذا يدل على عظم مكانتهم وقدرهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وإنَّ العلماءَ ورثةُ الأنبياءِ ، وإنَّ الأنبياءَ ، لم يُوَرِّثوا دينارًا ، ولا درهمًا ، إنما وَرّثوا العلمَ ، فمن أخذه أخذ بحظٍّ وافرٍ).[٢]
- العلم يبقى لصاحبه حتى بعد موته، حيث إن العلم لا يفنى ولا يزول بعد ممات العالم مثل المال، بل يبقى بعد مماته ولا ينقطع، حيث ينتفع به غيره ويستفيد منه، مما يؤدي إلى زيادة ومضاعفة أجره وحسناته، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ..).[٧]
- العلم وطلبه طريق لدخول الجنة، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وَمَن سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فيه عِلْمًا، سَهَّلَ اللَّهُ له به طَرِيقًا إلى الجَنَّةِ)،[١] وهو مصدر السعادة والخير في الدنيا والآخرة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَن يُرِدِ اللَّهُ به خَيْرًا يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ).[٨]
- العلم سبب لرفعة أهله في الدنيا والآخرة، ففي الآخرة يرفع الله تعالى أهل العلم بالدرجات والمنازل في الجنة، وفي الدنيا يرفع الله تعالى مقامهم ومنزلتهم عند الخلق بحسب علمهم وعملهم وإخلاصهم في ذلك، قال تعالى: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ).[٩]
- العلم نور يبصر به صاحبه طريقه، ويستضيء به، فيعرف من خلاله كيف يعبد ربه ويتعرف عليه، وكيف يخشاه ويخافه، وكيف يعامل الناس، ويعلمهم أمور دينهم ودنياهم، وكيف يصدّ الفتن التي يتعرض لها، ويميز الحق عن الباطل.
المراجع
- ^ أ ب رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:2699، صحيح.
- ^ أ ب رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبو الدرداء، الصفحة أو الرقم:6297، صحيح.
- ↑ أحمد حطيبة، شرح رياض الصالحين، صفحة 6. بتصرّف.
- ↑ محمد خليفة التميمي، طالب العلم بين أمانة التحمل ومسؤولية الأداء، صفحة 9-10. بتصرّف.
- ↑ محمد حسين يعقوب، منطلقات طالب العلم، صفحة 63-67. بتصرّف.
- ↑ ابن عثيمين، العلم، صفحة 13-17. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:1631، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن سفيان بن أبي معاوية، الصفحة أو الرقم:1037، صحيح.
- ↑ سورة المجادلة، آية:11