الإيمان بالرسل عليهم السلام
يعدّ الإيمان بالرسل -عليهم السلام- أصلاً من أصول الدين الإسلاميّ؛ لأنّ الرسل -عليهم السلام- هم بمثابة الواسطة بين الله -عز وجل- وبين عباده، في توصيل الرسالة، وتبليغ الدين والدعوة، ويكون الإيمان بهم -عليهم السلام- بالتصديق الجازم بأنّهم مبعوثون من الله -تعالى-، والإقرار بنبوتهم، وأنّهم صادقون فيما أخبروا به عن الله -سبحانه-، وأنّهم يدعون إلى الهدى والرشاد، وينقذون الناس من الجهل والضلالة.[١]
وينبغي التنبيه إلى أنّ الإيمان بالرسل -عليهم السلام- واجب على كل مسلم، وقد دلّ على ذلك العديد من النصوص الشرعيّة الثابتة في الكتاب العزيز والسنة النبويّة، ونذكر منها على سبيل المثال الأدلة الآتية:[٢]
- قوله -تعالى-: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ۚ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)؛[٣] ففي هذه الآية الكريمة ذكر الله -تعالى- الرسل جميعاً ضمن من آمن بهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- ومن معه من المؤمنين، دون التفريق بينهم، أو الإيمان والتصديق ببعضهم، وترك الباقي منهم -عليهم السلام-.
- قوله -تعالى- في جزاء من يكفر بالرسل -عليهم السلام-: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا* أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا ۚ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا)،[٤] فهذه الآية الكريمة تحمل دلالة صريحة على أنّ التفريق بين الرسل في الإيمان تجعل صاحبها من الكافرين المستحقين للعذاب.
- قوله -صلى الله عليه وسلم- في تعريف الإيمان: (... أنْ تُؤْمِنَ باللَّهِ، ومَلائِكَتِهِ، وكُتُبِهِ، ورُسُلِهِ...)؛[٥] فكان ذكر الإيمان بالرسل -عليهم السلام- صريحاً مع بقيّة الأركان التي ينبغي على المسلم الإيمان بها وتحقيقها.
أهمية الإيمان بالرسل عليهم السلام
أشرنا في بداية المقال إلى أنّ الغاية من إرسال الرسل -عليهم السلام- تكمن في هدايتهم للعباد، وتبليغهم بأمر الله -تعالى-، ودعوتهم إلى التوحيد والإيمان، وإنذارهم من العذاب والضلال، وكل ذلك بأمر من الله -تعالى- وباختيار منه -سبحانه-، ومن هنا برزت أهميّة الإيمان بالرسل -عليهم السلام-، والتي يمكن تلخيصها على النحو الآتي:[٦]
- معرفة الله تعالى
إنّ المعرفة الصحيحة لله -سبحانه- لا تكون إلا بعد الإيمان بالرسل -عليهم السلام-، والإيمان بما جاؤوا به من عند المولى -سبحانه-، فيكون حينها التوحيد والإيمان على أحسن الوجوه، وكذلك معرفة الصفات والآيات والبراهين، مما يجعل الإنسان المؤمن يتقرب إلى الله -تعالى- بالعبادة والشكر والاستقامة والطاعات، والابتعاد عن النواهي والمنكرات، كما يجعله يهتدي إلى الشرائع الإلهيّة التي لا مجال فيها للأهواء.
- حسن الاقتداء
من حكمة الله -تعالى- في إرسال الرسل -عليهم السلام- أن جعلهم قدوة وأسوة للناس؛ في أخلاقهم، وحسن تبليغهم والتزمهم بدعوتهم، ومتابعتهم على نهجهم، والتحمّل في سبيل الله -تعالى- مثل ما تحملوا ولقوا من المصاعب والمشاق، ولا سيما أنّ الرسل -عليهم السلام- من جنس البشر لا من غيرهم، فهذا يكون أدعى للاقتداء الفعليّ بهم.
- الفوز والنجاة
إنّ اتباع الرسل -عليهم السلام- والإيمان بما جاؤوا به يقود إلى النجاة، والفوز في الدنيا والآخرة من التيه والعذاب؛ فهم المبلغون عن رب العالمين الذي يعلم بالأهدى والأحسن لعباده.
المراجع
- ↑ صالح الفوزان، الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد والرد على أهل الشرك والإلحاد، صفحة 177. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، أصول الإيمان في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 153-154. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية:285
- ↑ سورة النساء، آية:150-151
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم:8، صحيح.
- ↑ أحمد بن علي الزاملي، الآيات القرآنية الواردة في الرد على البدع المتقابلة دراسة عقدية، صفحة 438-440. بتصرّف.