النفخ في الصور علامة عظيمة، فهو نقطة تحوّل الكون، وإيذانٌ بنهاية الحياة الدنيا وبداية الحياة الأخروية، إذ تبدأ أحداث يوم القيامة وأهوالها، فلا يستطيع الإنسان حينها فعل شيء، وعرّف أكثر أهل العلم أن الصور هو عبارة عن قرن يُنفخ فيه، وقد وكل الله تعالى الملك إسرافيل عليه السلام لمهمة النفخ في الصور، حيث إنه مستعد للنفخ منذ أن خلقه الله تعالى، ينتظر أمره لفعل ما وكله به.[١][٢]


كم عدد نفخات الصور يوم القيامة؟

تعددت أقوال أهل العلم في عدد نفخات الصور يوم القيامة، فمنهم من قال أن عددها ثلاث نفخات، وهم نفخة الفزع ونفخة الصعق ونفخة البعث، ومنهم من قال أن عددها نفختان، وهي نفخة الصعق ونفخة البعث، وهذا ما ذهب إليه أكثر أهل العلم وثبت بالأدلة الصحيحة الصريحة، حيث قال تبارك وتعالى: (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللَّـهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ)،[٣] وأخرج البخاري في صحيحه من حديث الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما بيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أرْبَعُونَ، قالَ: أرْبَعُونَ يَوْمًا؟ قالَ: أبَيْتُ، قالَ: أرْبَعُونَ شَهْرًا؟ قالَ: أبَيْتُ، قالَ: أرْبَعُونَ سَنَةً؟ قالَ: أبَيْتُ)،[٤] والمقصود من جوابه صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى لم يأذن له أن يخبرهم المدة التي بين النفختين، هل أربعون سنة أم شهراً أم يوماً؟، وفيما يأتي بيان هاتين النفختين:[٥][٦]


نفخة الصعق

وهي النفخة الأولى، وتسمى النفخة الراجفة، حيث قال تعالى: ( يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ )،[٧] وتسمى كذلك بالصيحة، ويقصد بالصعق: الموت والهلاك والفناء والدمار، فإنه بسماع هذه النفخة يموت كل من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله تعالى أن يبقيه، فهي نفخة مدمرة مهلكة، لا يستطيع الإنسان عند سماعها أن يوصي بكلمة واحدة، ولا يستطيع أن يرجع إلى أهله، فإنه يموت مباشرة، قال تعالى: (مَا يَنظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ* فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ)،[٨] وتأتي هذه النفخة والناس حينئذ منشغلون في الدنيا وملذاتها.


نفخة البعث

وهذه هي النفخة الثانية، وتسمى بالنفخة الرادفة، قال الله عزّ وجلّ في كتابه: (تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ)،[٩] فعندما يأمر الله تعالى الملك إسرافيل عليه السلام بالنفخة الثانية وهي نفخة البعث يفيق جميع الموتى ويقومون من قبورهم، حيث يبعث الله تعالى جميع خلقه بعد أن أماتهم، ولذلك سمّين بنفخة البعث، وهي النفخة المقصودة في قوله تبارك وتعالى: (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ)،[١٠] فيخرج الجميع من قبورهم إلى أرض المحشر، وذلك لبدء الحساب والجزاء من الله جلّ وعلا، فقال تعالى: (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ).[١١]


المراجع

  1. سعيد بن مسفر، دروس للشيخ سعيد بن مسفر، صفحة 7. بتصرّف.
  2. محمد حسان، الدار الآخرة، صفحة 1. بتصرّف.
  3. سورة الزمر، آية:68
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:4935، صحيح.
  5. "أهوال يوم القيامة النفخ في الصور"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 14/9/2021. بتصرّف.
  6. عمر الأشقر، اليوم الآخر القيامة الكبرى، صفحة 39-40. بتصرّف.
  7. سورة النازعات، آية:6
  8. سورة يس، آية:49-50
  9. سورة النازعات، آية:7
  10. سورة يس، آية:51
  11. سورة المطففين، آية:6