من أول شفيع للناس يوم القيامة؟
النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو أول شافع يشفع للناس يوم القيامة، فعندما يقف الناس يوم القيامة بانتظار الحساب، وتدنو الشمس من رؤوسهم، وتشتد حرارتها، يذهبون إلى النبي آدم عليه الصلاة والسلام، يطلبون منه أن يشفع لهم عند الله عزّ وجلّ لبدء الحساب وتعجيله، فيردهم ويقول لست لها، ثم إلى نوح عليه السلام فيردّهم، ثم إلى إبراهيم عليه السلام ويردّهم، ثم موسى فعيسى عليهم السلام، حتى يصلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فيطلبونه للشفاعة، حيث يقول النبي عليه الصلاة والسلام في ذلك: (فأنْطَلِقُ حتَّى أسْتَأْذِنَ علَى رَبِّي، فيُؤْذَنَ لِي، فإذا رَأَيْتُ رَبِّي وقَعْتُ ساجِدًا، فَيَدَعُنِي ما شاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُقالُ: ارْفَعْ رَأْسَكَ وسَلْ تُعْطَهْ، وقُلْ يُسْمَعْ واشْفَعْ تُشَفَّعْ، فأرْفَعُ رَأْسِي، فأحْمَدُهُ بتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ، ثُمَّ أشْفَعُ فَيَحُدُّ لي حَدًّا، فَأُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ).[١]
فيسأله النبي صلى الله عليه وسلم أن يقضي بين الخلائق ويبدأ الحساب، فيقضي الله تعالى بينهم، وهذه هي الشفاعة الأولى والعظمى، وهي المقام المحمود الذي وعده الله تعالى به، فقال تعالى: (عَسى أَن يَبعَثَكَ رَبُّكَ مَقامًا مَحمودًا)،[٢] وتجدر الإشارة إلى أن أولى الناس بنيل شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم الموحدين، المخلصين في قولهم لا إله إلا الله، حيث قال عليه الصلاة والسلام: (أسْعَدُ النَّاسِ بشَفَاعَتي يَومَ القِيَامَةِ، مَن قالَ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، خَالِصًا مِن قَلْبِهِ، أوْ نَفْسِهِ)،[٣] ولا ينال شفاعته صلى الله عليه وسلم من خالف شريعته ونهجه، وخالف أوامره وسنته، وقام بعصيانه وعدم طاعته، حيث قال تعالى: (فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ).[٤][٥][٦]
الشفعاء يوم القيامة
هناك من ينال شرف الشفاعة يوم القيامة غير النبي صلى الله عليه وسلم، منهم:[٧]
- الملائكة: ثبتت شفاعة الملائكة الأبرار يوم القيامة في نصوص القرآن الكريم والسنة المطهرة، منها قوله تعالى: (وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّـهُ لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَى).[٨]
- الأنبياء والصالحون: أكرم الله تعالى أنبياءه وعباده الصالحين واصطفاهم بالشفاعة يوم القيامة، حيث جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (فيَقولُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: شَفَعَتِ المَلائِكَةُ، وشَفَعَ النَّبِيُّونَ، وشَفَعَ المُؤْمِنُونَ، ولَمْ يَبْقَ إلَّا أرْحَمُ الرَّاحِمِينَ).[٩]
- الشهداء: حيث يكرم الله تعالى من يموت شهيداً يوم القيامة بالشفاعة، وقد ثبت أنه يشفع لسبعين من أهله، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الشهيدُ يشفَعُ في سبعينَ مِنَ أهلِ بيتِهِ).[١٠]
شروط الشفاعة يوم القيامة
للشفاعة شرطان لا بد من تحققهما، وهما كما يأتي:[١١]
- إذن الله تعالى: فلا بد أن يأذن الله تعالى للشافع أن يشفع للمشفوع له حتى تتحقق الشفاعة، إذ إن الشفاعة هي ملك لله تعالى، فليس لأحد أن يشفع لأحد دون إذنه، قال تعالى: (وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ).[١٢]
- رضا الله تعالى: فلا بدّ أن يرضى الله تعالى عن الشافع والمشفوع له لتحقق الشهادة، فالشافع لا بد أن يكون أهلاً لقيامه بالشفاعة وأن يكون من أهل الإيمان والصلاح، وكذلك المشفوع له لا بد أن يكون من أهل التوحيد المخلصين المتّبعين، حتى يرضى الله تعالى على الشافع والمشفوع له، وعن الشفاعة كلها، قال تعالى: (وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى).[١٣]
المراجع
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:4476، صحيح.
- ↑ سورة الإسراء، آية:79
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:99، صحيح.
- ↑ محمد بن خليفة التميمي، حقوق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 678-679. بتصرّف.
- ↑ محمود خطاب السبكي، الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق، صفحة 115-119. بتصرّف.
- ↑ سورة الشعراء، آية:216
- ↑ "عقيدة أهل السنة والجماعة في حقيقة الأقوال في الشفاعة"، دار الإفتاء، اطّلع عليه بتاريخ 8/9/2021. بتصرّف.
- ↑ سورة النجم، آية:26
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:183، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبو الدرداء، الصفحة أو الرقم:3747، صحيح.
- ↑ صالح آل الشيخ، شرح الطحاوية لصالح آل الشيخ، صفحة 206. بتصرّف.
- ↑ سورة سبأ، آية:23
- ↑ سورة الأنبياء، آية:28